العلمي يدعو لمواجهة الخطابات الانعزالية والمتطرفة واحترام سيادة الدول

دعا رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، إلى مواجهة الخطابات الانعزالية والنكوصية والمتطرفة التي تستغل الأزمات لتقويض القيم الإنسانية الكونية، والعمل من أجل العدالة الدولية، في مجالات المناخ والتنمية والحصول على الغذاء والتكنولوجيا والمعرفة، مشددا على ضرورة استحضار أن حجر الزاوية في النظام الدولي والقانون والعلاقات الدولية هو احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وترابها الوطني، والوقاية من الأزمات.
وقال العلمي، صباح اليوم الثلاثاء خلال افتتاح مؤتمر المستقبل الذي يحتضنه البرلمان المغربي يومي 17 و18 دجنبر الجاري، إنه “في عالم مليء بالتحولات والتحديات، ينبغي العملُ من أجل السلم والأمن والاستقرار باعتبارها شروطا لا محيد عنها للتنمية والتقدم والاستثمار، وإعطاء الفرص للشباب في الشغل، وفتح الآفاق أمامهم”.
وأوضح، في سياق حديثه عن القلاقل التي يعيشها العالم، أن “تحدي استعادة الأمن والسلم، اللذين افْتَقَدَتْهُمَا العديد من شعوب العالم التي تَعِبَتْ من الحروب والنزاعات المسلحة، يتطلب الالتزام بالقانون الدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واعتماد الديمقراطية كأسلوب للحكم، بدل أساليب حكم الحزب الواحد، والطائفة أو المجموعة، العرقية أو القبلية، الواحدة”.
وتابع بأنه في ظل “نظام دولي مُتَّسِم بالانشطَارِ المتعدِّد، وبعودةِ الأحلَاف والمَحَاوِر في العلاقات الدولية، ينبغي العمل باستراتيجيةِ الوقايةِ من الأزماتِ عوض انتظارِ انفجارِها ليُصَارَ إلى تدبيرِها”، مسترسلا “ومع كامل الأسف، فإننا نعيش بالقرب من منطقة ملتهبة بالنزاعات والحروب الداخلية والعابرة للحدود”.
وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن ظروف عدم الاستقرار تجتمع مع “الانعكاسات الخطيرة للتغيرات المناخية، لتنتج مآس إنسانيةً ومعاناةِ ملايينِ البشر جرَّاءَ الهجرات، واللجوء والنزوح، هربا من الحروب أو من الجوع، أو من الجفاف، وانعدام مصادر العيش”.
وشدّد على أن هذا الوضع يطرح سؤال “المسؤولية المشتركة بشأن مستقبل الكوكب الأرضي، وسؤال الاستدامة، وأيضا سؤال الإنصاف والعدالة المناخية، لشعوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية بالتحديد، التي تعاني من انعكاسات الاختلالات المناخية أكثر من غيرها”، مذكرا بأن “مساهماتِها في ما يخص انبعاثاتِ الغازاتِ المُسَبِّبَة لاحْتِرارِ الأرض، لا تتجاوزُ 4 بالمئة بالنسبةِ لإفريقيا و8 بالمئة بالنسبة لأمريكا اللاتينية”.
ونبّه العلمي إلى أن سؤال تكافؤ الفرص والتضامن العالمي يطرح في ما يخص توفير التكنولوجيا والابتكارات المستعملة في مشاريع الاقتصاد الأخضر، موضحا “فكلفتُها الباهضةُ، والصرامةُ الزائدةُ في استعمالِ بَرَاءَاتِ الاختراع، تُضاعِفُ من تداعياتِ الاختلالات المناخية على بلدان الجنوب، خاصة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية”.
وأكد المتحدث أن ضمان الأمن الغذائي يطرح “كتحد جيوستراتيجي، ويُستعمَل الغذاءُ والتموينُ، كسلاح في العلاقات الدولية، ووسيلةَ ضغطٍ في التوازنات الجيوسياسية، وفي هذه الإشكالية تبقى بلدانُ الجنوب، خاصة في إفريقيا، ضحية تقسيمٍ ظالمٍ للعمل على المستوى الدولي”.
وأبرز العلمي أن “هذه التحديات تتحالف مع تزايد المخاطر بظهور أزمات صحية، في شكل حروب بيولوجية، وظهور جوائح وأوبئة سريعة الانتشار في عالم مترابط، مُعَوْلَم ومتواصل، كما عشنا ذلك قَبْلَ سنواتٍ قليلة، مع جائحة كوفيد 19”.
وذكّر رئيس مجلس النواب بـ”كيف ازدهرت الأنَانِيَاتُ الوطنية، وكيف تم احتكار اللقاحات، والأدوية ووسائل الوقاية، وامْتُحِن مفهوم التضامن الدولي في عز الأزمة”.
وشدد على أن الهوة الرقمية تتعمق داخل المجتمع الواحد وعلى المستوى الدولي، ويزداد تحكم الشركات الكبرى في مصائر المجتمعات وفي اقتصادها وفي اقتصاد المعرفة وفي أنماط الاستهلاك.
ولفت بهذا الصدد إلى أنه “بقدر ما تُساهم التكنولوجياتُ المتطورة في تيسير الحياة، والأنشطة والخدمات، بقدر ما تنتج ظواهرَ سلبيةً في حياة المجتمعات والأسر، خاصة من خلال التشهير، والتضليل، والتطاول على الحياة الشخصية، فيما تعتبر عاملا من بين عوامل أخرى في تراجع الروابط الأسرية والاجتماعية، وهي بصدد المساهمة في تسريع عزلة الإنسان والتعاطي السطحي والمتسرع في العلاقات الاجتماعية والمهنية، وتفاقم ظاهرة تراجع القراءة والتخلي عن استهلاك المحتويات ذات بالعمق الفكري”.
وأكد راشيد الطالبي العلمي ضرورة مواصلةُ الترافع من أجل العدالة المناخية لإفريقيا وأمريكا اللاتينية وبلدان الجنوب المتضررة عامة، بـ”تفعيل الآليات التمويلية لتمكين بلداننا من التغلب على تداعيات الاختلالات المناخية، وتيسير تحويل التكنولوجيا الخضراء من الشمال إلى الجنوب”.
وأشار إلى أهمية تقدير إمكانيات بلدان الجنوب في ما يخص إنتاج الغذاء، “حيث إن أكثر من ثلثي 2/3 الأراضي القابلة للزراعة عبر العالم توجد في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، التي تتوفر على الثروات البشرية الشابة والمهارات القادرة على العمل، وحيث أكبر أسواق المستقبل”، مردفا أن “القارتين تتمتعان بمحيطات وبحار، هي الأهم والأوسع في العالم، مع ما توفره من إمكانيات لإنتاج الغذاء، وللقيام بالأنشطة التجارية والخدمات ومن أجل التواصل الدولي”.