المحامون يتهمون وهبي بمحاولة إعدام المحاماة ويتوعدونه بـ”المعركة الكبرى”

خلال التئامهم في لقاء وطني بالرباط، أمس السبت، وجه المحامون رسائل قوية إلى وزارة العدل، متهمين عبد اللطيف وهبي بمحاولة إعدام مهنة المحاماة واستهداف أصحاب البذلة السوداء والتضييق عليهم، خاصة عبر مشروع قانون المسطرة المدنية، متوعدين بخوض معركة كبرى.
وقال الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، في كلمته خلال اللقاء، إنه “أصبحنا نعيش في وضع غير طبيعي بسبب ما يحاك ضد المحاماة والمواطن في بلدنا”، مفيدا: “تولدت القناعة الكافية بقيام عناصر التضييق على نساء ورجال الدفاع، وتهميش دورهم ومكانتهم”.
وأوضح أن أسلوب الحوار والانفتاح والمبادرة والإلحاح أسلوب “ليس ضعفا ولا استسلاما ولا تملقا بل هو أسلوب يعبر عن قناعة وهوية ويجسد أدوار جمعية هيئات المحامين المغرب وإسهاماته”.
ولفت الحسين الزياني إلى أن “الواقع التشريعي وما صاحبه وما روج له من نعوت وانتهاكات وإشارات وتلميحات أثبت لنا أن المحاماة في مفترق طرق، أريد ما أريد لها ممن لا يريد استيعاب أن العدالة لا تقوم إلا بمحاماة قوية، التي لا تقل عن مسؤولية القضاء”.
وتابع النقيب “ما يقلقنا ويشغل بالنا هو وضعية التشريع ببلادنا المتسمة بالتراجعات والتناقضات، وما تعانيه المحاماة من معيقات وما تتعرض له من هجوم غير مفهوم من خلال الإعداد في مرحلة أولى لمشروع قانون المسطرة المدنية الذي كسر عددا من المبادئ التي تقوم عليها النظرية العامة للقوانين الإجرائية ونسف عددا من المكتسبات بكثافة عالية من الاختلالات والخروقات”.
وأكد الزياني أن مشروع قانون المسطرة المدنية رغم تضمنه بعض المقتضيات الجيدة والمقبولة إلا أنه مشروع “غير متجه نحو تعزيز وتقوية ضمانات المتقاضين وحقهم في الدفاع والولوج السهل والمتبصر للعدالة، بقدر ما ارتكزت هندسته وأهدافه على ضبط الولوج للعدالة وتقليصه والسرعة في إنتاج الأحكام وبمنطق يفهم منه أن الغرض من إعداد المشروع هو الحد من قضايا المواطنين الذين يلجون العدالة”.
وأوضح رئيس جمعية هيئات المحامين أن “أسباب التعقيد والبطء والهشاشة في مجال العدالة لا يتحملها القانون وحده، وإنما أسبابها متنوعة أهمها العامل البشري”، مشددا نحن أمام أزمة حقيقية في إنتاج التشريع متسائلا عن الجهة التي التي تشرع في إطار مبدأ فصل السلط.
وتساءل الزياني “أليس السير في اتجاه خنق المحاماة وتكبيلها بقضايا جانبية من هنا وهناك هو خنق للعدالة”، وما إن كانت الأزمة في المرفق بحد ذاته أم أنها في الخيارات الكبرى للسياسة العمومية ومن ثمة في العقل السياسي.
ولفت الزياني إلى أن شعار دولة الحق والقانون لم يعد مجرد شعار في الخطابات السياسية ولا يمكن أن تنمو في أحضان تشريع متأزم وعدالة مازالت تعاني أزمات حقيقية، مشيرا إلى أن رغم ما يحماه دستور المملكة من مبادئ وآفاق إلا أن مهنة المحاماة مازالت لم تحظ بما يدعمها ويطورها ويؤهلها ويعزز كفاءة المحامين لضمان العدالة.
وشدد على أن قتل وإعدام دور الدفاع هو حتما إعدام وقتل للعدالة، مفيدا أن الفاعل السياسي ومختلف القوى السياسية مطالبة بتطوير وتفعيل أدوارها السياسية وإبداء رأيها في كل ما يجري ببلادنا ومعاينة ما يقع علينا من قوانين من رحم برلمان الأمة تقتل أحلام المحاماة والمواطن في مغرب يتسع للجميع.
وأبرز أن مطالب المحامين ليست فئوية ولا خاصة ولا مادية بل هي مطالب تهم المواطن بالدرجة الأولى، وتشكل مظهرا من مظاهر دولة الحق والقانون وهدفا استراتيجيا لإصلاح منظومة العدالة ببلادنا الذي تم إغفاله والتراخي فيه، وقد تم اكتمل تأسيس السلطة القضائية بينما المحاماة كجناح ثان للعدالة مازالت تتخبط في مآسي تشريعات ماسة باستقلالها ومجال عملها ومكانتها.
وأورد نقيب المجحامين أن هذا الوضع ناتج عن سياسات مرتبكة أورثت فشلا في تدبير هذا القطاع، مفيدا أنه من غير المعقول أن تسطر بلادنا برامج التنمية في حين تبقى المحاماة تعيش على هامشها وعلى فتاتها.
ولفت إلى أن المحاماة استقبلت أفواجا كبيرة في السنوات الأخيرة من أبناء هذا الوطن دون التفكير في مجال عملهم ومستقبلهم وكيفية اندماجهم، موضحا أنه من غير المعقول تهميش انتظارات المحامين الذين يتطلعون إلى قانون مهني حداثي متطور وتطوير مهنة المحاماة عبر تحديث التشريعات والقوانين أو التكوين والتدريب المستمر واستخدام التكنولوجيا وتشجيع التخصص ومراعاة الجانب الاجتماعي للمحامين.
وأردف أن تغييب مبدأ التشاركية مع المحامين وضربها بشكل علني واستبداله بالأمر الواقع واللغة الخشبية لا يمكن أن يخدم مصلحة العدالة والوطن، لأن مكانة المحاماة ليست هينة، داعيا إلى تعزيز الشراكة بين وزارة العدل وجمعية المحامين.
وأوضح أنه عندما يصير التشريع أداة للتهديد إلى درجة الاستبداد به ووسيلة للتضييق والتهميش، وعندما تشوه المفاهيم وحين تعود لغة الانتقام ومحاولة تكسير جناح العدالة، حينها تصبحنا مسؤوليتنا الأخلاقية والتاريخية أن نكرس معركة كبرى لا هوادة فيها على من يصمم على تدمير المحاماة فوق رؤوسنا، ولا أحد يلوم المحامين إن هم دخلوا في المعارك الكبرى.