النيابة العامة تشكو الخصاص وضغط المهام ومطالب برفع عدد قضاتها بـ1000 قاضٍ

وقف التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة على النقص الذي تعرف هذه الهيئة القضائية على مستوى قضاتها، داعيةً إلى الرفع من عدد قضاة النيابة العامة، وسد الخصاص المسجل بحوالي 1000 قاض بالنظر إلى الازدياد المضطرد الذي تعرفه المهام الموكولة إلى النيابات العامة سنة بعد أخرى.
وأورد التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة لسنة 2023، أن الزيادة في عدد القضاة من شأنها أن توفر للمسؤولين على النيابات العامة مجالاً أرحبا لتدبير أمثل للموارد البشرية وحسن تصريف الأشغال بمؤسساتهم، مشددةً على ضرورة مراعاة الجودة والتخصص وضبط مجال التكوين وهو ما يفضي بالضرورة إلى تحقيق النجاعة والفعالية فضلا عن تجويد مستوى الأداء والخدمات المقدمة للمرتفقين.
ودعا التقرير إلى تعزيز النيابات العامة بالعدد الكافي من الموظفين تفاعلا مع الطلبات الموجهة لوزارة العدل من قبل المسؤولين القضائيين، مع الحرص على التوظيف في بعض التخصصات التي أضحت النيابات العامة في حاجة إليها، كالمعلوميات، وعلم الإحصاء، والاهتمام بتطوير قدرات المساعدات والمساعدين الاجتماعيين.
وفي ما يخص محاكم الاستئناف، أوصت الوثيقة ذاتها باتخاذ التدابير الكفيلة بتعزيز محاكم الاستئناف بالعدد الكافي من المستشارين والتي تتسم بتمركز قضايا المعتقلين الاحتياطيين، مبرزةً أن هذا التدبير سيكفل الزيادة في عدد الهيئات القضائية المختصة في البت في هذه القضايا ويساعد على حسن تدبير وضعية الاعتقال الاحتياطي، وبالتالي الإسهام في معالجة الاكتظاظ الذي تعرفه بعض المؤسسات السجنية.
وعلى مستوى الموارد اللوجستيكية والتقنية، أشار التقرير إلى أن تجهيز المحاكم بفضاءات مناسبة للاستقبال سيساعد على تنظيم استقبال المشتكين والمرتفقين بالنيابة العامة في ظروف ملائمة تستجيب لمعايير الجودة والسلامة، داعياً إلى تحسين النظم المعلوماتية ذات الصلة بعمل النيابات العامة لا سيما نظام saj2 بما يغطي جميع المراحل التي تمر منها الإجراءات بالنيابة العامة وجميع القرارات التي يصدرها قضاتها، بما في ذلك تتبع قضايا الأحداث والتحقيق الإعدادي، وتتبع التنفيذ الزجري لا سيما تنفيذ العقوبات السالبة للحرية والإكراه البدني والمراسلات الإدارية وباقي الإجراءات الأخرى التي لا يشملها النظام المعلوماتي حتى الآن.
ودعت رئاسة النيابة العامة إلى إحداث آليات بحث ذكية ولوحات قيادة متطورة تسمح للنيابات العامة بالتتبع الآني لوضعية الاعتقال الاحتياطي والمحاضر والشكايات، وتخول المراجعة الآلية للمحاضر والملفات الإكراه البدني المحرر في شأنها برقيات البحث للتأكد من موجبات بقائها أو المبادرة إلى إلغائها.
وأورد التقرير نفسه تعزيز بنية المؤسسات الاستشفائية المتخصصة في الطب النفسي والعقلي لضمان إيداع السجناء المحكومين بانعدام المسؤولية الجنائية بهذه المستشفيات في أقرب الآجال لتفادي بقائهم بالمؤسسات السجنية.
