ناقد: عيوش غير متمكن من الثقافة المغربية ويجب إنهاء احتكاره تمثيل المغرب

ربط الناقد السينمائي مصطفى الطالب فشل المخرج والمنتج نبيل عيوش في جلب جوائز الأوسكار إلى المغرب بغياب المواضيع القوية ذات المصداقية نابعة من ثقافة المجتمع المغربي التي تعبر عن همومه الحقيقية، رافضا احتكاره الدائم لتمثيل المغرب في هذا الحدث المهم، لضرورة منح تأشيرة العبور إلى مخرجين آخرين أكفاء.
وقال مصطفى الطالب إن فيلم عيوش الذي ترشح به لنيل جوائز الأوسكار “الكل يحب تودا” لا يحمل قيمة فنية أو موضوعاتية قوية حتى ولو اجتهد تقنيا، كون السيناريو يتضمن مكامن ضعف جعلته يتسم بالضبابية بخصوص شخصية الفيلم، الذي لا يُعرف ما إذا كان يتطرق لمسار شيخة أو لأم عازبة متمردة تريد أن تصبح شيخة ولم تفلح لانعدام مؤهلاتها.
ويرى الطالب، بحسب تصريحه لجريدة “مدار21″، أن قصة الفيلم “لا تبرز مسار الشيخات “البطلات” وفن العيطة كما ادعى المخرج، الذي ظهر أنه غير متمكن من الثقافة المغربية الشعبية التي لم تتجسد في الفيلم الذي غيب فنانين محترفين مختصين في العيوط كانوا سيعطون لقصة الفيلم مصداقيتها عوض هواة لم يضيفوا للفيلم أي قيمة”.
وأشار الناقد السينمائي إلى أن نسرين الراضي التي حملت الفيلم من البداية إلى النهاية لم تأتِ بجديد، إذ “ظلت كما نراها في جل أفلامها بالشخصية نفسها والانفعالات والسيكولوجية والجرأة المجانية نفسها أيضا، وهذا راجع أيضا لضعف إدارة الممثل”.
وسجل أن موضوع الشيخات أصبح متجاوزا، وسبقته إليه المخرجة إزة جنيني وعلي الصافي وغيرهما، فكان لزاما على المخرج أن يأتي بالجديد بخصوص مسار الشيخات وينبش في التراث والمتون والأدب الشعبي، مردفا: “لكن فاقد الشيء لا يعطيه”.
وبخصوص عدم تمكن الفليم من التألق في “الأوسكار”، قال الطالب إن “الفيلم خرج خاوي الوفاض من جوائز الأوسكار كما في مهرجان “كان”، ككل أفلام عيوش التي شاركت في مسابقة الأوسكار لأن المنافسة تكون قوية فنيا وموضوعاتيا”.
وطرح الطالب في هذا الصدد مجموعة من الأسئلة شملت “لماذا أفلامنا المغربية لا تتجاوز عتبة مهرجان “كان” ولا تستطيع أن تخترق المشهد السينمائي الأمريكي؟ أين الخلل؟ هل مواضيع أفلامنا لا تروق للمشاهد الأمريكي؟ هل لأن الأفلام المغربية (وبالأخص أفلام عيوش) المشاركة في مهرجان “كان” تكون إنتاجا مشتركا فرنسيا- مغربيا وبالتالي تظل حبيسة الجغرافية الفرنسية؟ ألا يجدر بنا أن ننفتح على إنتاجات أمريكية سيما وأن العديد من الأفلام الأمريكية تصور في المغرب؟”.
وأكد الناقد السينمائي مصطفى الطالب أنه من الضروري أن “تُقدم أفلامنا مواضيع قوية ذات مصداقية نابعة من ثقافة المجتمع المغربي وتعبر عن همومه الحقيقية وليس مواضيع مجانية تفرضها إملاءات “المنتج الفرنسي”.
وشدد على ضرورة إعطاء الفرصة لمخرجين ومخرجات آخرين عوض أن نرى مخرجا واحدا هو الذي يحتكر ترشحه للأوسكار، و”خير مثال المخرجة الشابة أسماء المدير التي استطاعت السنة الماضية أن تفرض نفسها في مهرجان “كانّ” ومهرجان “مراكش” وتترشح لمهرجان الأوسكار ومهرجانات أخرى دولية بموضوع جاد وبرؤية فنية متماسكة، وهذا الخط الإبداعي هو الذي تحتاجه السينما المغربية اليوم”، وفق الناقد.
