أكاديميون: انتخابات “دائرة الموت” لن تكون “باروميترا” لاستحقاقات 2026

رفض باحثون في العلوم السياسية تحميل الانتخابات الجزئية بدائرة المحيط أكثر مما تحتمله باعتبارها قادرة على إعطاء صورة عن مستقبل نتائج انتخابات 2026، مشددين على أن “هذا منطق غير سليم بحيث لا يمكن ربط الجزئي بالكلي” وأن دائرة المحيط التي تعرف سياسيا بـ”دائرة الموت” لا ترقى إلى مستوى العينة.
وإن سلَّم الأكاديميون الذين تحدثوا لجريدة “مدار21″ بأن الانتخابات الجزئية قاصرة على عكس مستقبل الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، فإنهم أكدوا في المقابل أن حملتها الانتخابية و”التراشقات السياسية” التي سبقتها “أعطتنا فكرة عن الأسلحة السياسية التي يمكن أن توظفها الأحزاب السياسية في انتخابات 2026”.
“الانتخابات الجزئية ليست مقياسا”
عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش، اعتبر أن “الانتخابات الجزئية لم ولن تكن يوما مقياسا للانتخابات التشريعية العامة”، مُبرزا أنه “حتى على المستوى العلمي فإنها لا ترقى إلى مستوى العينة وبالتالي لا يمكن أن نعطي لنتائج دائرة المحيط أكثر من قيمتها وحجمها”.
وأوضح العلام، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أنه “حتى وإن أجريت هذه الاستحقاقات الجزئية قبل شهر من موعد الانتخابات التشريعية فإنها تظل غير كافية لإعطاء صورة عن نتائج الانتخابات العامة، فما بالك إذا كانت الأمر يتعلق بانتخابات جزئية تسبق موعد الانتخابات المقبلة بقرابة سنتين”.
وعن السياق الذي تأتي فيه الانتخابات الجزئية بشكل عام، أورد المتحدث ذاته أنها “في الغالب لا تتميز بالمشاركة المكثفة للناخبين ولا تتميز بالأجواء الانتخابية العامة”، معتبرا أن “نسبة قليلة من الناس هي التي تكون مهتمة بهذه الانتخابات الجزئية ونتائجها”.
وبين العلام أنه “إذا فاز حزب من الأغلبية في هذه الانتخابات فهذا لا يعني أنه سيضمن نتائج إيجابية في الانتخابات التشريعية المقبلة”، مستدركا أنه “في المقابل فإذا فاز حزب من المعارضة فهذا لن يضمن له كذلك عدد كبير من الأصوات في استحقاقات 2026”.
وعن المؤشرات التي يمكن أن تحيل عليها هذه الانتخابات الجزئية بدائرة المحيط، سجل الأكاديمي ذاته أنها “أعطتنا فكرة عن الأسلحة السياسية التي يمكن أن توظفها الأحزاب السياسية خلال الحملات الانتخابية الخاصة بانتخابات 2026″، مشيرا في هذا الجانب إلى “سلاح الخطاب السياسي الذي بادر ابن كيران (الأمين العام لحزب العدالة والتنمية) إلى توظيفه خلال خرجته الأخيرة ضد وزير العدل ورئيس الحكومة”.
واعتبر العلام أن “فوز الأغلبية في هذا الاستحقاق الانتخابي الجزئي سيكون أمرا عاديا”، مواصلا أن “فوز أحد أحزاب المعارضة يمنح لها فرصة لاستثمار نتائجها في بناء كتلة انتخابية خلال الانتخابات المقبلة وخلق أجواء الثقة داخل الأحزاب وخارجه”.
“الكلي لا يقاس على الجزئي”
من جانبه، اعتبر أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، العباس الوردي، أن “الرهان على انتخابات دائرة المحيط من أجل استشراف صورة عن مستقبل الانتخابات التشريعية لسنة 2026 هو منطق غير سليم”، مسجلا أنه “لا يمكن أن نربط الجزئي (الانتخابات الجزئية) بالكلي (الانتخابات التشريعية لسنة 2026)”.
وأورد الأكاديمي ذاته، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “الانتخابات الجزئية التي ستعرفها هذه الدائرة لن تعدو أن تكون محطة لإعادة انتخاب نائب برلماني عن منطقة المحيط فقط”، مشددا على أنه “لا يمكن التسليم بأن الحزب الذي سيفوز في هذه الانتخابات هو الذي سيقود الحكومة المقبلة”.
واعتبر الجامعي ذاته أن “هناك مجموعة من المتغيرات التي ستحكم في مستقبل الانتخابات التشريعية المقبلة”، مشيرا في هذا الصدد إلى “تدبير الأوراش المعقدة التي تواجه الحكومة وعلى رأسها موجة الغلاء وندرة المياه”.
واعتبر الأستاذ الباحث في الشأن السياسي أن “الأحزاب السياسية اليوم أصبحت واعية كل الوعي بأن المواطن المغربي أصبح يعاقب الأحزاب التي تقود الحكومة إذا لم يرق تدبيرها إلى مستوى تطلعاته”، مؤكدا أن “هذه الانتخابات لن تكون بمثابة بارومتر لقياس شعبية الأحزاب السياسية المشاركة فيها لكون الشعبية مرتبطة بالبرامج والحصيلة الحكومية”.
وأجاب الوردي الأصوات التي تبرر أهمية هذه الانتخابات بطبيعة الدائرة التي ستنظم فيها (دائرة الموت) أن “هذه مجرد توصيفات حزبية ومزايدات سياسية نابعة من كون الدائرة منطقة حضارية وحاملة لثقل سياسي وتاريخي بحكم طبيعة السياسيين الذين كانوا يترشحون فيها في وقت سابق بالإضافة إلى قربها من مراكز التدبير الحزبي”.