وفي نفس السياق، سجلت رئاسة النيابة العامة ضرورة تجهيز المستشفيات العمومية بأمكنة خاصة لاستشفاء السجناء مع توفير الإمكانيات البشرية واللوجستيكية الكفيلة بتأمين هذه الحراسة، بما في ذلك المعتقلين المودعين بمستشفيات الأمراض العقلية والنفسية بمقتضى أوامر قضائية، مع جعل فضاءات إقامتهم بهذه المؤسسات تراعي، بالإضافة إلى الشروط الصحية الشروط الأمنية اللازمة ليتأتى حراستهم وفق معايير السلامة المطلوبة.
وبخصوص تنفيذ السياسة الجنائية، دعا المصدر ذاته إلى التأطير التشريعي للمحاكمة عن بعد وللإجراءات التي يمكن إنجازها عبر وسائل الاتصال الحديثة، لاسيما ما يتعلق بالتبليغ عن بعد عبر الوسائل الالكترونية.
وعن مشروع تعديل القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية اللذان لايزالان قيد مسطرة التشريع والمصادقة، أوصت رئاسة النيابة العامة بالإسراع باعتماد القانونين المعدلين، والحرص على اشتمالهما على حلول تشريعية لتجاوز الصعوبات القانونية والواقعية التي أظهرها واقع الممارسة القضائية في تطبيق النصين الساريين حالياً ومواكبتهما للمستجدات التي عرفتها السلطة القضائية ببلادنا.
ولفت المصدر ذاته إلى الإسراع باعتماد النصوص القانونية المناسبة لتطوير بدائل الاعتقال الاحتياطي وبدائل العقوبات السالبة للحرية، داعياً إلى تحويل النيابة العامة لدى محاكم الاستئناف صلاحية تحريك الدعوى العمومية في حالة سراح سعيا الترشيد الاعتقال الاحتياطي.
وسجل التقرير ذاته ضرورة التعجيل باعتماد النصوص المؤطرة لإصلاح المهن القانونية والقضائية مع توحيد الإجراءات المنظمة للمساطر التأديبية التي تعرف حاليا اختلافا كبيرا بحسب كل مهنة، مع تفعيل توصيات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة التوصيات من 49 إلى 52 لاسيما في ما يتعلق بإحداث هيئات قضائية ومهنية مختلطة تتولى البت في الملفات التأديبية للمنتسبين إلى هذه المهن.
وأوصت رئاسة النيابة العامة بوضع حلول تشريعية لتجاوز الإشكالات العملية المرتبطة بتنفيذ العقوبات السالبة للحرية في حالة تعدد أوامر الإيداع الصادرة في حق نفس الشخص، وأيضا في حالة إدماج العقوبات، مع اعتماد الحلول التي استقر عليا الاجتهاد القضائي في هذا الشأن.
وبخصوص مراكز حماية الطفولة، خلصت توصيات رئاسة النيابة العامة إلى تطوير النصوص القانونية المنظمة لها وتوفير بنيات استقبال وإيواء ملائمة تراعي خصوصیات اختلاف الأوضاع القانونية للأطفال الذين قد يكونوا في تماس مع القانون أو في وضعية صعبة أو ضحايا جرائم.
وعن الموارد البشرية لجهاز الشرطة القضائية، دعا التقرير ذاته إلى الرفع من الموارد البشرية والمادية للشرطة القضائية، مع توفير آليات قانونية ولوجيستيكية فعالة لتطوير الأبحاث والتصدي للأشكال الحديثة للجريمة.
وأوصى المتحدث ذاته بتوفير الإطار التنظيمي والبنية المؤسساتية اللازمة لتمكين النيابات العامة من تفعيل الإجراء المتعلق بإيداع المدمنين على المخدرات في مؤسسات العلاج تفعيلا لمقتضيات الفصل الثامن من ماي 1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين.
ودعا التقرير ذاته إلى توفير البنيات المؤسساتية الضرورية لتنفيذ تدابير الحماية المقررة لفائدة ضحايا الاتجار بالبشر والنساء والأطفال ضحايا الجرائم، لاسيما مراكز الإيواء النساء المعنفات.