بوادر “الاحتقان” تهدد كليات الطب مجددا.. والطلبة: الاتفاق لم ينه المعركة

بعد قرابة 3 أشهر على توقيع طلبة الطب ووزارة التعليم العالي لاتفاق إنهاء الاحتقان، حذر الطلبة الذين قادوا الاجتجاجات لحوالي سنة بكليات الطب من عدم احترام الآجال المتفق عليها بخصوص عدد من بنود محضر التسوية، مشددين على أن “توقيع الاتفاق لم ينه المعركة وإنما نحن على أعتاب مرحلة أكثر تعقيداً”.
اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، وبعدما سكنت احتجاجاتها لـ12 أسبوعاً، رفضت “التأخر غير المبرر والمماطلة في صرف المنح والتعويضات عن المهام”، مشيرةً إلى أنه “واهم من يظن أن المعركة قد انتهت بمجرد توقيع اتفاق، وجاهل من يعتقد أن النضال محطة موسمية تستدعى كل أربع سنوات ومخطئ من يحصر الدفاع عن الحقوق والمكتسبات في عنوان الإضراب المفتوح”.
واعتبر طلبة الطب، في أول بيان للجنتهم في سنة 2025، أن “الوضعية اليوم على أعتاب مرحلة أكثر تعقيدًا”، مؤكدين “الالتزام التام بمواصلة تتبع تنزيل مختلف نقاط الاتفاق وضمان احترام الآجال المحددة بالإضافة إلى دعوتنا الوزارة إلى التدخل العاجل لحل إشكالية دفعة 2023، وإيجاد مخرج عادل ومنصف لهم، يراعي النظم البيداغوجية المعمول بها عالميا”.
وطالب المصدر ذاته بـ”تسريع العمل على دفتر الضوابط البيداغوجية الخاص بشعبة الصيدلة وتضمين محاور الاتفاق داخله والاستناد إليه كمرجع للدراسات الصيدلانية تفاديا للمساس بجودة تكوين بعض الدفعات”، محذراً “من تصاعد موجة الاحتقان الطلابي بسبب التأخر غير المبرر في صرف المنح الجامعية والتعويضات عن المهام”.
وفي ما يتعلق بالامتحانات، أورد البيان الذي اطلعت عليه جريدة “مدار21” الالكترونية، “ضرورة إعادة مناقشة هيكلة جدول الامتحانات الذي تمت برمجته دون مراعاة الظروف السليمة لاجتيازه، وذلك بما يضمن احترام خصوصية كل كلية”.
وسجلت اللجنة نفسها أنه “إذا كنا قد طوينا صفحة المقاطعة الطويلة، فإننا اليوم على أعتاب مرحلة أكثر تعقيدًا، تتجلى في متابعة ومواكبة تنزيل مضامين محضر التسوية، تفاديا لإعادة إنتاج سيناريوهات سابقة أضرت بالطالب والمنظومة والوطن على حد سواء”.
ورغم توقيع الاتفاق، يضيف طلبة الطب، فإنه ما تزال بعض الإشكالات العالقة تتفاقم يوما بعد يوم، وعلى رأسها الوضعية المقلقة لدفعة 2023 التي تعيش ارتباكا غير مسبوق فلا هي تابعة للنظام القديم، ولا هي تابعة للنظام الجديد.
وشخصت اللجنة وضعية طلبة “دفعة 2023” على أنها “أُقحِمت قسرا في وضعية هجينة تفرض عليها دراسة برنامج سبع سنوات في ست سنوات، مما يفرض ضغطا مستمرًا بسبب غياب تصور واضح لمسارهم اليوم لغياب ملفات وصفية دقيقة لتكوينهم”.
ولفت الإطار الذي يضم طلبة الطب إلى أن “اللجنة الوطنية تقدمت بطلب رسمي لعقد اجتماع بغية معالجة هذه النقطة وغيرها من النقاط العالقة وإشكالات مستجدة وذلك في إطار التزامنا بنهج المقاربة التشاركية وحرصاً منا على التأسيس لمرحلة جديدة عنوانها الحوار البناء وإعادة بناء جسور التواصل المستمر وإشراك ممثلي الطلبة في مختلف أوراش الإصلاح التي تعنيهم”.
وفي نفس السياق، رصدت اللجنة الوطنية “اختلالات جسيمة” داخل شعبة الصيدلة، مفيدةً أن “الدفعة الثانية من طلبة الصيدلة بكلية الطب والصيدلة بوجدة تعيش واحدة من أصعب فترات تكوينها، وسط ضبابية بيداغوجية خانقة وتأخر غير مبرر، فضلاً عن برنامج دراسي لا يمتثل لما هو منصوص عليه في دفتر الضوابط البيداغوجية الخاص بالشعبة، مما يضع الطلبة أمام إكراهات لا ينبغي أن تكون جزءا من المسار التكويني السليم”.
وأضاف المصدر ذاته إلى أن “طلبة الدفعة الخامسة بكلية الطب والصيدلة بفاس يواجهون خرقًا أكثر حدة، يتمثل في حرمانهم من التداريب الإكلينيكية المقررة في سنتهم الخامسة، دون أي توضيح رسمي أو مبررات مقبولة، وسط غياب شبه تام للتواصل مع ممثلي شعبة الصيدلة، ما يعمق الهوة بين الطلبة والكلية”.
وأوضحت اللجنة الوطنية أن “هذه التجاوزات تتعاظم في ظل التأخر غير المفهوم في إصدار النسخة المحدثة من دفتر الضوابط البيداغوجية، التي كان من المفترض أن تتضمن كل المستجدات المتفق عليها مع وزارة التعليم العالي تحت إشراف مؤسسة الوسيط”، مبرزةً أن “هذا التعطل يعزز واقع الارتباك الذي تعيشه بعض الكليات، ويفتح المجال أمام المزيد من الخروقات التي تمس بجوهر التكوين الصيدلي”.
ولا تقتصر هذه الاختلالات على شعبة الصيدلة وحدها، بل تمتد إلى كليات طب الأسنان، بحسب المصدر ذاته، حيث يعاني الطلبة من واقع مأزوم يهدد جودة تكوينهم ومستقبلهم المهني، مسجلاً أن “شرارات هذا الغضب بدأت تتضح معالمها يوما بعد يوم حيث تقرر تنظيم وقفة يوم الخميس 6 فبراير تعبيرا عن الرفض القاطع للوضعية المزرية التي تعرفها كليات الطب وطب الأسنان”.
وألحَّ طلبة الطب على أن “الصمت إزاء هذا الوضع يدفع بنا نحو نفق مظلم، ينذر بمزيد من التدهور في جودة التكوين، وإمعان في المساس بكرامة الطلبة والمرضى على حد سواء”، مشددين على أن “عدم احترام الآجال المتفق عليها بخصوص عدد من بنود محضر التسوية قد يعرقل السير العادي لتنفيذ الاتفاق”.