سياسة

مستشارون يشبهون الفساد بمتحور كورونا ويؤكدون: محاربته مسؤولية جماعية

مستشارون يشبهون الفساد بمتحور كورونا ويؤكدون: محاربته مسؤولية جماعية

خلال عرض الميزانية الفرعية للهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة، شبه مستشارون برلمانيون الفساد بمتحور كورونا، لكونه يطور أساليبه كلما تطورت أساليب محاربته، مؤكدين أن مسؤولية محاربته تبقى جماعية، بما فيها دور المواطنين، في سياق يتم فيه التطبيع مع هذه الممارسات.

واعتبر خليهن الكرش، المستشار عن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بلجنة المالية في مجلس المستشارين، بعد العرض الذي قدمه رئيس الهيئة محمد البشير الراشدي، أن الفساد والرشوة “مرض لا يمكن مداواته لأنه أصبح بنيويا وثقافة مجتمعية ويتم التطبيع معه بعبارات كثيرة من قبيل “ذهن السير يسير”، مشددا على أن هذه ليست مسؤولية الحكومة فقط بل هي مسؤولية الجميع.

ولفت الكرش إلى أن الفساد الآن أصبح متغلغلا في السلط الأربع وهيكليا، وينبغي أن يكون هناك نقاش مجتمعي حوله، ومحاربته ابتداء من المدارس والجامعات غير أن الفساد أصبح متواجدا كذلك في قطاعات التربية الوطنية والتعليم العالي.

وشدد المستشار على أن الفساد أصبح مثل “متحور كورونا يتطور حسب تطور الإجراءات لمحاربته”، مفيدا أنه تغلب كذلك على الرقمنة التي وجدت لتسهيل المساطر، وأنه يكلف 5 في المئة من الناتج الداخلي الخام بما يناهز 70 مليار درهم، أي ما يعادل قطاع الصيد البحري وقطاع آخر.

ولفت إلى ضرورة أن يتم بذل مجهود مضاعف ويتعاون الجميع مع الهيئات المكلفة بمحاربته، موردا أن الفساد متواجد في الأحزاب والنقابات ومختلف الإطارات ما يفرض سياسية التقائية وجرأة سياسية.

وفيما يخض محاربة الرشوة، قال الكرش إن “مختلف الإجراءات همّت الموظفين الصغار دون أن نسمع عمليات كبرى عن الفساد الموجود بمختلف المؤسسات”، مشددا على أن “المشكل ليس مشكل إجراءات أو ميزانية بل مشكل تنزيل”، مفيدا أن المغرب أنفق ميزانيات مهمة في عدد من القطاعات ومع ذلك توجد مشاكل، كما أنه ضخ 2500 مليار درهم في الاستثمار خلال عقدين دون أن تتحقق الأهداف.

واسترسل الكرش “زلزال الحوز والفيضانات فضحت المستور.. والكوارث فيها نعمة لنراجع أنفسنا كدولة ومجتمع”، منتهيا إلى أنه “ليست الهيئة وحدها المعنية بمحاربة الرشوة والفساد.. بل هي مسؤولية الجميع وعلينا إعادة النظر في التربية الموجهة للمواطن، عبر المدرسة وغيرها لتكوين الأجيال.. يد واحدة لا تصفق وأنتم في بحر من الفساد”.

من جانبه، أكد لحسن حداد، المستشار البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن عمل الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة مهم جدا لأنه يؤسس لمرحلة جديدة في التعامل مع الرشوة بطريقة منهجية وتشاورية وتضع الأصبع على مكمن الجرح، داعيا إلى ضرورة التفاعل مع تقارير وتوصيات الهيئة.

ولفت حداد إلى أن مؤشر الشفافية في المغرب يبارح مكانه منذ عقدين رغم الجهود في التأسيس والقانون والسياسات العمومية والمجتمع المدني، مشددا على أن المسؤولية في محاربة الفساد “مشتركة وجماعية”.

وحول مكامن الخلل في عدم نجاعة جهود محاربة الفساد، أورد لحسن حداد أن هناك مكامن لها حساسية، مشيرا إلى أن “الإرادة السياسية تصعد وتنزل ما يجعلنا نبارح مكاننا”، مستحضرا كون “التأثيرات متعددة على الاستثمار والثقة وغيرها”.

