مرصد: نصف السجناء معتقلون احتياطيا ولابد من تأطير سلطة التأويل في الاعتقال

جدد المرصد المغربي للسجون تنبيهه إلى ارتفاع نسبة المعتقلين احتياطياً بالمغرب إلى قرابة نصف الساكنة السجنية، مسجلا “ضرورة العمل على تأطير وتقييد التأويل وسلطة التقدير الفردي لمن يقرر الاعتقال والسماح بالطعن في القرار أمام القضاء قبل الإبداع”.
الأرقام التي أوردها المرصد، في تقريره السنوي حول وضعيات المؤسسات السجنية والسجينات والسجناء خلال سنة 2023 أشارت إلى بلوغ نسبة المعتقلين احتياطياً في المغرب حتى 27 أكتوبر الماضي، نحو 45.27 في المائة من عدد السجناء البالغ عددهم 84 ألفاً و393 معتقلاً، لافتةً إلى أنها “أعلى نسبة تسجل منذ عام 2011”.
وأورد التقرير ذاته أن “نسبة المعتقلين احتياطياً في المغرب في ارتفاع مطرد على الرغم من تأكيد المسؤولين القضائيين أن ترشيد اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي موجود ضمن أولويات السياسة الجنائية في المغرب”.
وأوضحت معطيات التقرير ذاته أن “الاكتظاظ في السجون يرجع بالأساس إلى الزيادة في عدد المعتقلين”، مستدركةً أنه “يبقى مرتبط أساسا باللجوء المفرط للاعتقال الاحتياطي الذي تحول من تدبير استثنائي إلى قاعدة”.
ونبه المرصد إلى أن “جنحاً بسيطة يمكن أن تكون أيضا وراء الاحتفاظ بالمتهم في إطار الاعتقال الاحتياطي”، مبرزاً أن “ذلك يتضح من خلال العدد الكبير للأحكام القاضية بالبراءة والعقوبات بالغرامات أو مع وقف التنفيذ”.
وأكد المصدر ذاته أن “الاعتقال الاحتياطي لازال يشكل موضوع اهتمام العديد من المنظمات الحقوقية نظرا لما يعرفه هذا الأخير من ارتفاع متزايد، وجدل كبير في الآونة الأخيرة بين أوساط القانونيين والحقوقيين”، مشددا على أن “الاعتقال الاحتياطي إجراء ماس بحرية الأفراد اعتمده المشرع في قانون المسطرة الجنائية، بمقتضاه تسلب حرية الفرد مدة من الزمن على الرغم من أنه لم يحكم بعد بإدانته ولا يزال متمتعا بضمانة قرينة البراءة كأهم الحقوق الأساسية التي يتعين أن يتمتع بها الإنسان”.
وبعبارة أخرى، تضيف معطيات التقرير أنه “لا ينبغي للاعتقال الاحتياطي أن يقتصر على مجرد كونه مشروعاً ولكن أن يكون أيضاً معقولًا وضروريا”، مشيراً إلى أن “قانون المسطرة الجنائية المغربي وإن لم يضع تعريفا للاعتقال الاحتياطي، فإنه اعتبره بموجب المادة 159 تدبيرا استثنائيا يعمل به في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية”.
وذكَّر التقرير بموقف الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان في شأن الاعتقال الاحتياطي حينما اعتبر أنه “في مفهوم النيابة العامة ليس تدبيراً استثنائياً، بل هو تدبير مفروض تستعمله مباشرة، أو تأمر باستعماله عن طريق قاضي التحقيق، وذلك من دون أي مراقبة لأعماله، لا سياسياً من البرلمان، ولا قضائياً من المحكمة”.
وفي ما يرتبط بالتوصيات التي قدمها المرصد المغربي للسجون للخروج من الوضع المقلق الذي يخلفه الاعتقال الاحتياطي، شدد على “ضرورة احترام دلالة قرينة البراءة وكل ما يرتبط بها من تعزيز حقوق الدفاع ووضع حد للعموميات التي تصاغ بها النصوص (خصوصا مفهوم الضمانات)”.
وأضاف التقرير أنه “يجب تأطير تقييد التأويل وسلطة التقدير الفردي لمن يقرر الاعتقال والسماح بالطعن في القرار أمام القضاء قبل الإبداع والتمتع بالحق في التعويض المقرر دستوريا بالإضافة إلى تفعيل الإجراءات البديلة للحبس الاحتياطي”.
ودعت الهيئة ذاتها إلى “الإفراج عن مشاريع إصلاح القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية والقانون المنظم للمؤسسات السجنية، على اعتبار أن وضعية الاعتقال الاحتياطي نعتبر المرأة العاكسة لمدى نجاعة السياسة العقابية، والتي تشكل بدورها جزءا لا يتجزأ من السياسة الجنائية”.