احتدام النقاش حول مؤسسة الزواج بسبب أفكار النسوية ومن يعارضها

فرضت مغربيات تحملن أيديولوجيات مختلفة نقاشا محتدما في ساحة مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب آراء متباينة حول مؤسسة الزواج وطريقة تدبير الأسرة.
هند مسعد، غيرت مسار نقاش سابق أثارته معلمة تحدثت عن استقلالية الذمة المالية للمرأة في مؤسسة الزواج، وعدم انخراطها في التدبير المادي للأسرة بشكل الزامي، رغم امتلاكها لوظيفة، ما أثار استياء العديد من الرجال المغاربة، عادّين أن خطابها “مستفزا” ومن شأنه التأثير بشكل سلبي في النساء وتحريضهن على التمرد.
مسعد اعتبرت أن مشروع الزواج مشتركا بين الطرفين، وأن المهر ليس ضروريا ولا يجب أن تكون قيمته مرتفعة، وأن الرجل عماد الأسرة، إذ استفزت شريحة عريضة من النساء بقولها “الرجل يمكنه إعادة التربية لزوجته”.
ولم يكن الجانب المادي وحده موضوع نقاش في مواقع التواصل الاجتماعي، انطلاقا من آراء نساء يخرجن بشكل يعده البعض “بحثا عن الشهرة” و”مخططا له” لطرح توجه معين، بل يقحمن قضية “التعدد” بين “القبول” والرفض”.
ويرى البعض أن هذه الخطابات قد تظهر وكأنها موجهة لصناعة الرأي العام والتأثير فيه، خصوصا أن هذه المرة تغيرت الصورة النمطية عن النساء اللواتي يرتدين الحجاب من عدمه، حيث تبنت فتاة محجبة خطاب “رفض التعدد، والتمسك بالعمل أو تلقيها مقابله في حال ألزمت بتدبير المنزل”، في مقابل أخرى غير محجبة تتبنى خطاب “قبول التعدد، وطاعة الزوج، وعدم اشتراط الحصول على قيمة صداق مرتفع”.
وسبق أن خلقت زينب فاسكي نقاشا لا يقل إثارة للجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تطرقها إلى “المساكنة” والعلاقات الرضائية والدعوة إلى المساواة بين الرجل والمرأة في شتى المجالات، ما جعل البعض يضعها في خانة “النسوية المتشددة”.
ويخلق هذا التباين صراعا غير مباشر بين “النسوية” التي تطلق خطابات يعتبرها البعض تخالف عادات المجتمع المغربي، ومن يعارضها في اتجاه الحفاظ على القيم الأسرية.
وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي سلة سجالات، ومنطقة تثار بها الجدل حول العديد من المواضيع غير المعتادة التي تحمل آراء متابينة، بسبب اختلاف وجهات النظر، وانطلاقا من خطاب واحد.
وفي هذا الإطار، يقول الأنتروبولوجي والأستاذ الجامعي خالد مونة، في تصريح لجريدة مدار21 إن الفضاء الافتراضي هو مجال مفتوح، يمكن الحديث عن نوع من دمقرطة النقاش الذي أصبح متاحا للجميع.
وأضاف أن “دخول هذا المجال لا يتطلب شهادة أو مستوى دراسي ـو الاعتراف بالمتكلم من طرف مؤسسات تكوينية”، عادّا أن “هذه المساحة المفتوحة الآن لنقاش غيرت من طبيعة المتدخلين، بحيث يمكن للجميع الحديث والكل أصبح خبيرا في مجال معين”.
ويرى مونة أنه “من خلال هذا الفضاء أصبحنا نشاهد نقاشات حادة حول الجانب المادي في العلاقة الزوجية والحجاب والتعدد، وهي إشكالات حقيقية تحيل على التغير الحاصل داخل المجتمع المغربي، وصحية في نفس الوقت، لكن ينقصها التأطير المعرفي الرزين”.
ويشير الأستاذ الجامعي أيضا إلى أن “ما نسمعه ينحصر في نقاش الحس المشترك وليس بالضرورة فهم الواقع الاجتماعي انطلاقا من دراسات علمية”.