“مجلس الحسابات”: الحماية الاجتماعية تواجه تحديات تشكل عوامل نجاح رئيسية

عدّد المجلس الأعلى للحسابات الاختلالات والتحديات التي همت مجموعة من أوراش الإصلاحات الكبرى التي تعيق تحقيق الأهداف المتوخاة من هذه الإصلاحات، في إطار تتبعه لمسارها وتقييمها.
وفي تقريره الأخير لسنتي 2023-2024، أبرز المجلس الأعلى للحسابات أن إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية يواجه مجموعة من التحديات التي يمكن اعتبارها في نفس الآن عوامل نجاح رئيسية للإصلاح، وتتجلى خاصة في تطوير نظام استهداف وضبط الفئات التي تتحمل الدولة تكاليفها، وتنويع مصادر التمويل من أجل تخفيف العبء على ميزانية الدولة، والنهوض بمؤسسات الرعاية الصحية العمومية وتأهيلها، ومحاربة الهشاشة عبر استبدال الإعانة بالدخل.
وعلى ضوء هذه التحديات، أوصى المجلس الأعلى للحسابات رئاسة الحكومة بصفة خاصة بتفعيل مجموع المؤسسات المتدخلة في تدبير منظومة الحماية الاجتماعية، وتعبئة وتنويع مصادر تمويل مستدامة، وتطوير وتأهيل المؤسسات الاستشفائية العمومية، وتتبع أثر الدعم الاجتماعي المباشر على الفئات المستفيدة والتنسيق بين سياسة الحماية الاجتماعية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى.
وبخصوص إصلاح منظومة الاستثمار، يرى المجلس أن تعبئة العقار تحتل مكانة مهمة في سبيل تحقيق أهداف الركيزة الثانية من خارطة الطريق الاستراتيجية وفي التحسين الشامل لمناخ الأعمال، مما يستدعي العمل على المزيد من التنسيق والانخراط من قبل مختلف الفاعلين في هذا المجال، من أجل بلوغ الأهداف المرجوة.
ودعا إلى إيلاء اهتمام خاص لعنصرين أساسيين، لما لهما من تأثير مهم على توفير الظروف الملائمة لتطوير الاستثمار، ويتعلق الأمر باعتماد استراتيجية عقارية تحدد الاحتياجات في هذا المجال، وذلك من أجل إعادة تشكيل الاحتياطي العقاري الموجه للاستثمار، في تناغم مع سياسة الدولة في مجال دعم الاستثمار وبتعزيز الروابط والتكامل بين مختلف الأنظمة العقارية؛ الملك الخاص للدولة، الأراضي الجماعية، أراضي الكيش الملك الغابوي.
وفي هذا الصدد، أوصى المجلس رئاسة الحكومة بتحسين الإطار الاستراتيجي للإصلاح من خلال تسريع اعتماد استراتيجية وطنية للاستثمار وإضفاء الطابع الرسمي على التعاقد الوطني للاستثمار، لترسيم التزامات القطاعين الخاص والبنكي في ما يخص تنزيل مضامينه، وكذا بتسريع إحداث المرصد الوطني للاستثمار لتحسين قيادة وتتبع تحقيق الأهداف الاستراتيجية، خاصة على المستويين الترابي والقطاعي.
كما أوصى باستكمال أنظمة دعم الاستثمار، لاسيما من خلال اعتماد النصوص التنظيمية المرتبطة بتنزيل النظام الخاص المتعلق بالمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، لضمان تنزيل متناسق ومدمج للإصلاح، وبالحفاظ على وتيرة تنفيذ خارطة الطريق الاستراتيجية المتعلقة بتحسين مناخ الأعمال، لاسيما في ما يخص تعبئة العقار الموجه للاستثمار الخاص، من خلال تعزيز انخراط كل الجهات المعنية.
وأشار المجلس بخصوص الإصلاح الجبائي، يشير التقرير إلى ضرورة تنزيل متواصل لمقتضيات القانون الإطار ويستدعي استكماله بباقي التدابير ذات الأولوية، مبرزا أنه “ومع اقتراب انصرام أجل خمس سنوات التي حددها هذا القانون الإطار، لم تتخذ بعد تدابير أخرى ذات أولوية تهم على وجه الخصوص مراجعة القواعد المتعلقة بجبايات الجماعات الترابية، وذلك على الرغم من بعض التعديلات التي أدرجها القانون رقم 07.20، بتغيير وتتميم القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية، على منظومة هذه الجبايات كتمهيد لانطلاق الإصلاح الشامل لها”.
وأكد التقرير أنه “وباستثناء إدراج الأحكام المتعلقة ببعض الرسوم شبه الضريبية بالمدونة العامة للضرائب، كما هو مقترح في مشروع قانون المالية لسنة 2025 بالنسبة للرسم الخاص بالإسمنت، فلم تتخذ بعد تدابير لتنزيل الإصلاح الخاص بهذه الرسوم بهدف ترشيد وتبسيط قواعد الوعاء والتحصيل المتعلقة بها وفقا لما نص عليه القانون الإطار سالف الذكر”.
وسجل المجلس مواصلة تنزيل القانون الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي، يعيد التأكيد على التوصيات الصادرة في التقرير السنوي 2022 2023، الموجهة إلى رئاسة الحكومة والمتعلقة بتسريع تنزيل الإصلاح المتعلق بجبايات الجماعات الترابية وبالرسوم شبه الضريبية وذلك وفقا للأهداف المسطرة في القانون الإطار، سالف الذكر وكذا بإجراء تقييم دوري للأثر الاجتماعي والاقتصادي للامتيازات الضريبية الممنوحة من أجل مواصلة توجيه القرارات بشأن الاحتفاظ بها أو مراجعتها أو حذفها حسب الحالة.
كما أوصى وزارة الاقتصاد والمالية بإجراء تقييم للإجراءات التي تم اتخاذها في إطار الإصلاح المتعلق بالضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة، ثم التواصل بشأنها وبشأن الآثار المتوقعة عن الإصلاح المقترح الخاص بالضريبة على الدخل.