نسويات يرفضن “مسطرة وهبي” ويصفونها بـ”الانتكاسة الدستورية” و”الردة الحقوقية”

“انتكاسة دستورية” و”ردة حقوقية”، هكذا وصفت فدرالية رابطة حقوق النساء مصادقة البرلمان على مشروع قانون المسطرة المدنية في قراءة أولى، منبهةً إلى “خطورة بعض مقتضياته التي تضرب في العمق العديد من المكتسبات الحقوقية والدستورية وعلى رأسها الحق في الولوج المستنير الى العدالة”.
واستحضرت الفيدرالية، في بيان، “دور قانون المسطرة المدنية المحوري باعتباره القانون الناظم لكافة إجراءات الدعاوى أمام المحاكم”، مسجلةً “تطلعها إلى إعادة تعميق النقاش حوله عند عرضه على أنظار الغرفة الثانية وعلى المحكمة الدستورية لارتباطه الوثيق بأحد أبرز الحقوق وهو الحق في الولوج إلى العدالة”.
سعاد بطل، محامية وعضوة المكتب الوطني لفدرالية رابطة حقوق النساء، قالت إنه “في الوقت الذي نشجع فيه النساء على الولوج إلى العدالة من أجل المطالبة بحقوقهن جاء مشروع قانون المسطرة المدنية معاكسا لهذه الإرادة لإضعاف حقوق النساء أكثر”، مشددةً على “أننا كنا ولا زلنا نطالب بمجانية ولوج النساء للعدالة دون أن نلمس تكريسا لها في مشروع القانون المذكور الذي لا يميز هذه الفئة عن باقي المتقاضين”.
وأضافت بطل، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن المنظمات النسائية “لطالما نادت بتمكين النساء الذين يعانون من الإكراهات المالية من الولوج إلى القضاء”، مسجلةً أنه “في المقابل فقد وضعت مقتضيات مشروع قانون المسطرة المدنية جداراً كبيرا أمام النساء اللاتي تفتقرن للإمكانيات المادية بينهن وبين مرفق العدالة”.
واعتبرت المتحدثة ذاتها أن “هذا مساسٌ خطيرٌ بحقوق النساء بالنظر إلى الخطوات المتقدمة التي خطاها المغرب في إقرار الحقوق والحريات على مستوى دستور 2011 بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية المهمة التي صادق عليها المغرب لحماية وتكريس حقوق النساء”.
وفي نفس السياق، زادت بطل: “المساس بحقوق المرأة هو مساس بحقوق الطفل وبحقوق الأسرة ككيان خاصة في الوقت الذي دخلنا فيه مرحلة متقدمة من ورش إصلاح مدونة الأسرة المغربية”، مؤكدةً أن “أهمية هذا المشروع تكمن في كونه لصيقا بحقوق الإنسان والمواطن”.
وعلقت المُصرحة نفسها على مصادقة الغرفة الأولى للبرلمان على مشروع قانون المسطرة المدنية بشكله الحالي أنه “ضرب للمكتسبات التي حققها المغرب على مستوى دستور 2011 أو مدونة الأسرة أو الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في المجال الحقوقي أو الحقوق بمفهومها الشمولي والكوني”.
وأوردت الناشطة الحقوقية مثالا عن “الخروقات الدستورية” في مشروع قانون المسطة المدنية بالإشارة إلى “تأثير مشروع القانون المذكور على الولوج السلس والمستنير للعدالة”، مبرزةً أنه “على سبيل المثال فالمواطن الذي يخسر دعوة تفوق قيمتها 30 ألف درهم فإنه يصبح معرضا للغرامة”.
ولفتت المتحدثة ذاتها إلى أن “مثل هذه المقتضيات ستبث التخوف والترهيب في صفوف المواطنين قبل اللجوء إلى مرفق العدالة للفصل في النزاعات أو لرفع دعوى معينة بسبب هذه الغرامات”.
وتابعت الفاعلة الحقوقية والمحامية أن “نفس المواطن الذي نتحدث عنه في هذه الحالة يحرمه مشروع قانون المسطرة المدنية من الطعن في الأحكام بالاستئناف”، مسجلة أن “هذا المقتضى يحرم المواطن من حق دستوري خاصة أن حكم القاضي الابتدائي قد يصيب وقد يخطئ”.
واستحضرت المصرحة ذاتها ضمن نفس المقتضيات المضمنة في مشروع قانون المسطرة المدنية حق الاستئناف في الدعاوى التي تمثل قيمتها 80 ألف درهم، معتبرة أن “هذه القواعد تكرس عدم المساواة بين المواطنين أمام العدالة”.
وضمن ما ترفضه المنظمة النسائية ذاتها “الإخلال بمبدأ المجانية والولوج المستنير للعدالة من خلال تسقيف الاستئناف والنقض، في الوقت الذي ما زالت تطالب فيه الفدرالية بتمتيع النساء بالمساعدة القضائية بقوة القانون ورفع العراقيل المادية والإجرائية التي تواجههن في ولوج سبل الانتصاف”.
وطالبت الرابطة النسائية بـ”تعميم مبدأ مجانية ولوج النساء للعدالة وتمتيعهن بالمساعدة القضائية بقوة القانون بشأن جميع طلباتهن ومساطرهن بخصوص مصاريف جميع المهن المرتبطة بتقاضيهن”، مبرزةً أهمية “إحداث شباك موحد على مستوى المحاكم لتسهيل الإجراءات وولوج النساء إلى العدالة”.
وأوردت الهيئة نفسها “ضمان الترجمة للنساء الأمازيغيات وكذا إحداث ملحقات على صعيد الجماعات المحلية تتوفر فيهــا خدمــات المعلومــة والإرشادات والتوجيه والدعم النفسي والطبي والقانوني والأمني تسهيلا لولوج النساء للعدالة والقضاء وتبسيطا للمساطر لبلوغ الحقوق”.