تعقيد المساطر وتعدد المتدخلين يعرقلان قطاع تربية الأحياء المائية بالمغرب

يراهن المغرب على النهوض بقطاع تربية الأحياء المائية، ذلك ما يكشفه حرص كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، على عقد اجتماع بهذا الخصوص بعد مدة وجيزة من استلام مهامها. غير أن القطاع الذي يحظى بدعم دولي كبير يصطدم بعدة عراقيل تحول دون نموه في المغرب.
وطالبت الدريوش، خلال الاجتماع المذكور، بتسريع وتيرة إنجاز البرامج والمشاريع المرتبطة بقطاع تربية الأحياء المائية، ومواكبة المهنيين وتحفيز المستثمرين عبر مجموعة من الإجراءات منها الضريبية والمالية وكذا تكوين وتأهيل اليد العاملة.
الداخلة.. القطب الإنتاجي الوطني
وتسعى “الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء المائية” إلى زيادة عدد مشاريع المزارع لتبلغ 232 مشروعا، بقدرة إنتاجية تناهز 900 115 طن، وخلق 2720 وظيفة مباشرة في أفق السنة المقبلة.
في هذا الصدد، أكد رئيس الجمعية المهنية لمربي الصدفيات بجهة الداخلة وادي الذهب، محمد أحمد حمنة، أن مدينة الداخلة تعد القطب الإنتاجي الوطني الأول في مجال تربية الأحياء البحرية، باحتضانها لحوالي 120 مشروعا من بينها نحو 100 يقودها شباب.
وأوضح الفاعل، في تصريح لصحيفة “مدار 21″، أن القطاع ينقسم إلى عدة فروع أهمها تربية الأسماك والطحالب والصدفيات، التي تنقسم بدورها للمحار وبلح البحر.
وكان بلاغ لوزارة الفلاحة أفاد بأن “هذه المشاريع مكنت القطاع من تحقيق نمو مستمر من حيث عدد مشاريع المزارع التي تم إنشاؤها، والتي بلغ عددها 173 مزرعة، تستهدف إنتاجا إجماليا سيتجاوز 99.400 طن سنويا، بالإضافة إلى 61 مشروعا آخر في طور الإنشاء لإنتاج سنوي يناهز حوالي 24.800 طن وخلق حوالي 626 وظيفة مباشرة جديدة”.
كما يعرف القطاع زخما كبيراً في الآونة الأخيرة، في مختلف أبعاده، بحيث عمدت شركات تأمين عدة خلال شهر نونبر الجاري، لأول مرة في المغرب، إلى اقتراح تغطية لسفن الصيد وتربية الأحياء المائية البحرية.
قطاع يروم تحقيق الأمن الغذائي
وتتجلى أهمية القطاع باعتباره وسيلة للقضاء على الجوع من دون الإضرار بالبيئة البحرية، وفقا لمدير شعبة مصايد الأسماك في منظمة الأغذية والزراعة، مانويل بارانج.
لكن تقريرا للمنظمة ذاتها أظهر أن القارة الإفريقية برمتها لا تمثل سوى 1.9 في المئة من الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية، مضيفا أن زيادة الإنتاج تمثل ضرورة للحفاظ على معدّلات استهلاك الأغذية المائية في الأقاليم التي تتزايد فيها أعداد السكان.
ذلك ما ذهب إليه حمنة في تصريحه لـ”مدار 21″، مشيرا إلى أن أهمية القطاع تتجلى في الدعم الذي يحظى به من طرف مجموعة من الأطراف الدولية، بما فيها منظمة الأغذية والزراعة والبنك الإسلامي، الذي وفر في الآونة الأخيرة لشركات تربية المحار بالداخلة دعما لأجل اقتناء المعدات اللازمة للإنتاج.
عراقيل تحول دون نمو القطاع
ولأجل النهوض بهذا القطاع، أوصى المتحدث بتسريع تنزيل الأوراش المتعلقة بالقطاع بمدينة الداخلة، قائلاً إن الكثير من الشباب يحملون مشاريع جاهزة لكنها معلّقة بسبب المساطر الإدارية المعقدة.
كما لفت إلى إشكالية تعدد المتدخلين، قائلاً إن “الإنتاج يمر بعدة مؤسسات في مقدمتها الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء المائية، ومندوبية الصيد البحري والجمارك والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، مما يسبب عرقلة كبيرة لمنتج حساس على حد قوله.
واقترح زيادة الجهود المبذولة للتعريف بمنتجات تربية الأحياء البحرية بالمغرب، ولاسيما بمدينة الداخلة، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، ومن ذلك الإكثار من المعارض والفعاليات والتظاهرات المتعلقة بالقطاع.
كما ذكر أن جهودا تبذل من طرف المهنيين لإقناع “البنك الإسلامي” بتوسيع دعمه للمهنيين، ليشمل كافة فروع النشاط، بحيث يقتصر الدعم في الوقت الحالي على فئة تربية المحار.
جدير بالذكر، أن إصدار عام 2024 من تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم كشف عن نقطة تحوّل مهمة، فلأول مرة على الإطلاق، فاق إنتاج تربية الأحياء المائية إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية، باعتبارها المصدر الرئيسي للمنتجات الحيوانية المائية.
وشدد التقرير على أن هذا الإنجاز يمثل “طريقًا واعدًا نحو التصدّي للجوع في العالم وحماية المحيطات في الوقت عينه”.