“نقابة مخاريق” تعتمد قراءات أكاديميين لتعزيز ترافعها ضد قانون الإضراب

اعتمد الاتحاد المغربي للشغل على قراءات أكاديميين ضمن ندوة علمية حول قرار المحكمة الدستورية بشأن القانون التنظيمي للإضراب لانتقاد مضامين قانون الإضراب، معتبرا أن ملاحظات الأساتذة المختصين في المجال الدستوري أكدت مواقف النقابة التي رفضت القانون التكبيلي للإضراب.
واعتبرت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، في بلاغ اطلعت عليه جريدة “مدار21″، أن “القانون التكبيلي للإضراب خدعة لدستور البلاد حيث افرغ حق الإضراب من محتواه”، مؤكدة الحاجة إلى “ضرورة إعادة النظر في هذا القانون اللاشرعي وغير العادل لجعله أكثر انسجاما مع المبادئ الديمقراطية والقواعد الحقوقية بما يضمن حماية الحق في الإضراب”.
وتابعت قيادة وأطر الاتحاد المغربي للشغل، وفق البلاغ، “باهتمام بالغ الندوة التي نظمتها شعبة القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق اكدال وشعبة القانون العام بكلية الحقوق السويسي في موضوع: “قرار المحكمة الدستورية بشأن القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب: قراءات متقاطعة” بمشاركة عدد من الأساتذة المختصين”.
وأوردت النقابة أن هذا اللقاء العلمي تميز “بقراءات نقدية قيمة لقرار المحكمة الدستورية همت أساسا مقتضيات أثارت ولازالت تثير جدلا بين الحكومة والحركة النقابية حاول من خلالها الأساتذة الإسهام في إبداء الآراء الفقهية والملاحظات والتأويلات التفسيرية سواء على مستوى الشكل أو على مستوى الجوهر”.
ومن أبرز الملاحظات اللقاء، حسب البلاغ نفسه، أن “الإضراب حق يعلو على باقي الحقوق الاجتماعية والاقتصادية وممارسته حق دستوري صريح وأحد المقومات الجوهرية لممارسة الحريات النقابية”.
واستندت النقابة إلى أن “القاضي الدستوري لم يتطرق لمدى توافق مقتضيات القانون التنظيمي للإضراب مع المعايير الدولية الملزمة لبلدنا بناء على ديباجة دستور 2011 والتي تجعل الاتفاقيات الدولية (خاصة الاتفاقية الدولية رقم 98 حول حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية) المصادق عليها من طرف المغرب (العضو في منظمة العمل الدولية) جزءا من الكتلة الدستورية. و لذلك فالإشكال المطروح هو وجود مقتضيات قضت المحكمة الدستورية بدستوريتها تفرغ الحق في الإضراب من مضمونه الفعلي ويمكن أن يكون موضوع انتقادات من قبل لجنة الحريات النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية”.
وأوردت، ضمن ملاحظات اللقاء، أن “القاضي الدستوري اجتهد في تقديم حيثيات جديدة للدفاع عن “دستورية” مقتضيات لم تكن حتى الحكومة على معرفة بها عندما قدمت هذا القانون التنظيمي وناقشته بمجلسي البرلمان مما يجعل التساؤل مطروحا: هل ينتصر القضاء الدستوري للخيارات السياسية للحكومة؟”.
وواصل البلاغ أن المحكمة الدستورية كان عليها التصريح بمخالفة بعض بنود القانون التنظيمي لمقتضيات الدستور ويتجلى ذلك في نقطتين :”التشريع خارج الترخيص الدستوري إذ أن القانون التنظيمي يتضمن مقتضيات لا تدخل في المجالين المحصورين دستوريا (شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب)”، إضافة إلى “التأويل المعيب لمقتضيات الدستور عند تعريف الإضراب حيث تم اعتماد تأويل ضيق يتوسع في مجال منع حق الإضراب ولا يجعل من الإضراب جزءا لا يتجزأ من الحريات والحقوق الأساسية لجميع المغاربة حيث يهيمن منطق الضرورة العامة على منطق الحريات الأساسية”.
