دراسة تعدد نواقص استراتيجية المغرب لمكافحة شغب الملاعب قبيل الكان والمونديال

حذر منصف اليازغي، الباحث في السياسات الرياضية، من تهديد استمرار ظاهرة الشغب في الملاعب لصورة المغرب على الساحة الدولية، خاصة في ظل الاستعداد لاستضافة تظاهرات رياضية كبرى مثل كأس أمم إفريقيا وكأس العالم.
وأكد منصف اليازغي خلال تقديم دراسة حول “التدبير الأمني للعنف وأحداث الشغب بالملاعب الرياضية بالمغرب: من أجل مقاربة شاملة”، أن هذه الظاهرة، التي تستفحل أسبوعيًا، تتطلب تدخلاً عاجلاً لضمان تقديم صورة إيجابية عن المملكة، لا تقتصر فقط على الأداء الرياضي، بل تشمل أيضًا سلوك الجماهير داخل وخارج الملاعب.
وأشار الباحث في السياسات الرياضية إلى أن تجديد البنية التحتية الرياضية يجعل البطولة الوطنية محط أنظار العديد من القنوات الدولية، مما يزيد من أهمية الحد من مظاهر الشغب التي قد تعكس صورة سلبية عن البلاد.
وفي سياق تقييمه للتعامل مع الظاهرة، انتقد اليازغي ارتباك السلطات في تطبيق قانون 09.09 الخاص بمكافحة الشغب، مشيرًا إلى أنه لا يتضمن أي بند صريح يمنع دخول القاصرين إلى الملاعب، على عكس ما يعتقده البعض.
وأضاف أن هذا القانون، الذي كان من المفترض أن يكون أداة رئيسية لمواجهة الشغب، لم يُفعل بالشكل المطلوب، مما حد من تأثيره.
كما لفت إلى “أن اللجنة المحلية لمكافحة الشغب، التي صدر قرار إنشائها عام 2011، لم تُفعّل إلا بعد مرور 13 عامًا، حينما بدأ العمل بها في 2024” على حد تعبيره.
واعتبر اليازغي أن المقاربة القانونية هي الحل الأنسب للتعامل مع هذه الظاهرة، مؤكدًا أن المقاربتين الأمنية والتدبيرية، اللتين اعتمدتهما الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أثبتتا محدوديتهما.
وشدد على ضرورة التطبيق الصارم للقوانين وعدم التساهل مع المتورطين، مستشهدًا بإحصائيات سنة 2022 التي أظهرت إحالة 2745 راشدًا و680 قاصرًا إلى القضاء، إلى جانب إصابة 74 عنصرًا من رجال الأمن.
وأبدى اليازغي أسفه لغياب أي حملات توعية حول خطورة ظاهرة الشغب في الملاعب، مشيرًا إلى أن وزير العدل السابق عبد الواحد الراضي كان قد أعلن عند تقديم قانون 09.09 عن إطلاق حملة تواصلية بالشراكة مع وزارة الاتصال آنذاك، إلا أن هذا الوعد لم يتحقق.
وأضاف أن هذا الغياب يعكس تقصيرًا في التعامل مع الظاهرة، خاصة مقارنة بحملات التوعية المتعلقة بالسرطان، والسيدا، وحوادث السير، متسائلًا: “هل حوادث الشغب في الملاعب لا تقتل؟”.
وتابع اليازغي حديثه مشيرًا إلى أن استراتيجية فبراير 2016، التي تم إعدادها بمساهمة عدة جهات عمومية، كانت خطة شاملة للتعامل مع الشغب، إلا أنها لم تُفعل على أرض الواقع حتى الآن، موضحا أن “هذا التعثر يعكس غياب رؤية متكاملة لتنفيذ الحلول التي تم الاتفاق عليها مسبقًا”.
وختم اليازغي خلال مداخلته بالتأكيد على أن نجاح المغرب في استضافة التظاهرات الرياضية الكبرى مرتبط بتحسين الأوضاع داخل الملاعب، مشيرا إلى أن هذا النجاح لا يقتصر فقط على الأداء الفني للاعبين، بل يتطلب تقديم صورة حضارية عن الرياضة المغربية، سواء من حيث التنظيم، أو البنية التحتية، أو سلوك الجماهير، مؤكدًا أن هذه التحديات تمثل فرصة لتعزيز صورة المغرب دوليًا وتثبيت مكانته كوجهة رياضية عالمية.
ويعكس تقرير “التدبير الأمني للعنف وأحداث الشغب بالملاعب الرياضية بالمغرب: من أجل مقاربة شاملة”، رؤية استراتيجية شمولية لمواجهة شغب الملاعب من خلال دمج الحلول الأمنية التقليدية بطرق غير تقليدية تعتمد على الوقاية والاستباقية، مؤكدا أن المقاربة “تتطابق مع رؤى أوسع للمؤسسات الرياضية الدولية مثل مجلس أوروبا، التي تتبنى معايير شاملة لمكافحة العنف في الملاعب” وفق ما جاء في الكتاب ذاته.
كما تضمن التقرير الذي اطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، كذلك إشارة المقاربة ذاتها إلى ضرورة تطوير منظومة كرة القدم الوطنية من خلال تأهيل شامل يتضمن ضمان النزاهة في اللعبة، مكافحة المنشطات والمراهنات، وتعزيز قيم اللعب النظيف، بالإضافة إلى توفير الكرامة والاحترام للمشجعين.
وتابع: “تُشدد المقاربة على أهمية التمييز بين أصناف الجمهور ومعالجة الفئات الأولين بحوار فعال لتجنب سلوكيات الشغب”، مذكرا بأنها “تلتزم بمعايير دولية، مثل اتفاقية مجلس أوروبا، وتدعم التزامات المغرب في إطار ترشيحه الثلاثي لتنظيم كأس العالم 2030”.