وسبق لعدد من النقاد أن انتقدوا طبيعة تناول عيوش لفن العيطة بسطحية، في غياب لتسليط ضوء حقيقي يعكس قوة هذه الموسيقى الشعبية بشكل يفتقر للبناء الدرامي.
الناقد السينمائي فؤاد زويرق صنف فيلم “الكل يحب تودا” من أضعف أفلام نبيل عيوش في كل عناصره، لكونه يفتقر للحبكة والبناء الدراميين، وفي موسيقاه وصورته، ويدخل المشاهد في ملل.
بدوره، الناقد السينمائي محمد بدرنة انتقد ما قدمه المخرج نبيل عيوش في فيلم “الكل يحب تودا”، باعتباره فشل في تكريم الشيخة والاحتفاء بفن الشيخات والعيطة، التي تعتبر رمزا للمقاومة سواء ضد الاستعمار أو ضد القياد أو ضد القهر المجتمعي.
قصة الفيلم
واختار المخرج والمنتج نبيل عيوش في أحدث أفلامه “الكل يحب تودا” التطرق إلى حياة “الشيخة” المغربية وارتباطها بفن العيطة من خلال رصد معناتها اليومية التي تتأرجح بين “الكباريه” في الليل وما يليه من تحرش والبحث عن مستقبل ابنها الأبكم في النهار.
ويتناول فيلم “تودا” وفق ما رصدته الجريدة، قصة فتاة تحلم بأن تصبح “شيخة”، إذ تستغل كل الفرص التي تأتي أمامها، دون أن تتخلى عن مبادئها الرافضة للخضوع لأطماع العديد من الرجال الذين تصادفهم خلال رحلة بحثها عن نيل ما تطمح إليه.
تودا ستقود المشاهد لـ103 دقائق في رحلة انتقال من قريتها إلى مدينة الدار البيضاء للبحث عن فرصة لغناء العيطة، ومساعدة ابنها على الدراسة في مؤسسة للصم والبكم.
ينطلق فيلم “تودا” بمشهد جلسة من النساء “الشيخات” اللواتي يغنين فن العيطة في جبل وسط رجال يحتسون الخمر، الذين يزداد حماسهم مع تعالي أصوات هؤلاء النسوة اللائي تتمايلن برقصات شعبية.
في مشهد موال مؤثر، تظهر تودا تركض نحو غابة بسبب حدوث فوضى في ذلك التجمع، غير أنها لم تستطع الإفلات من مجموعة من ذئاب يصطادون جسدها ليتم اغتصابها بشكل جماعي.
وترصد عدسة الكاميرا تودا بعد عودتها محطمة في سريرها بجانب ابنها الذي يبلغ من العمر 9 سنوات (ياسين)، دون إشارة إلى ماضيها.
وتقضي تودا الكثير من الوقت في الملاهي الشعبية التي تُغني فيها، بعدما عملت في الأعراس والمواسم، إذ تحاول إغراء الزبناء لاقتناء المزيد من المشروبات الكحولية، دون أن تسمح بتجاوز الحدود.
تودا رغم أنها تقضي الكثير من الوقت في الملاهي الشعبية، وتعاطيها الخمر، فهي ترفض التحرش وممارسة الدعارة رغم العروض التي قد تبدو مغرية لواحدة تنحدر من منطقة قروية وتعيش الفقر المذقع.
ولتحقيق حلم “الشهرة” واحتراف أداء فن العيطة في الملاهي الليلية، ستختار تودا السفر نحو الدار البيضاء، لتنطلق مغامرتها في مدينة مليئة بالضجيج والاكتظاظ.
وفي مشهد آخر، يوضح نبيل عيوش أن والدي تودا اللذين يعيشان في منطقة نائية، لا يمانعا احتراف ابنتهما مهنة “الشيخة”، إذ يدعمانها من أجل تحقيق حلمها، باحتضان ابنها إلى حين استقرارها وتأمين فضاء يأويهما.
وفي نهاية الفيلم ستتخلى تودا عن حلم الغناء وتحقيق حلمها رغم الإغراءات واقترابها من الوصول إلى هدفها هربا من التحرش.
ويحمل الفيلم الكثير من الرسائل، ضمنها رعاية تودا لابنها، وعدم تنازلها عن مبادئها لامتهان الدعارة، في الوقت الذي تعمل فيه ليلا في أماكن مليئة بالممارسات اللاأخلاقية.