اسليمي: المحكمة الدستورية بذلت مجهودا كبيرا لتبييض قانون الإضراب

أكد عبدالرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، أن قضاة المحكمة الدستورية بذلوا مجهودا كبيرا “لتبييض” القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، المحال عليها من طرف الحكومة لحسم دستورية نصوصه بعد التصديق عليه من طرف البرلمان بغرفتيه.
وأصدرت المحكمة الدستورية، أول أمس الخميس، قرارها حول القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، مؤكدة أنه لا يتعارض مع الدستور، مسجلة بعض الملاحظات المتعلقة بالمواد 1 و5 و12.
بهذا الصدد، يرى عبدالرحيم المنار اسليمي أن قراءة الطريقة والمضمون الذي تعاملت به المحكمة الدستورية مع القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، توضح أن قضاة المحكمة الدستورية “بذلوا جهدا كبيرا لتبييض مشروع القانون التنظيمي وإنقاذه من عيب عدم الدستورية”.
وأضاف شارحا “من خلال مضمون قرار المحكمة الدستورية يبدو أن قضاة المحكمة كانوا أمام خيارين، الأول إما استعمال مناهج التأويل التحفظي التي قد تكشف عيوب عدم الدستورية في بعض مقتضيات مشروع القانون التنظيمي، والثاني يتجلى في قيام القاضي الدستوري بدور المفسر والشارح لمشروع القانون التنظيمي والقيام بدور التبييض القانوني لمشروع القانون التنظيمي لإنقاذه من عيب عدم الدستورية”.
وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط على أن “الخيار الثاني، المتمثل في تبييض مشروع القانون التنظيمي وإنقاذه، ذهبت فيه المحكمة الدستورية لعوامل متعددة منها الأهمية الاستراتيجية لهذا القانون التنظيمي، وطول انتظاره لمدة 63 سنة منذ دستور 1962، وهاجس الحفاظ على سمو الدستور والكتلة الدستورية المغربية بعيدا عن فتحها أمام الاتفاقيات الدولية”.
وأكد أن قضاة المحكمة الدستورية “اختاروا مقاربة المنهجية الأقل تكلفة المعتمدة على تفسير مضامين هذا القانون التنظيمي، حيث تحول القاضي الدستوري في قراره إلى شارح ومفسر لمضامين مشروع القانون الحاملة لاختيارات المشرع، وأحيانا يبدو القرار وكأنه مرافعة حول مشروع القانون التنظيمي لحق الإضراب، وذلك لإنقاذه من عيب عدم الدستورية”.
وأشار اسليمي إلى أن كل ذلك يفسر “لماذا لم يقل القاضي الدستوري في قراره إن مواد مشروع القانون التنظيمي مطابقة للدستور وإنما صرح أنها غير مخالفة للدستور”، مؤكدا أن “قضاة المحكمة الدستورية قدموا لنا في القرار تفسيرا لما يريده المُشرِّع، فقد أعطوا معنى لما جاء به المشرع”.
وسجل أنه بناء على المنهجية المعتمدة في قرار المحكمة الدستورية فـ”القاضي الدستوري ابتعد عن مناهج التأويل التحفظي بكل أنواعها، وذلك لكيلا يلزم المشرع بإعادة صياغة النص وعرضه مجددا على المجلسين وما قد ينتج عن ذلك من صراعات سياسية جديدة”.
ولفت إلى أن القاضي الدستوري كان بإمكانه أن “يعمد إلى التأويل التحفظي التوجيهي المدعم، ولكنه اختار أسلوب تفسير ما جاء به المشرع، ورغم أن القاضي الدستوري صرح بأن بعض مقتضيات المادة الأولى المسماة بأحكام عامة لا علاقة لها بالقانون التنظيمي، فإنه لم يطلب حذفها، ولم يطلب تحويلها إلى ديباجة للقانون التنظيمي”.
وأبرز المتحدث ذاته أن التوجه المنهجي الذي اختارته المحكمة الدستورية له تفسير مرتبط بوظيفتها في الضبط وإدارة التوازنات والتفكير بالمصلحة العليا، مشددا على أن “السؤال الآن مرتبط بالملاحظات التي قدمتها المحكمة في قرارها واشترطت ضمنيا الأخذ بها لما أوردت عبارة: مع مراعاة الملاحظات”، متسائلا “هل سيقوم المشرع بتدوين هذه الملاحظات في ملحق مشروع القانون التنظيمي قبل نشره؟”.
وأوضح عبدالرحيم المنار اسليمي أن قرار المحكمة الدستورية وملاحظاتها حول بعض مواد قانون الإضراب سيبرز “دور الأمانة العامة في مراقبة نص مشروع القانون التنظيمي الذي سيصلها للنشر”، مؤكدا أن الأمانة العامة للحكومة “ملزمة بمراقبة هل ملاحظات المحكمة الدستورية على ثلاث مواد من مشروع القانون التنظيمي موجودة في النص أم لا؟”.
واسترسل موضحا “بلغة دستورية، لا يمكن للأمانة العامة نشر مشروع القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب دون وجود ملاحظات المحكمة الدستورية في ملحق مع مشروع القانون التنظيمي”، مؤكدا أن “وجود ملاحظات المحكمة الدستورية شرط جوهري لنشر القانون التنظيمي للإضراب في الجريدة الرسمية، وسننتظر كيف سيتم نشر مشروع القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب”.