صحافة وإعلام

ندوة تنتقد واقع الصحافة: القوانين وحدها لن تُطهِّر القطاع من الخروقات

ندوة تنتقد واقع الصحافة: القوانين وحدها لن تُطهِّر القطاع من الخروقات

أجمع مهنيون ومسؤلون على قطاع الصحافة والنشر المغربي على أن ظاهرة انتحال صفة صحافي من طرف أشخاص لا علاقة لهم بها يزيد من احتمال خرق القواعد الأخلاقية للمهنة، مبرزين أن القوانين وحدها لا يمكن أن تكون كافية لضمان احترام أخلاقيات المهنة في الممارسة.

ودعا المشاركون في الندوة التي نظمتها اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة حول موضوع تجارب الهيئات المهنية في تدبير قضايا الأخلاقيات، إلى تعديل منظومة قوانين الصحافة والنشر خصوصا القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة في ضوء الاختلالات والإشكاليات التي أبانت عنها تجربة التأسيس.

وأكدت التوصيات التي خلصت إليها الندوة “ضرورة الالتزام الكامل والمطلق بميثاق أخلاقيات المهنة ومدونة السلوك، ومساهمة الهيئات التمثيلية للمهنيين، في احترام أخلاقيات الصحافة، والالتزام بمدونة حسن السلوك بين المهنيين أنفسهم وباقي أطراف المجتمع، والعمل داخل مختلف هذه التنظيمات على إشاعة روح التضامن والتآزر بين الزميلات والزملاء، وعدم الإساءة إليهم، ووضع الآليات التأديبية لاحترام الأخلاقيات وحسن السلوك”.

 وشددت الخلاصات ذاتها على أن القوانين وحدها لا يمكن أن تكون كافية لضمان احترام أخلاقيات المهنة في الممارسة، مستدركةً أنه لابد من إعمال سلطة  الضمير المهني، و لابد أيضا من تكثيف برامج التكوين والتأطير واقتناع العاملين في القطاع بمبادئ و قيم أخلاقيات المهنة و تشبعهم بها ، وامتثالهم لأبعادها و لمقاصدها.

 وأوصت الندوة بالاطلاع على تجارب التنظيم الذاتي لمهن مماثلة كما هو الشأن بالنسبة إلى القضاة والمحامين والأطباء والمهندسين والصيادلة والموثقين بهدف الاستفادة منها، والانفتاح على مختلف تجارب التنظيم الذاتي في مهنة الصحافة و الإعلام في العالم ،خصوصا في التجارب المماثلة .

وفي ما يتعلق بالمنظومة القانونية، ألحت التوصيات ذاتها على “ضرورة تعديل منظومة قوانين الصحافة والنشر خصوصا القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة في ضوء الاختلالات والإشكاليات التي أبانت عنها تجربة التأسيس، خصوصا ما يتعلق بالجوانب المسطرية وتنفيذ القرارات الخاصة بأخلاقيات المهنة”.

وأورد المشاركون في الندوة أنه لا بد من تحقيق وضمان المعادلة المنصفة بين قدسية حرية الصحافة والنشر والتعبير وحقوق الأفراد والمجتمع، بحيث يتحقق التكامل والانسجام، لتكون حرية الصحافة والنشر والتعبير في خدمة المصالح العامة للمجتمع وليس ضارة بها و مهددة إياها.

وأكد المصدر ذاته “تبسيط الولوج إلى لجنة أخلاقيات المهنة و قضايا التأديب بما يتيح للأفراد والجماعات والمنظمات والهيئات والإدارات، تقديم شكاياتهم وتظلماتهم وضمان سرعة البت فيها، وإلزامية ضمان آلية سريعة وفعالة لتنفيذ قرارات لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية، ليس فقط فيما يتعلق بتنفيذ القرارات، ولكن أيضا بالنسبة إلى حذف المواد التي تكون موضوع الشكاية بعد ثبوت خرقها للقانون ولميثاق أخلاقيات المهنة و لمدونة السلوك”.

ودعا المشاركون في الندوة التي قاربت واقع أخلاقيات الصحافة إلى إنجاز دراسة شاملة ومعمقة لحصيلة عمل لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية منذ إحداث المجلس الوطني للصحافة، و تسطير برامج عمل تهم التكوين وتنمية المعارف للصحافيين وللصحافيات، وإحداث آليات متفرعة عن لجنة الأخلاقيات و القضايا التأديبية تحقق تجويدا فعليا لعمل اللجنة، كما هو معمول بها في تجارب أخرى.

وأشار المصدر ذاته إلى اعتماد إستراتيجية شاملة فيما يتعلق بمعالجة القضايا والنزاعات المتعلقة بأخلاقيات العمل الصحافي تستند إلى مقاربات تحسيسية، ذات بعد استباقي ومقاربة تأطيرية بخلفية المواكبة ومقاربة تأديبية، وإعطاء الأفضلية و الأهمية للبعد المعنوي للقرارات التأديبية عوض الأبعاد الزجرية العقابية. 

ونبهت التوصيات إلى ظاهرة انتحال صفة صحافي من طرف أشخاص لا علاقة لهم بها، وما يقترفونه من خروقات في قضايا الصحافة والنشر خاصة أن المجتمع والرأي العام لا يميز و لا يفرق بين المهنيين الحقيقيين ومنتحلي الصفة المهنية والمتطفلين عليها، وينسب الرأي العام تلك الخروقات ظلما إلى المهنة والمهنيين . 

وشدد المصدر ذاته على تنظيم الولوج إلى مهنة الصحافة ووضع حد لمظاهر التسيب، بما في ذلك النظر في ولوج المهنة لأشخاص أنهوا مساراتهم المهنية في قطاعات أخرى.

وعلى المستوى الأكاديمي والتكويني، أوردت خلاصات الندوة إدماج أخلاقيات المهنة كمادة رئيسية في معاهد التكوين والدراسة في مجال الصحافة والإعلام عموما، واعتماد التربية على الإعلام في المناهج الدراسية لتربية مختلف الأجيال على التعاطي مع الصحافة وخاصة مع التكنولوجيات الحديثة في التواصل واستعمالات الذكاء الاصطناعي.

ولفتت الخلاصات ذاتها إلى إثارة الانتباه إلى أن القرارات التأديبية التي يصدرها المجلس الأعلى للسلطة القضائية تكون قابلة للنشر رغم حساسية قطاع القضاء بما يضفي الشفافية ويحقق الردع المعنوي، كما أن القرارات في قطاعات القضاء والمحاماة والطب تصل حد التشطيب والعزل و الإيقاف، مما يستدعي مراجعة القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة الذي يقيد نشر العقوبات التأديبية .

واقترح المشاركون في الندوة أن يتم التفكير في صياغة مدونة أخلاقية موحدة بين المهن المماثلة (الطب، المحاماة ، الصيادلة، المهندسون المعماريون، المهندسون الطوبوغرافيون، الموثقون، الصحافة) تحدد القواعد العامة بالنسبة للأخلاقيات المهنية بما يضمن سمو الوازع الأخلاقي في الأداء المهني، و إحداث لجنة تنسيق خاصة بهذه المهمة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News