سياسة

مطالب حقوقية بتعديل مشروع مجلس الصحافة للحفاظ على استقلاليته وتوازنه

مطالب حقوقية بتعديل مشروع مجلس الصحافة للحفاظ على استقلاليته وتوازنه

قدمت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عددا من الملاحظات حول مشروع قانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، الذي تمت المصادقة عليه من طرف مجلس النواب بتاريخ 22 يوليوز 2025، وأحيل بعد ذلك على مجلس المستشارين لاستكمال مسطرته التشريعية.

وتمحورت ملاحظات المنظمة، وفق المذكرة التي اطلعت عليها جريدة “مدار21″، حول أربع قضايا أساسية لاتصالها بحقوق الإنسان ومبادئها الدولية والوطنية، وهي: العدالة التمثيلية والمناصفة داخل المجلس، وضمان استقلالية المجلس اتجاه السلطة الحكومية، ومجلس ذي سلطة معنوية لا سلطة تأديبية وزجرية؛ وما يتعلق بنشر تقارير المجلس.

واعتبرت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أن الملاحظات ذات طابع استعجالي، داعية إلى “إعادة تدقيق مجموعة من مواد مشروع القانون، وضبط عناصره القانونية والحقوقية والتوجيهية لضمان ميلاد مجلس وطني للصحافة يجسد ويعزز من حرية الصحافة، ويضمن ممارسة مهنية مستقلة”.

وبخصوص العدالة التمثيلية والمناصفة داخل المجلس، أفادت المنظمة أن “تركيبة المجلس الوطني للصحافة في الصيغة الواردة في المشروع الحالي، تخل بالتوازن في تركيب المجلس حيث غلبت تمثيلية الناشرين على حساب الصحفيين المهنيين”.

وأكدت المنظمة أن “المادة 5 نصت على الانتخابات داخل فئة الصحفيين المهنيين، بينما اعتمدت الانتداب في اختيار ممثلي الناشرين”، فيما “تم التراجع عن الصيغة الواردة في القانون الحالي التي تنص على أنه “يتعين في تأليف المجلس السعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة”، حيث اكتفى النص المقترح بالتأكيد على انتخاب ثلاث صحافيات مهنيات على الأقل، دون التنصيص على مبدأ المناصفة بشكل شامل في تشكيل المجلس الوطني للصحافة، أو الإلزام بوجود نساء ضمن فئة الناشرين”.

وأبرزت المذكرة أن تركيبة المجلس في مشروع القانون الجديد “تقتصر على الصحفيين المهنيين والناشرين وممثلي بعض المؤسسات الرسمية، بينما غيبت هيئات من المجتمع المدني: جمعية هيئات المحامين بالمغرب، واتحاد كتاب المغرب (كما هو منصوص عليه في المادة 4 من القانون الحالي المنظم للمجلس الوطني للصحافة)”.

واقترحت المنظمة في هذا السياق ضمان التوازن في تركيبة المجلس الوطني للصحافة، وضمان عدالة تمثيلية لفئة الصحفيين المهنيين وفئة الناشرين، واعتماد نمط اقتراع واحد للصحفيين المهنيين والناشرين لاختيار ممثليهم من خلال منظماتهم المهنية والنقابية، والتنصيص على مبدأ المناصفة في تركيبة المجلس انسجاما مع الالتزامات الحقوقية الدولية للمغرب وروح الوثيقة الدستورية، وإضافة ممثلين عن المجتمع المدني إلى تركيبة المجلس.

وفيما يتعلق بضمان استقلالية المجلس اتجاه السلطة التنفيذية، لفتت المنظمة إلى أن قوة المجلس ونجاعته “تتوقف على مدى استقلاليته عن كل سلطة”، مبرزة أن “تواجد مندوب تعينه الحكومة قد يفهم منه أنه محاولة لفرض وصاية حكومية على المجلس”، إضافة إلى أن “مهام التنسيق الموكولة لهذا المندوب الحكومي كما تم طرحها في المشروع يمكن أن يمارسها رئيس المجلس نفسه”، مقترحة “حذف هذه المادة، حفاظا على استقلالية المجلس اتجاه السلطة الحكومية”.

ولفتت المنظمة إلى أنه في مشروع القانون الجديد تم حذف عقوبتين وردتا في المادة 46 من القانون الحالي، وهي غرامة مالية يتراوح مبلغها بين 5.000 و50.000 درهم في حق المؤسسات الصحافية تُستَوفَى لمجالات التكوين والدراسات والتعاون، وعقوبة إيقاف الدعم المالي الممنوح للمؤسسة الناشرة المعنية طبقا للنصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل وذلك لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، بناء على اقتراح من المجلس على السلطة الحكومية المختصة.

وأردفت أن مشروع القانون الجديد حدد سحب البطاقة لمدة لا تتجاوز سنة، وفي حالة العود يتم السحب لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، ولم يتركها للسلطة التقديرية للمجلس، وأضاف مقتضى جديدا يتعلق بتوقيف إصدار المطبوع الدوري أو الصحيفة الإلكترونية لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوما”.

ولاحظت المنظمة أنه “سيف الرقابة أصبح مسلطا بشكل أساس على رقبة الصحفيين المهنيين، وكأن مسألة الأخلاقيات تهم الصحفيين ولا تعني البتة المؤسسات الإعلامية التي يشتغلون فيها”، مبرزة أن المجلس الوطني للصحافة “سلطة أخلاقية ومعنوية  Autorité Morale لا سلطة تأديبية”، مقترحة أن يركز “أكثر على الوساطة والتحكيم والتكوين كما هو معمول به في بعض النماذج العالمية”.

ودعت المنظمة إلى ضرورة إحاطة العقوبات التأديبية الواردة في نص مشروع القانون بضمانات الإخطار والتناسب والتدرج والطعن والعلنية، مفيدة أنه يمكن للمجلس أن يقدم مقررا إلى القضاء المختص يطلب فيه سحب البطاقة من الصحفي المهني أو إيقاف المؤسسة الإعلامية لمدة محددة في حالة تقديره لخرق سافر لأخلاقيات مهنة الصحافة ويكون القضاء هو الجهة الوحيدة المختصة بإقرار “العقوبة” المناسبة”.

وأشارت المنظمة إلى أن مشروع القانون لا يلزم المجلس الوطني للصحافة بنشر تقاريره سواء السنوية أو الموضوعاتية، مضيفا أن “المادة المعدلة من قبل مجلس النواب أشارت إلى أن المجلس يحيل نسخة من تقاريره إلى الحكومة دون الإشارة إلى ضرورة إحالتها إلى البرلمان، كما أنها لا تلزمه بنشر تقاريره حتى تكون متاحة للعموم”.

واقترحت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان التنصيص بشكل واضح على إلزامية إحالة المجلس لنسخ من تقاريره إلى السلطة التشريعية (البرلمان) للمناقشة أمام اللجنة البرلمانية المختصة بالموضوع، والتنصيص صراحة على إلزامية نشر كل هذه التقارير التي يصدرها المجلس الوطني للصحافة بجميع الوسائل المتاحة بما في ذلك نشرها عبر الموقع الرسمي للمجلس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News