محمد خالدي.. وفاة إسلامي خرج من رحم العدالة والتنمية وواجه بنكيران بـG8

في غفلة من الوسط السياسي المغربي الغارق في التدافع بين القوى السياسية البارزة، ترجل عن صهوة الحياة محمد خالدي، الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة، عن عمر يناهز 86 عامًا، يوم أمس السبت 21 شتنبر 2024، بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا غنيًا من النضال السياسي والفكري. بعد أن وافته المنية في منزله بمدينة سلا.
ويعد خالدي أحد رموز الحركة الإسلامية في المغرب، الذي بدأ حياته السياسية عضوا في الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، قبل أن يتحول إلى حزب العدالة والتنمية، الذي شارك في تأسيسه في تسعينيات القرن الماضي، ومعه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إذ كان له دور بارز كمقرب من الدكتور عبد الكريم الخطيب.
ورغم الانتماء إلى الحركة الإسلامية الذي جمعه مع أعضاء حزب العدالة والتنمية، إلا أن مرور الزمن وتراكم الأحداث كشفت تزايد الفجوات بينه وبين قيادة الحزب، مما دفعه إلى اتخاذ خطوة جريئة في عام 2005، بتأسيس حزب النهضة والفضيلة، الذي استقطب أعضاء من أحزاب متعددة، مبرزًا سعيه نحو تجديد الخطاب الإسلامي.
وفي ميثاق حزبه الجديد الذي انضاف إلى الساحة المغربية، أكد خالدي على أن “المرجعية الإسلامية برنامجٌ وليس غاية”، مشددًا على ضرورة إقامة دولة قانون تتسع للجميع، ما يؤكد أن الرؤية السياسة لخالدي تستند إلى أساسيات العدالة الاجتماعية، وتجاوز المنطق المحدود لتوظيف الدين في السياسة.
أكثر من ذلك، ستقود دروب السياسة محمد خالدي إلى مواجهة حزبه السابق وأمينه العام عبد الإله ابن كيران، سنة 2011 قبيل الانتخابات، وذلك بعد انضمام حزب النهضة والفضيلة إلى التحالف من أجل الديمقراطية، أو ما عُرف بـ”G8″، الذي ضم مجموعة من الأحزاب الوطنية.
تأثير خالدي امتد أيضا إلى المناصب التي شغلها في وزارة الشباب والرياضة، حيث سعى لتعزيز دور الشباب في المجتمع من خلال موقعه الوظيفي.
ويذكر أن خالدي تولى مسؤولية “جريدة العصر”، لسان العدالة والتنمية، ثم انتخب عضوًا لأمانة الحزب في المؤتمر الرابع للحزب. وسعى إلى تأسيس تيار يوازن به تيار حركة التوحيد والإصلاح داخل الحزب، ويضغط به على الحزب في المؤتمر الوطني الخامس الذي عقد في شهر إبريل 2003، والحصول على نسبة محددة في المجلس الوطني والأمانة العامة، لكنه فشل في ذلك، ولم يحصل على الأصوات اللازمة لعضوية الأمانة العامة.
ورغم ذلك عمل الأمين العام الجديد حينها سعد الدين العثماني على إلحاقه بالأمانة العامة برفقة عضوين آخرين، وبعد الاختلاف الدائم في وجهات النظر بين التيارين المتواجدين في الحزب مضى نحو تأسيس حركة في مقابل حركة التوحيد والإصلاح سماها حركة «اليقظة والفضيلة» كنواة لحزب مقبل، وهذا ما أنجزه يوم 25 دجنبر 2005 بتأسيس حزب النهضة والفضيلة.
وبرحيله، يكون المغرب قد فقد واحدا من الأسماء البارزة في تاريخ الحركة الإسلامية، الذي ألهم العديدين وترك بصمته في قلوب من عرفوه من أقارب وأعضاء الحزب.