فن

هل يصمد فيلم “أبي لم يمت” في القاعات السينمائية بعد إشعاعه بالمهرجانات؟

هل يصمد فيلم “أبي لم يمت” في القاعات السينمائية بعد إشعاعه بالمهرجانات؟

يصل فيلم “أبي لم يمت” للمخرج عادل الفاضلي إلى القاعات السينمائية المغربية في الثامن من شهر يناير الجاري، بعد عرضه بشكل حصري في عدد من التظاهرات.

ويتأرجح فيلم “أبي لم يمت” بين الحفاظ على نجاحه في القاعات السينمائية والفشل في جذب الجمهور المغربي الذي عادة ما يُقبل على الأفلام التجارية.

ولا تهدد المغادرة السريعة من القاعات السينمائية فيلم “أبي لم يمت” وحده، إذ إن التجربة أظهرت أن هذه الأفلام التي تنتمي إلى سينما المؤلف ورغم إشعاعها الوطني والدولي لا تجذب الجمهور الذي يبحث عن الترفيه والكوميديا في السينما.

وأصابت لعنة الخروج مبكرا من حلبة المنافسة بالقاعات السينمائية ثلة من الأفلام، أبرزها فيلم “عصابات” لكمال لزرق والذي شارك في أهم التظاهرات الفنية، ضمنها “الكان” و”مهرجان مراكش”، وفيلم “أنيماليا” لصوفيا العلوي، و”صحاري” لفوزي بنسعيدي، و”مروكية حارة” لهشام العسري.

وأجمع النقاد وأهل الفن على توفر فيلم “أبي لم يمت” على مقومات عالية منحته أحقية الظفر بجوائز مهمة، أهمها بالمهرجان الوطني للفليم بطنجة، إذ كسب فيه بشكل غير مسبوق ست جوائز، إلى جانب حصوله على تأشيرة العرض والمشاركة بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.

وكان الفاضلي صرح لجريدة “مدار21” أن فيلم “أبي لم يمت” بدأ بحلم ثم فكرة تحولت إلى سيناريو، تلته مرحلة صياغة الحوارات على الأوراق قبل ترجمتها في صور لصناعة قصة شاركها مع الجمهور.

ونسب أيضا تألق الفيلم في عدد من التظاهرات الفنية وحصده جوائز، إلى المثابرة في العمل وحب الميدان الفني.

ولا علاقة لعنوان “أبي لم يمت” بوالده الفنان الراحل عزيز الفاضلي، الذي شارك في الفيلم غير أنه تُوفي قبل أن يحضر لعرضه في المهرجانات، وخروجه إلى القاعات السينمائية.

وتنطلق أحداث الفيلم في سيرك شعبي يصدح فيه صوت الموسيقى، ويجسد صور البهجة التي تعكس بساطة زواره من المواطنين الذين ينتمون إلى فئة اجتماعية كادحة، تخلق سعادتها بأساليب بسيطة، بحسب متابعة جريدة “مدار21”.

ويحكي الفيلم قصة طفل يدعى مالك يعيش مع والده (مهدي) في قلب السيرك، حيث ترصد الكاميرا مشاعر الحب والتعلق بينهما، إلى جانب قصص أخرى تلامس فترة مهمة في تاريخ المغرب، والتي تتعلق بسنوات الرصاص، في قالب اجتماعي إنساني خالص بعيدا عن المعالجة السياسية للأحداث.

ويتخلل الفيلم مشاهد الحب لكسر نمط سرد حكاية اجتماعية سياسية، تُمثل فترة سوداء في حياة مغاربة عاشوا تفاصيلها الصعبة، مخلفة أزمة اجتماعية وسياسية بقيت آثارها متجذرة لسنوات.

وأراد عادل الفاضلي تسليط الضوء على التناقضات الكثيرة التي يعيشها المجتمع المغربي في صور مختلفة، حيث أبرز مشاهد الود والتضحية والحب في علاقة الأب (مهدي) وابنه (مالك)، وثنائيات تقع في غرام بعضها البعض، في مقابل أب يعمل في السيرك ويقسو على ابنه ويستغل عاهته لتحقيق الفرجة.

وحاول عادل الفاضلي الابتعاد عن معالجة فترة سنوات الرصاص في قالب سياسي تم التطرق إليها في عدة أفلام مغربية سابقة، مفضلا التركيز على معاناة أفراد المجتمع البسطاء في تلك الفترة، ورصد قسوتها وآثارها النفسي والاجتماعي في قالب فني مليئ بالمشاعر.

الفاضلي كانت له رؤية إخراجية مختلفة، إذ صوب الكاميرا تجاه الأفراد الذين ينتمون إلى المجتمع ولم يتم تسليط الضوء على حجم معاناتهم، لاسيما وأن معظم الأعمال الروائية والسينمائية ركزت على سرد وقائع مرتبطة بشخصيات عمومية في قالب سياسي خالص.

وتناولت عدة أفلام فترة سنوات الرصاص، من خلال التركيز على الشخصيات السياسة إلى جانب المناضلين والصحافيين، لكن الفاضلي سرد حكايات الأشخاص الذين ذهبوا ضحية التواجد في المكان الخطأ والتوقيت الغلط، ولم تكن لهم أي علاقة بالسياسة، وفق تصريحه.

وزاوج المخرج عادل الفاضلي بين الواقعية المعاشة لعقود زمنية والأساطير التي طغت في تلك الفترات على الحياة العامة، وانتشرت في الأوساط، منها ظهور الملك محمد الخامس في القمر، وغيرها من “الخرافات”.

وخصص الفاضلي مساحة لنقل صورة مصغرة عن قمع الحرية وحجب الآراء المعارضة التي طفت في المجتمع في تلك الفترة، من خلال مشاهد الصراع السياسي الاجتماعي، موثقا مشهد الحجر على (مهدي) الذي ذهب ضحية خطأ، في إشارة إلى أن الآلاف من المغاربة ذهبوا ضحايا في سنوات الرصاص دون أن يكون لهم توجهات سياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News