معهد يُنبِّه لقُصور “السجل الإجتماعي” ويُحذِّر من توسيع دائرة الهشاشة

نبه المعهد المغربي لتحليل السياسيات إلى تأثير نقائص السجل الاجتماعي الموحد على منهجية الاستهداف وتوسيع دائرة الفقر والهشاشة في المجتمع، مبرزاً أن الصيغة الحسابية المعتمدة لتنقيط الأسر قد تؤدي إلى إقصاء أصناف عديدة من الأسر التي لا يمكن أن تحصل على مؤشر يؤهلها لاستفادة من برامج الدعم.
وأوضحت المعهد، في الدراسة التي نشرها التي نشرها بعنوان “هل تحول السجل الاجتماعي الموحد إلى آلية لإرساء دولة الحد الأدنى؟”، لصاحبها الباح سعيد الشرقاوي، أنه “رغم المكاسب الأولية الناتجة عن العمل بمنهجية السجل الاجتماعي الموحد إلا أن سيرورة تفعيله تظهر أنه ينطوي على العديد من الإشكالات القانونية والعيوب المسطرية والمنهجية التي تحد من كفاءة منهجية الاستهداف”.
وبخصوص المقتضيات القانونية المنظمة لهذا السجل، أشارت الدراسة إلى أن “القانون القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي يتضمن عدة مقتضيات قانونية تمييزية، من بينها اشتراط التقييد في السجل الوطني للسكان الإدلاء بما يثبت عنوان السكن (المادة 06 منه)، وكذلك الاستناد على تعريف المندوبية السامية للتخطيط لمفهوم الأسرة التي يحق لها التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد (المادة 02 منه)”، مبرزةً أن “هذه القواعد تشكل تمييزا قانونيا ضد بعض الفئات الهشة مثل: المشردين، والأشخاص بدون مأوى، وكذلك ضد الأسر التي لا تتوفـر علـى مـا يثبـت عنـوان سـكنها (مثل أسر دور الصفيح )، أو الأسر التي لا تطبق عليها عناصر تعريف الأسرة كالنساء في وضعية صعبة أو الأشخاص بدون أسر”.
بالإضافة إلى ذلك، لفت المصدر ذاته إلى أن “اعتماد التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد على آلية التصريح الذاتي يؤدي إلى إقصاء الأسر التي قد تجد صعوبة في التعبير عن رغبتها في الاستفادة من الدعم، سواء بسبب تعقد مسطرة التسجيل، أو البعد الجغرافي، أو نقص الوصول إلى الأدوات التكنولوجيا الحديثة، أو لعدم إلمامها بالمعلومات المتعلقة بالبرامج الاجتماعية”، مسجلاً أن “هذا التمييز يشكل إخلالا بمبدأ المساواة وحظر التمييز، الذي يعد من المبادئ الأساسية الدولية المؤطرة للحق في الحماية الاجتماعية”.
وفي ما يتعلق بمنهجية انتقاء الأسرة المستهدفة، أكد المعهد أنها “تواجه انتقادات لعدم تعبيرها بدقة عن الوضع المعيشي للأسر، حيث تعتبر بعض الممتلكات (مثل الهواتف أو اللاقط الهوائي) متاحة للجميع ولم تعد تعكس مستوى الرفاهية أو الفقر الفعلي، مما يجعل قوائم الأسر المؤهلة للدعم التي يصدرها السجل الاجتماعي الموحد غير دقيقة في تحديد الفئات الأكثر هشاشة، والمستحقة فعليا للدعم”.
واعتبرت الوثيقة ذاتها أن “الاعتماد الكلي على الرقمنة في السجل الاجتماعي الموحد يطرح تحديات مزدوجة” لافتةً إلى أنه “من جهة يفتقر العديد من المستهدفين إلى المهارات والأدوات الرقمية اللازمة للتسجيل وتتبع الطلبات، مما يدفعهم للاستعانة بالغير مقابل تكلفة مالية إضافية، وهو ما يترتب عنه انتهاك صريح لمعطياتهم الشخصية، ومن جهة أخرى تظهر المعالجة التقنية قصورا في التعامل مع الفقر المركب للأسر”.
وسجلت الدراسة أن “المعالجة التقنية تعتمد على حسابات رياضية لا تعكس الواقع المعيشي، ناهيك عن التأخر الحاصل في معالجة طلبات المواطنين المتعلقة بتحيين المعطيات أو مراجعة تنقيط الأسرة أو التشطيب في السجل، وهو ما يجعل استحقاق الدعم رهينا للمنظومة التقنية مع استبعاد دور التقييم البشري في تدقيق المعطيات وتصحيح أخطاء المعالجة الحاسوبية”.
وشددت خلاصات الدراسة إلى أنه من الناحية المنهجية، تؤدي الصيغة الحسابية المعتمدة لتنقيط الأسر إلى إقصاء أصناف عديدة من الأسر التي لا يمكن أن تحصل على مؤشر يؤهلها لاستفادة من برامج الدعم رغم أنها تعاني من الفقر والهشاشة، مثل الأسر المكونة من فرد واحد أو تلك التي تتكون من مسنين أو النساء المطلقات والأرامل بدون أطفال، بالإضافة إلى الأسر التي تمتلك ممتلكات أو يتوفر أفرادها على مؤهلات تعليمية.
وبخصوص عتبة الاستحقاق، أورد المصدر ذاته أن “اتجاه الحكومة إلى تحديد العتبة المؤهلة للاستفادة من برنامج “AMO TADAMON” عند مستويات منخفضة جدا (9,32 بالنسبة لبرنامج التأمين الصحي التضامني و9,74 لبرنامج الدعم النقدي المباشر) يصعب أن تستجيب لها الأسر الفقيرة”، مشدداً على أن “هذا يعني أن العتبة ليس سوى آلية تقنية محكومة برهانات سياسية مخفية تهدف أساسا إلى تضييق نطاق الفئات المستهدفة من برامج الدعم، مما يعني السعي نحو تحجيم كتلة الإنفاق الاجتماعي للدولة”.
وعن الدعم النقدي المباشر، سجل المعهد المغربي لتحليل السياسات أنه “قد يؤدي إلى تكريس الاتكالية الاقتصادية لدى الأفراد، وهو ما تظهره بعض المؤشرات، منها: لجوء العديد من الأفراد إلى بيع الممتلكات، وتقليص النفقات، وإغلاق الحسابات البنكية لتجنب فقدان الدعم، والهروب إلى القطاع غير المهيكل، مما يعيق انخراطهم في فرص عمل أو مشاريع مربحة”.
واعتبر المرجع نفسه أن “إلغاء الدعم الشامل بدون بدائل اقتصادية قد يؤدي إلى تدهور أوضاع بعض الطبقات، خاصة الطبقة الوسطى التي ستتحمل عبء ارتفاع أسعار المواد الأساسية والضغط الضريبي الإضافي تحد يافطة الضرائب التضامنية، كما أن الفئات الفقيرة وإن كانت ستستفيد من خدمات التغطية الاجتماعية، لكن تراجع أوضاعها الاقتصادية سيكون محتملا بسبب تفكيك صندوق المقاصة وارتفاع تكاليف المعيشة”.