وشدد على أن الميثاق الوطني لمحاربة الفساد الذي سيوضع “يجب أن يكون له جرأة ويجب أن يكون لديكم دعم سياسي لإيجاد حل لهذا المشكل”، مؤكدا أهمية معرفة العوائق، وأن الإشكالية تتعلق بكيفية تطبيق القوانين الموجودة.

ودعا المستشار عن الفريق الاستقلالي إلى تحالف جميع المتدخلين على هدف واحد عبر الميثاق الوطني، لافتا إلى أن التحالف يجب أن يضم الحكومة كرغبة سياسية، والقطاع الخاص والإعلام والمجتمع المدني، إضافة إلى الجسم القضائي، مشددا على أنه “إذا كان التحالف صريح والإجراءات صارمة وواضحة للجميع يمكن أن نتقدم إلى الأمام”.

وأبرز حداد ضرورة استكمال الترسانة القانونية لمحاربة الفساد في جميع المجالات؛ الصفقات العمومية أو غيرها، وتقوية دور المؤسسات، ذلك أنها كلما كانت قوية يمكنها التفاعل مع تقارير المؤسسة، وهذه مهمة الجميع.

ودعا إلى تجند المواطنين من أجل الشفافية، والعمل على التحسيس والتربية والتكوين، وضرورة حماية المبلغين عن الفساد عبر ترسانة قانونية خاص، مع استعمال التكنولوجيا وتوظيف الرقمنة وتبسيط المساطر، مذكرا أيضا بالعمل في شق التعاون الدولي عبر تبادل المعطيات حول الفساد العابر للحدود والتملص الضريبي.

من جهته، أكد المستشار البرلماني خالد السطي، عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن الهيئة الوطنية للنزاهة تواجه مجموعة من الإكراهات والمشاكل والتحديات، لافتا إلى أهمية التعاون الجماعي لتطوير هذه المؤسسة بما يخدم الصالح العام.

وفيما يخص الإطار القانوني والمؤسساتي للهيئة، أثار السطي أن صلاحياتها محدودة، إذ لا تتوفر على صلاحيات ولا تمتلك سلطة لتنفيذ القرارات وفرض العقوبات، مسجلا غياب التكامل مع باقي هيئات الحكامة.

ولفت إلى الإكراه الذي تواجهه الهيئة والمتعلقة بإشكالية الموارد البشرية، مشيرا إلى تخصيص 35 منصبا ماليا من ضمن 50 التي طالبت بها الهيئة، موجها نداء لرئيس الحكومة لتزويد الهيئة بالأطر والموارد البشرية والمالية.

ولفت إلى ضرورة التكوين المستمر لكل الكفاءات، مع الحاجة لاستقطاب مزيد من الكوادر خاصة في ما يرتبط بالأمور المالية، لافتا إلى أن التطبيع مع الفساد أصبح شيئا عاديا مما يصعب تغيير السلوكيات، داعيا إلى أهمية التواصل مع المواطنين عبر إعداد كبسولات تعرف بمهام الهيئة وتحذر من الفساد.

وأشار إلى العراقيل السياسية، عبر غياب الإرادة السياسية القوية، لافتا إلى أنه في بعض الحالات، قد تكون هناك مقاومة لإصلاحات جذرية بسبب تأثير مجموعات مصالح، مستحضرا كذلك تأثير اللوبيات حيث توجد جهات نافذة قد تعرقل مسار الإصلاح أو تضغط للحفاظ على الوضع القائم، داعية الهيئة لإعداد دراسة حول الانتخابات وكيفية إجراء الانتخابات وحجم الفساد المستشري فيها.

كما استحضر السطي عدم عقد اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، والتي لم تجتمع منذ عهد حكومة سعد الدين العثماني.

وأشار إلى ما يتعلق بالتحديات التقنية، ومنها غياب الرقمنة الكاملة، ومحدودية الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى صعوبة تتبع العمليات المالية، لافتا إلى ضرورة التعاون الدولي، مشيرا إلى ضعف آليات المحاسبة وقلة القضايا التي تنتهي بعقوبات رادعة، “مما يقلل من هيبة الهيئة وتؤثر على مصداقيتها، كما أن غياب العقوبات الحاسمة يشجع استمرار الممارسات الفاسدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News