نواب “الجرار” يقودون مبادرة لتحيين “قانونٍ شيخ” لتوسيع الإعفاء من رخص البناء

أمام “الفراغ التشريعي” الذي تعرفه تهيئة المجال القروي و”العراقيل” القانونية التي تصعب عملية توفير السكن لمواطني العالم القروي، يقود نواب فريق “الجرار” بمجلس النواب مبادرة تشريعية لتقليص نطاق تطبيق رخصة البناء ومباشرة عملية تشييد المباني دون الحاجة إليها في بعض الحالات.
واعتبر الفريق النيابي، ضمن المذكرة التقديمية لمقترح القانون، أن “المجال القروي والجبلي يعاني منذ الاستقلال، من فراغ كبير متعدد الأبعاد متمثل أساساً في غياب التشريع وغياب التهيئة وغياب العدالة المجالية”، مشيرةً إلى أن إعفاء بعض المواطنين من الرخص “سيفك عقدة البناء في العالم القروي والجبلي وسيساهم في حل معضلة السكن به ويعزز جاذبيته ويقوي حظوظ التنمية والحد من الهجرة القروية”.
وأشارت المادة 5 من المبادرة التشريعية إلى أنه يجوز القيام بالبناء المخصص للسكن الفردي أو العائلي دون الحصول على رخصة لمباشرة ذلك في المجال القروي والجبلي الذي يوجد خارج الدوائر المنصوص عليها في المادة 40 من القانون رقم 012.90 المتعلق بالتعمير.
وضمن المواد التي تفصل في الحالات التي يمكن أن تستفيد من الإعفاء من الرخص، المادة 7 التي شددت على أنه خلافا لمقتضيات المادة 40 من القانون رقم 012.90 المتعلق بالتعمير، يجوز القيام بالبناء دون حاجة إلى رخصة البناء في حالة إدخال تغييرات على المباني القائمة إذا كانت التغييرات المزمع إدخالها تتعلق بإقامة بناء مخصص للسكن الفردي أو العائلي.
ووصفت الوثيقة ذاتها القانون رقم 012.90 المتعلق بالتعمير الصادر في 17 يونيو 1992 بـ”القانون الشيخ” الذي لا يزال يشكل “الشريعة العامة” في تأطير التعمير، وبصفة أخص في المدن والمناطق القروية والجبلية التي يدخلها القانون المذكور في حكمها من منظور التهيئة والتعمير.
ويؤكد هذا، حسب فريق الأصالة والمعاصرة بالنواب، كثرة تناسل النصوص التنظيمية والقرارات الإدارية المؤطرة للتعمير الحضري، حتى أصبح المجال مرتعا خصبا للنصوص التنظيمية والقرارات الإدارية المؤطرة للتعمير الحضري، مبرزين أن “هذا ما يشكل خرقاً صريحا وواضحا لأحكام الفصل 71 من الدستور التي تجعل من “التعمير وإعداد التراب” مادة تشريعية بامتياز”.
وأورد المصدر ذاته أن “التشريع الوطني الوحيد المتعلق بتنمية التكتلات العمرانية القروية يعود إلى 25 يونيو 1960″، مؤكداً أن “هذا القانون بمثابة وثيقة تعمير خاصة بالعالـم القروي والجبلي تسمى (تصاميم التنمية) تهدف إلى تنظيم وتخطيط المراكز القروية الصغرى ومراقبة توسعتها”.
ولفتت المبادرة التشريعية إلى أن “مجال تطبيق هذا القانون ظل دائما محدود جدا”، مبرزا أنه “لا يغطي إلا القليل من المجال القروي والجبلي، على الرغم من التطور الديمغرافي القروي وبروز ظاهرة استقلال الأبناء عن الآباء في السكن، وبروز مشاريع تنموية قروية وجبلية، ناهيك عن تعقد المساطر الإدارية المتعلقة بالترخيص بالبناء وإحداث التجزئات وغيرها”.
واعتبر مقترح القانون ذاته أن هذه العوامل تعجل بإصدار تشريع متطور وملائم خاص بالعالم القروي والجبلي لإعطاء دفعة قوية لتنمية هذا المجال الواسع الذي بدأ يستفيد من هجرة مضادة من المدن إلى البوادي لممارسة الأنشطة الفلاحية والصناعية الغذائية والسياحة الجبلية وتربية الدواجن وغيرها.
في ما يتعلق بوكالات التهيئة والتعمير، سجل نواب الأصالة والمعاصرة أنه أصبح من الضروري إحداثها وبعدد كاف، خاصة بالمجال القروي والجبلي، لتنميته وجعله قاطرة للتنمية الشاملة والمساهمة البناءة في حل مشاكل المدن التي تئن تحت وطأة أزمة السكن والهجرة القروية المكثفة وانتشار البناء العشوائي بداخلها وبضواحيها.
وللمساهمة الملموسة على الأقل في معالجة إحدى المعضلات الإنسانية بالمجال القروي ألا وهي تمكين الأسر من الاستقلال بمنازلها وتوفير سكن لائق لأفراد عائلاتها، وذلك عن طريق الترخيص بالبناء والتوسعة.
وأوضحت الوثيقة ذاتها أن محددات مقترح القانون هذا تؤكد على أولوية العدالة الاجتماعية والمجالية والتعمير واستحضار وتفعيل مفهوم الحق في التنمية القروية والجبلية بالإضافة إلى اعتبار الحق في البناء من مستلزمات الحق في الملكية الخاصة، فلا يمكن تقييده إلا إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية طبقا لأحكام الفصل 35 من الدستور.
ودعا نواب الحزب المشارك في الحكومة إلى مراعاة خصوصية المجال القروي والجبلي بإضفاء المرونة اللازمة وتبسيط مساطر الترخيص بالبناء والإصلاح والتوسع في البناء القائم في المجال القروي والجبلي وإلزام الإدارة بواجب التفاعل الإيجابي والمسؤول مع الطلب القروي في مجال التعمير وإعطاء المواطن البديل وفي الزمن المناسب ولاسيما تقديـم المساعدة التقنية والمعمارية للبناء والمواكبة، وبالمجان خاصة بالنسبة لذوي الدخل المحدود.