وضمن الملاحظات، تورد نقابة الاتحاد المغربي للشغل “كان من الأجدر عدم تمكين رئيس الحكومة من سلطة منع أو وقف الإضراب في حالات محددة وذلك بسبب ازدواجية وضعية رئيس الحكومة وتداخل أدواره كرئيس للإدارة ومشغل عمومي ووصي مشرف على القطاعات العمومية وشريك اجتماعي، وبالمقابل كان من الممكن أن يرجح القاضي الدستوري إسناد إصدار الأمر بمنع الإضراب أو وقفه بصفة استثنائية لجهة القضاء توخيا لنجاعة الانتصاف القضائي وتفاديا للتعسف في تأويل مقتضى استثنائي لعرقلة الحق في الإضراب”.
ولفتت إلى أن “المحكمة الدستورية اعتمدت كل الصيغ المتاحة لها لـ”تبييض” القانون التنظيمي للإضراب وإنقاذه من عدم الدستورية”، مشيرة إلى أن المداخلات أكدت أن “طول الآجال القانونية للإخبار بالإضراب وتعقيد مسطرة ممارسة الإضراب وتوسيع لائحة المرافق الحيوية وعدم تعريف دقيق للحد الأدنى للخدمة وإعطاء سلطات واسعة للسلطات العمومية لمنع الإضراب وحق فض الاعتصام دون الرجوع إلى القضاء واتخاذ إجراءات للحد من تأثير الإضراب، كلها إجراءات من شأنها أن تجعل هذا القانون التنظيمي قانونا لمنع ممارسة حق الإضراب وتكبيله عوض بسط شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق”.
وأردفت بالإشارة إلى أن “منطوق قرار المحكمة الدستورية لم تتم صياغته بالشكل الجيد، مما أثر على قراءة النص وعلى ظهير إصداره المؤرخ ب 17 رمضان 1446 والمنشور بالجريدة الرسمية يوم 24 مارس 2025، حيث اكتفت الأمانة العامة للحكومة بإعادة منطوق القرار أي التصريح بكونه غير مخالف للدستور مع مراعاة الملاحظات المتعلقة بالمواد 1 و5 و12 دون بيان مضمون هذه الملاحظات، والتي كان على القاضي الدستوري إعادة صياغتها في منطوق قراره حتى يضمن لها مجالا في ظهير نشر القانون التنظيمي وتصبح جزءا من هذا الظهير”.
وعبّر الاتحاد المغربي للشغل عن تحيته “النزاهة الفكرية والأمانة العلمية التي ميزت مداخلات الأساتذة المتخصصين في المجال الدستوري التي أنتجت خلاصات هامة تغني القضاء الدستوري ببلادنا”، مؤكدا أن خلاصات هذه الندوة “تنتصر للخيار الديمقراطي الذي أقرته بلادنا كثابت من ثوابت الأمة خاصة الحقوق الأساسية للطبقة العاملة ولعموم المواطنات والمواطنين وفي مقدمتها الحق في الإضراب”.
واعتبرت أن ملاحظات الأساتذة “أكدت مواقف الاتحاد المغربي للشغل الذي رفض القانون التكبيلي للإضراب الذي يقيد ويسلب ويجرم حق الإضراب الذي تكفله المقتضيات الدستورية والقواعد الحقوقية والمواثيق الدولية”، محملة الحكومة “مسؤولية نهجها الانفرادي وعدم استيعابها للمنهجية الديمقراطية التشاركية القائمة على إشراك الحركة النقابية واحترام مؤسسة الحوار الاجتماعي، حيث لم تعمل على حفظ توازن المصالح بين أطراف الإنتاج بل قامت بتغليب مصلحة أرباب العمل على حساب الطبقة العاملة بمختلف مكوناتها، مما يضرب في العمق مضمون الدستور حول الحق في الإضراب”.