مزارعو سوس ينشدون تحسين ظروف العمل ويرفضون “هشاشة” الأجور

ما يزال مزارعو الضيعات الفلاحية بمنطقة اشتوكة آيت باها ينتظرون استجابة أرباب العمل للمطالب التي فجرت احتجاجاتهم خلال الأسابيع الماضية وإنهاء هشاشة الأجور التي لا تتجاوز 80 درهما لليوم وتحسين ظروف العمل “القاسية” و”الخالية من شروط السلامة الصحية”، منتقدين “تجاهل” حراكهم ومطالبهم المشروعة.
ويخوض مزارعو عدد من الضيعات الفلاحية بجهة سوس، وتحديدا إقليم اشتوكة آيت باها، منذ 25 نونبر الماضي، معركة لتحقيق عدد من المطالب التي تصدرتها الزيادة في الأجور والحد من الهشاشة في علاقة الشغل بالإضافة إلى ضمان صحتهم وسلامتهم في أماكن العمل ووقف حوادث السير التي تحصد أرواح العشرات وتخلف المئات من العطوبين سنويا.
ويطالب المزارعون المحتجون بإقرار زيادة في الأجر اليومي ليصل إلى 150 درهما مع تقدير ساعات الذهاب والإياب والأعباء التي يتحملها العمال للوصول لأماكن العمل.
عبد الله مهماوي، فاعل حقوقي بمنطقة اشتوكة آيت باها، قال إنه “حتى إن طالب المزارعون المحتجون برفع الأجور إلى 150 درهما لليوم الواحد، فهذه الزيادة إن تمت فإنها لن تنهي معاناة المزارعين وإنما ستخففها فقط”، مشددا على أن “معاناة التنقل لوحدها تقتضي تحسين الأجور فما بالك بظروف العمل القاسية داخل هذه الضيعات”.
وتساءل المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، “في ماذا ستكفي 80 درهما في ظل الغلاء الذي تعرفه أسعار المواد الأساسية؟”، مبرزا أن “المؤسف أكثر هو أن هذه الأجور الهزيلة لا يتوصل بها العمال في موعدها”.
“معظم الضيعات أصبحت توظف استراتيجية توظيف النساء عوض توظيف الرجال لتفادي الاحتقان والاحتجاج داخلها” يوضح الحقوقي نفسه، مورداً أن “هذا المنطق هو السائد اليوم في معظم الضيعات إلا أن معظم الاحتجاجات اليوم أصبحت تقودها النساء”.
وأورد المتحدث ذاته أنه “من المفارقات العجيبة أن هؤلاء العاملات الزراعيات أصبحن ينادين بالمساواة في فرص العمل داخل الضيعات الفلاحية”، مشيرا إلى “أنهن واعيات بأن تشغيلهن بنسبة أكبر وراء غايات غير معلنة من طرف أصحاب الضيعات”.
وفي ما يتعلق بعقود العمل، سجل الفاعل المدني أن “أغلب هذه العقود مؤقتة أو أنها تتم عبر عدد من الوسطاء”، مسجلا في الآن ذاته أن “هذه الطريقة في التشغيل أسقطت العلاقة بين العامل والمشغل (أصحاب الضيعات)”.
وبَيَّن المصدر ذاته أن “أرباب الشغل يفضلون اللجوء إلى هذه الصيغة من عقود الشغل للتهرب من إقرار حقوق العاملين داخل الضيعات”، لافتاً إلى أنه “عند حدوث أي نزاع شغل أو مشكل داخل فضاء العمل يتنكر المشغلون من مسؤوليتهم تجاه أجرائهم”.
وضمن أوجه استغلال هؤلاء العمال المزارعين، أكد الفاعل المدني بمنطقة اشتوكة آيت باها أن “معظم هؤلاء الوسطاء يقضمون من الأجور الهزيلة للعمال”، موضحا أنه “إذا كان يشتغل بـ100 درهم لليوم فإنها تصبح 70 أو 80 درهما بسبب هذه الاقتطاعات العشوائية”.
ولم ينف الناشط الحقوقي بالمنطقة “وجود شركات توقع عقود عمل قانونية مع العمال بأجور محترمة وتوفر وسائل نقل بجودة مقبولة”، مستدركا أن “بعض الشركات ما تزال تستعمل سيارة لا تصلح لنقل الأشخاص وبحمولات زائدة معرضة حياة العمال للخطر”.
ولا تختلف الأوضاع بالنسبة لمعظم العمال المزارعين داخل الضيعات، حيث أشار المصدر ذاته أن “النشاط المهني لهؤلاء العمال يفرض الاقتراب اليومي من المواد الكيميائية (المبيدات الحشرية والأدوية) في غياب الشروط الكافية للسلامة (الكمامات والألبسة الواقية من هذه المواد الضارة بالصحة)”.