من سيدد ديون الفقيه بن صالح التي خلفها مبديع؟

في ظل محاكمة الوزير السابق محمد مبديع، التي تتواصل أطوارها بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يطفو على السطح ملف ثقيل لا يقل خطورة عن التهم الموجهة إليه: الديون الضخمة التي تراكمت على جماعة الفقيه بن صالح خلال ربع قرن من التسيير. فهل ستتكفل الجماعة بسداد هذه القروض والفوائد التي التهمت ميزانيتها؟ أم أن الحلول ستظل رهينة باسترجاع الأموال المختلسة؟
فمنذ انطلاق جلسات محاكمة مبديع، انتصب المجلس الجماعي للفقيه بن صالح كطرف مدني في القضية، عبر مستشاره القانوني الأستاذ صالح مرشدي من هيئة بني ملال، في محاولة لاسترجاع الأموال المختلسة. بحيث تواجه المحكمة ملفًا حافلًا بالاتهامات، أبرزها تبديد المال العام، التلاعب بالصفقات، التزوير، تضخيم الفواتير، الارتشاء، استغلال النفوذ، وغسل الأموال.
وتلاحق مبديع وعدد من الموظفين والمقاولين تهما بتبديد ميزانية الجماعة في مشاريع وهمية أو متعثرة، وفق تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي استندت إليه الشكاية المرفوعة من طرف الجمعية المغربية لحماية المال العام – فرع الدار البيضاء سطات.
و بحسب مصادر مطلعة، فإن الأموال المختلسة يعود أصل أغلبها إلى قروض اقترضتها الجماعة من أجل التأهيل الحضري وتطوير البنية التحتية، لكن بدل أن تترجم هذه القروض إلى تنمية حقيقية، وجد سكان الفقيه بن صالح مدينتهم غارقة في ديون متراكمة وصراعات سياسية، بينما تحول بعض المنتخبين والمقاولين ولوبيات العقار إلى أثرياء.
وتشير التقارير إلى أن الجماعة تؤدي سنويًا 40 مليون درهم كقروض وفوائد، نصفها فوائد، وستظل هذه الالتزامات المالية مستمرة حتى سنة 2030. هذه المصاريف تُعتبر نفقات إجبارية تؤدى في بداية كل عام، ما يجعل الجماعة مقيدة بعبء مالي ضخم يؤثر بشكل مباشر على قدرتها على إنجاز مشاريع جديدة.
و في الوقت الذي بلغت فيه مداخيل الجماعة 115 مليون درهم سنة 2024، بفائض يُقدر بـ1.5 مليون درهم، كانت هذه الأرقام أقل بكثير خلال فترة تسيير مبديع، حيث لم تتجاوز المداخيل سنة 2022 (91 مليون درهم)، بفائض هزيل لم يتعدَّ 400 ألف درهم، وهو ما يعكس حجم التبذير وسوء التدبير المالي الذي طبع المرحلة السابقة.
وتعيش مدينة الفقيه بن صالح تعيش اليوم تداعيات سياسات تسييرية أوصلتها إلى حافة الإفلاس، وبينما تستمر المحاكمة في الكشف عن مزيد من الحقائق، يبقى الأمل معلقًا على قدرة القضاء في تحقيق العدالة، واستعادة أموال المواطنين التي ضاعت بين قروض متراكمة وصفقات مشبوهة