اقتصاد

التخلي عن “الكاش” يصطدم بـ”الأمية الالكترونية” و”هيمنة” الاقتصاد غير المهيكل

التخلي عن “الكاش” يصطدم بـ”الأمية الالكترونية” و”هيمنة” الاقتصاد غير المهيكل

تلت دعوات والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، المغاربة إلى التحرر من ثقافة (الكاش) قراءات متعددة لأسباب الصعوبات التي يواجها الاقتصاد المغربي في الانتقال إلى اعتماد “الأداء الالكتروني”، مركزة على إشكالية ارتفاع نسبة “الأمية الالكترونية” بالإضافة إلى توسع أنشطة  الاقتصاد غير المهيكل  الذي تطغى عليه التعاملات بالأوراق النقدية.

والي بنك المغرب، وفي آخر لقاء له مع الصحافة بمناسبة الاجتماع الفصلي للبنك، رفض تحميل كل المسؤولية في انتشار (الكاش) وارتفاع تداوله لهنيمة القطاع غير المهيكل، مشددا على أن “البنك بصدد إتمام دراسة معمقة وشاملة حول هذا الموضوع تراعى فيها استشارة كل الأطراف المعنية”.

خالد حمص، أستاذ جامعي محلل اقتصادي، قال إن “الارتباط الوثيق للمغاربة ب(الكاش) هو مسألة ثقافية بالدرجة الأولى”، مسجلا أن “معظم المغاربة يفضلون أداء جميع تعاملاتهم المالية اليومية نقدا نظرا لغياب الثقة في التعاملات الرقمية وانتشار بعض الإشاعات حول عمليات نصب إلكترونية بمجرد إدخال المعطيات الشخصية”.

وانتقد الخبير الاقتصادي، في تصريح لجريدة “مدار21” الالكترونية، “حديث والي بنك المغرب عن تأخر تخلي المغاربة عن التعامل بـ(الكاش) في الوقت الذي لم تَحدُث فيه أي طفرة رقمية حقيقة في المغرب تساعد في نجاح هذا الانتقال من الأداء بالنقد إلى الأداء الالكتروني”.

ولم يستبعد المهتم بالشأن الاقتصادي ذاته “وقوف لوبيات كبيرة وراء عرقلة هذا الانتقال إلى المجال الرقمي في مجال الأداء والتعاملات اليومية المالية للمواطنين”، مشيرا إلى أن “إلغاء (الكاش) سيؤدي إلى قطع الطريق على بعض الشركات التي تستفيد من حصص مالية نتيجة عمليات تحويل الأموال”.

وفي السياق ذاته، أورد المتحدث نفسه أنه “إذا تم توسيع الاعتماد على الأداء الالكترونية عبر الهواتف ووسائل الاتصال الذكية فإنه لن يبقى هامش لاستفادة هذه الشركات وبالتالي يمكن أن نرجح مقاومتها لهذا التحول من الكاش إلى الأداء الالكتروني”.

ومن بين العوامل التي يراها معززة لتعاملات “الكاش” لدى المغاربة، لفت المهتم بالمواضيع الاقتصادية إلى “الحضور المتزايد للقطاع غير المهيكل الذي يزيد من قوة التعاملات بالكاش بين المغاربة”، مشددا على أنه “كلما تقوى الاقتصاد المهيكل كلما صعب التخلي عن الكاش”.

وأورد الخبير ذاته أنه “في ظل استقرار هذه البنية الاقتصادية الهشة سيبقى الحديث عن الانتقال إلى الأداء الالكتروني أو الرقمي مجرد شعارات”، مشددا على أن “الحل الوحيد هو تحلي الحكومة بجرأة سياسية حقيقية وتقليص تعامل المواطنين بالأوراق والقطع النقدية من خلال محاربة كل الطرق التي تنمي هذه التعاملات النقدية المباشرة”.

وعن أهمية الانتقال إلى الأداء الرقمي أو الالكتروني، أشار حمص إلى أن “القضاء على تعاملات (الكاش) سيسهل مجموعة من العمليات اليومية على المواطنين بحيث ستقلص تنقلاتهم لقضاء عدد من الأغراض”، لافتا إلى أنه “حتى بوجود الاقتصاد والأنشطة غير المهيكلة يمكن أن نعتمد الأداء الالكتروني ومنه نؤطر ونعالج هذه الظاهرة التي تضر بالاقتصاد الوطني”.

ولم ينف الخبير الاقتصادي نفسه “دور نسب الأمية وغياب ثقافة التعامل مع الوسائل الالكترونية الحديثة”، مشددا على أن “الدول التي طورت وسائل الأداء الالكتروني وتخلت عن الكاش هي دول حاربت نسب الأمية وطورت التعاملات الالكترونية داخل المجتمع”.

وضمن ما اعتبره الخبير نفسه “عاملا أساسيا” في ارتباط المغاربة بالـ”كاش”، أشار حمص إلى “غياب ثقة معظم المواطنين المغاربة في مثل هذه الوسائل الجديدة”، مشددا على أنه “لا يمكن إقناع المغاربة بالتخلي عن الكاش في وقت لا يحسن فيه معظمهم التعامل مع الهواتف الذكية”.

ولدى سؤاله عن أهمية التخلي عن (الكاش)، أورد المتحدث ذاته أن “هذه العملية ستمكن من تقليل عدد مزاولي أنشطة الاقتصاد غير المهيكل بشكل فعال بل يساهم أيضا في انتقالهم إلى الاقتصاد المهيكل بطريقة سلسة”.

ومن جانب آخر، أضاف حمص أن “كل وسائل الأداء الإلكتروني تساهم في ترك أثر لكل التعاملات المالية والتعاملات اليومية للمواطنين”، مشددا على أنها “تساهم أيضا في محاربة تبييض الأموال والتهرب الضريبي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News