سياسة

الندوي: الحد من الهجرة غير القانونية في المتوسط لا يمكن أن يتم خارج الإطار الأورومتوسطية

الندوي: الحد من الهجرة غير القانونية في المتوسط لا يمكن أن يتم خارج الإطار الأورومتوسطية

اعتبر رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية و العلاقات الدولية، محسن الندوي، أن الحد من الهجرة غير القانونية واحترام حقوق المهاجرين غير القانونيين الأساسية في المتوسط لا يمكن التطرق إليها إلا في إطار العلاقات الأورومتوسطية.

وأضاف الندوي، في ندوة بمنتدى و معرض ليبيا الدولي للوسائل و التجهيزات الأمنية الحديثة، أن النظر في الإشكالية بتمعن يجعلنا نقول أنه من غير الممكن إطلاقا أن تتمكن ضفة من حل المشكلة دون مساعدة الضفة الأخرى على اعتبار أنها مشكلة مشتركة لا تحل إلا بالشراكة بين ضفة جنوبية مصدرة للمهاجرين ومركز عبور لهم، وضفة شمالية تشكل المقصد والملاذ لهم.

وأوضح المتحدث ذاته أن الإشكالية الأساسية تتمثل في إيجاد أغلب دول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته نوع من التوازن ما بين الرغبة في منع وتقييد الهجرة غير الشرعية وطلبات اللجوء السياسي إليها، وما بين احترام قيم حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين واللاجئين السياسيين.

و نظرا لأن الشراكة بين الدول محددة باعتبارات ومحددات سياسية تخضع لموازين القوى، يضيف الندوي أنه “نلاحظ أن هناك كتلة سياسية واقتصادية واجتماعية موحدة في الشمال تتمثل في الاتحاد الأوروبي تمتلك كل مقدرات القوة في جميع الأصعدة في مواجهة مجموعة من الكيانات المشتتة والمنقسمة يعمل كل منها في إطار مصالحه الضيقة في الجنوب.

واعتبر المصدر ذاته أن “كل التجمعات واللقاءات الإقليمية التي تطرقت إلى معالجة المسألة في إطار الحوار الأورومتوسطي لم يكتب لها النجاح لنفس السبب”، مشددا على أن “هذا ما يبرز الحاجة إلى اتحاد مغربي عربي قوي يفاوض حول المسألة ويملك الأوراق المناسبة التي تجعل من موقفه قويا في مواجهة الإتحاد الأوروبي”.

وأِار الندوي إلى أن منطقة البحر الأبيض المتوسط من المناطق التي تعرف أكبر حركات الهجرة بشتى أنواعها في العالم، وهذه الحركات ليست وليدة الوقت الحاضر فحسب، مبينا أن المنطقة من الناحية التاريخية عرفت بكونها مجالا هاما للتبادل الثقافي، الاقتصادي وكذا مساحة للتحولات السياسية، وتطورت في آواخر القرن الماضي وبدايات القرن الحالي، فزيادة على الموقع الاستراتيجي الهام لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، وأهميتها الجيوسياسية، تعد أيضا منطقة منتجة ومصدرة للطاقة وسوقا قويًا لأوروبا ، وبعدا استراتيجيا للولايات المتحدة الأمريكية

وفسر الندوي أن قضية الهجرة بين دول البحر الأبيض المتوسط وأوروبا ترتبط بعوامل مختلفة كالقرب الجغرافي والروابط التاريخية، والعلاقات الاقتصادية بين الضفتين، إضافة إلى التفاعلات الثقافية والحضارية، لافتاً إلى أن المنطقة عرفت حركات هجرة على مر العصور، ففي القرن التاسع عشر تميزت حركة الهجرة باتجاهها من الشمال إلي الجنوب خلال الحقبة الاستعمارية، أما النصف الثاني من القرن الماضي، فقد شهد نشاطا للهجرة غير مسبوق باتجاه أوروبا، ومنذ ذلك الحين ليصبح الاتحاد الأوروبي وجهة مفضلة للهجرة من مختلف دول العالم عموما او لهجرة من دول الضفة البحر الأبيض المتوسط على وجه الخصوص.

أما الهجرة من إفريقيا إلى أوروبا، يسجل المتحدث نفسه أنها كانت حتى الماضي القريب مسألة عادية ومألوفة بل ومرغوب فيها، باعتبارها تعبيرا عن تبادل المصالح وتلاقح الثقافات ولم تكن قط موضع اعتراض أو مجابهة من قبل أوربا، التي عملت – مدفوعة في ذلك باعتبارات اقتصادية ضاغطة ناتجة عن الدمار الهائل الذي لحقها جراء الحرب العالمية الثانية – على تشجيعها وتنظيمها من خلال تشريعات وطنية مرنة ومتسامحة.

ومنذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي، أوضح الندوي أن هذه الوضعية بدأت تتغير حيث أدى تعرض الدول الأوربية لسلسلة من الأزمات الإقتصادية، إلى إيقاف تعاطيها الإيجابي مع هذه الظاهرة، وذلك بالعمل على تقييدها في أفق الحد منها من خلال إغلاق الحدود وتبني سياسات احترازية للتضييق على أي هجرات جديدة إليها.

وأبرز أن اتفاقية شنغن لعام 1985 كانت خير تعبير وتجسيد لهذه الإنعطافة، حيث أصبح تشديد متطلبات الدخول إلى الفضاء الأوربي والصرامة المتزايدة في مراقبة حدوده الخارجية العنوان الجديد للسياسة الأوربية تجاه الهجرة، مورداً أنه بالموازاة مع ذلك لجأت أوربا إلى تدعيم سياستها هذه بتفاهمات ثنائية وإقليمية مع دول ضفة المتوسط الجنوبية، ولا سيما دول المغرب العربي بهدف تنسيق سياساتها بخصوص القواعد المتعلقة بقبول المهاجرين وإدارة الحدود.

ومع بداية ثورات الربيع العربي، واصل الندوي أنه ازداد تدفّق المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء على نحوٍ غير مسبوق، وهو ما دفع بدوره قادة الاتحاد الأوروبي إلى التفكير في إطار استراتيجي شامل للتعامل مع قضايا الهجرة واللجوء.

وأشار المتحدث ذاته إلى أنه في 18 نوفمبر 2011 تبنّى المجلس الأوروبي استراتيجية جديدة للتعامل مع قضايا الهجرة عُرفت باسم اقتراب الاتحاد الأوروبي العالمي الجديد الخاص بالهجرة والحركة، حيث أشارت المفوضية الأوروبية إلى أن هذا الاقتراب الأوروبي الجديد، على النقيض من السياسات الأوروبية السابقة الخاصة بالهجرة، لم يعد ينظر إلى المخاوف الأمنية في التعامل مع ملف الهجرة فقط وإنما يندرج في إطار اتفاقيات الحركة التي سيتم تقديمها إلى الدول التي لديها جوار مباشر مع الاتحاد الأوروبي وإلى تونس والمغرب ومصر.

وفي هذا الصدد، اعتبر الندوي أنه يمكن تفسير المنطق وراء هذا الإطار بحقيقة أن قابلية الحركة للعمالة من هذه الدول قد تكون في مصلحة أوروبا: فالقوة العاملة في أوروبا تسير نحو مرحلة من الهرم وهو ما يعني أن هناك نقصاً متوقعاً في العمل في بعض المجالات الاقتصادية يمكن تعويضه فقط من خلال استقدام شباب متعلم، وموهوب من هذه الدول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News