مركز ينبه إلى “غموض” تدبير صناديق مواجهة الكوارث الطبيعية و”محدودية” أثرها

في الوقت الذي حلت فيه الذكرى السنوية لزلزال الأطلس الكبير ولازالت فيه السيول الجارفة بالجنوب الشرقي، إلى حدود الآن، تهدد سلامة المواطنين وصمود البينات التحتية، انتقد المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة “غموض” الهندسة المالية لمخصصات مواجهة الكوارث الطبيعية، معتبرا أن “التمويلات الضخمة المخصصة لصناديق الكوارث الطبيعية لم تؤدي إلى استفادة عدد واسع من المتضررين”.
وأضاف المركز ذاته، في تقرير توصلت به جريدة “مدار21” الالكترونية بعنوان “تقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية لزلزال الحوز”، أنه “رغم زيادة إنشاء حسابات لأمور خاصة في قوانين المالية السنوية، إلا أن الهندسة المالية المخصصات مواجهة الكوارث الطبيعية تعاني من مشاكل عدة”.
وأورد المصدر ذاته أمثلة عن هذه المشاكل بالإشارة إلى “عدم وضوح تحديد المخاطر الطبيعية في ميزانيات القطاعات المعنية وقصور في شفافية التدبير المالي للبرامج المخصصة بالإضافة إلى محدودية الأثر المالي”، مسجلا أنه “لم تحقق التمويلات الضخمة استفادة واسعة، مع ضعف أعداد المستفيدين من صناديق مواجهة الكوارث، مما يستدعي تحويلها إلى صندوق وطني لتعزيز القدرة على الصمود”.
وفي ما يتعلق بالتحديات التي واجهت تدبير آثار زلزال الحوز، أورد المصدر ذاته أن “عملية إسكان المتضررين شهدت عدة اختلالات”، مبرزا أنه “بعد مرور أكثر من 8 أشهر على الزلزال، لا تزال بعض الأسر تقطن في منازل آيلة للسقوط أو خيام، حيث تم إعادة بناء 1000 منزل فقط”.
وأضاف المصدر ذاته أن هذا التأخر سببه “توقف عملية التعمير وحرمان الكثيرين من التوصل بالمساعدة الأسباب إدارية”، مشيرا إلى أن “هناك من تم رفض ملفه فقط لأنه لم يتوصل بالرقم الخاص الذي يتم إرساله عبر الهاتف”.
وانتقد المركز ذاته “تكليف الساكنة بمسؤولية هدم المساكن لصعوبة ولوج آليات الهدم إلى المناطق المتضررة”، لافتا إلأى أنه “لم يتم توفير أي موارد أو وسائل للساكنة في سبيل تطبيق هاته العملية”.
ووصف المرجع ذاته المنهجية التي تم العمل بها في صرف المساعدة للسكان على أنها “لم تكن العملية واستنزفت وقتا طويلا؛ حيث أجبر عدد من المتضررين على الانتظار لفترات طويلة بعد صرف الدفعة الأولى قبل أن تأتي اللجنة لتعاين ما تم إنجازه ويتم صرف الدفعة الثانية”.
وصلةً بالجانب التشريعي، أورد التقرير ذاته أنه “رغم توفر المغرب على نصوص قانونية لمعالجة الكوارث الطبيعية وتطور الأطر التشريعية، إلا أنها تعاني من أوجه قصور”، محيلا في هذا الصدد على “غياب تحديد دقيق لمفهوم الخطر الطبيعي وغموض الضمانات والمسؤوليات وتعدد المتدخلين مما يضعف التنسيق ويؤدي إلى ردود فعل غير مندمجة”.
وتابع المصدر نفسه أن “معظم النصوص وضعت استجابة لظروف استعجالية دون رؤية استراتيجية شاملة”، منتقدا “عدم مراعاة المخاطر في قوانين البناء وتخصيص العقارات”.
وبخصوص الجانب التقني، سجل المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة أن “الدعائم التقنية لتدبير الكوارث في المغرب تعاني من الهشاشة، كما يؤثر ضعف أنظمة الاتصال على اليقظة والإنذار المبكر”.
وأورد المصدر نفسه أنه خلال زلزال الحوز “لم يستغل نظام “MnhPRA” لتحليل مخاطر الكوارث بشكل كاف رغم أهميته”، مؤكداً أن “مركز اليقظة والتنسيق (CVC) يعاني من نقص في التمويل والتمثيل المحلي”.
وعن دور المديرية العامة للوقاية المدنية، فقد اعتبر المركز ذاته أن “إمكانياتها تظل محدودة وغير موزعة بشكل عادل بالإضافة إلى ضعف قواعد بيانات رصد المخاطر وغياب تحديثها مما يحد من فعالية التدخلات العامة”.
وانتقد المركز ذاته الجانب التخطيطي قبل وبعد وقوع الكارثة الطبيعية بالإشارة إلى “تركيز جهود الاستشراف على الجوانب التقنية متجاهلة التخطيط الاستراتيجي لتأثيرات الكوارث الطبيعية”، مؤكدةً أن “هذا ما أدى إلى غياب استراتيجية وطنية شاملة رغم أهمية وجودها في الوقاية وتدبير المخاطر”.
وأشار المصدر ذاته أن هذا “التخطيط الاستراتيجي يجد أهميته بالنظر إلى موقع المغرب الجغرافي الذي يعد من أكثر الدول عرضة للكوارث الطبيعية في المنطقة، مع خسائر سنوية قد تتجاوز 800 مليون دولار”، داعيا إلى “الانتقال نحو استراتيجية متكاملة وفق إطار “سنداي” للإدارة المندمجة للمخاطر لتعزيز التأهب والتخفيف من تأثيرات الكوارث المحتملة”.
ولم تغفل انتقادات المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة تشخيص الوقاع الميداني وـثيره في تدبير كارثة الزلزال، حيث اعتبر التكامل بين الفاعلين الرسميين وغير الرسميين تحدي كبير بسبب غياب آلية وطنية تؤطر العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني على الصعيد المحلي”، مبرزا أن هذا التنسيق “يمكن أن يسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الحلول بفضل خبرة الجمعيات”.