المسطرة المدنية.. وهبي يحاول امتصاص غضب المحامين ويدافع عن دستورية مستجداتها

في سياق متسم بغضب شديد للمحامين وتخوفات كثيرة من التضييق على حقوق المتقاضين، حاول عبد اللطيف وهبي وزير العدل، خلال تقديم مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، امتصاص غضب أصحاب البدلة السوداء، مشيرا من جهة أخرى إلى عدد من المستجدات التي تضمنها المشروع، بينها إدخال الرقمنة والوسائل الالكترونية إلى التقاضي، واحترامها للدستور المغربي.
وأمام التصعيد المعلن من طرف جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أشار وهبي، اليوم الثلاثاء، في جلسة عمومية تشريعية مخصصة للمصادقة على مشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية، أنه “قوّى حق الدفاع، ذلك أن المشروع أكد على دور المحامي على مستوى تمثيل الأطراف أمام القضاء، حتى في حالة الدعوى التي تطبق فيها المسطرة الشفوية”.
وشدد المسؤول الحكومي على أن “المشروع قوى من ضمانات الدفاع ومركز المحامي في الدعوى المدنية، فأصبح صلة وصل بين القضاء والمتقاضي، بحيث اعتبر أن إجراءات التحقيق من خبرة ومعاينة وأداء اليمين لا تتم بشكل قانوني إلا بحضور المحامي أو بعد استدعائه بصفة قانونية”.
وتابع وهبي أن المشروع “اعتبر مكتب المحامي موطن المخابرة معه، وتبلغ إليه الإجراءات القضائية المتخذة من طرف المحكمة، إلا أنه استثنى تلك التي تستلزم تحملات مالية إلا في حالة وجود اتفاق كتابي بين المحامين والمتقاضين”.
وأورد وهبي أن المشروع يروم “تعزيز دور القضاء في ضمان حسن سير العدالة والارتقاء بمستوى أدائها من خلال تبسيط المساطر والإجراءات القضائية وتيسير سبل الولوج إلى العدالة وكفالة الولوج إلى القضاء وفق أحكام الدستور بشكل فعال، ومجابهة التقاضي الكيدي من أطراف الدعوى وتقليص الآجال وترشيد الطعون وعقلنتها لاعتبارات تتعلق بالعدالة وتوسيع مجالات الإعفاء من الرسوم القضائية، وإلغاء مسطرة القييم وتوظيف قاعدة البيانات المتعلقة بعناوين سكنى المتقاضين المضمنة ببطاقة التعريف الالكترونية عند تعذر التوصل في العنوان المدلى به..”.
وأشار وهبي من جهة أخرى إلى إدماج التقاضي الالكتروني ورقمنة الإجراءات القضائية المدنية من خلال تسخير وسائل التواصل الالكتروني، وكذا إحداث مجموعة من المنصات الالكترونية تهم المحامين والمفوضين القضائيين والخبراء القضائيين والعدول والموثقين والتراجمة والمحلفين المقبولين أمام المحاكم.
وفي السياق ذاته، أكد وهبي اعتماد الحساب والبريد والتوقيع الالكتروني، بالإضافة إلى استخدام الوسائل الالكترونية في عملية البيع في المزاد العلني وإجراءات التبليغ والإشهار.
وأكد أن مشروع المسطرة المدنية “يعتمد بذلك الإدارة الإلكترونية كخيار استراتيجي لتقريب القضاء من المواطنين”، مشيرا أيضا إلى “ضمانه الحماية القانونية الكاملة لحقوق المتقاضين وتحقيق النجاعة والارتقاء بمستوى الخدمات القضائية، من خلال إعطاء القاضي دورا إيجابيا في تدبير سير الدعوى وتعزير صلاحياته تسهيلا لمهمة الفصل وذلك فيما يتعلق بإنذار الأطراف بتصحيح المسطرة واستكمال البيانات الناقصة والإدلاء بالوثائق اللازمة للحد من أحكام عدم القبول”.
هذا وأورد أن مشروع قانون المسطرة المدنية شكل مناسبة سانحة للاستدلال على تميز التجربة الديمقراطية المغربية، إذ حظي بتفاعل إيجابي من أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، وحرصهم على النقاش المثمر والبناء لأجل نص قانون يليق بانتظارات المتقاضين، والذي طال انتظاره لخمسين سنة بعد آخر تعديل جوهري سنة 1974، بحسب الوزير.
وأردف وزير العدل بأنه خلال مناقشة المسطرة المدنية سجلت لأول مرة في تاريخ المجلس 1160 تعديلا على المشروع، منها 794 تعديلا لفرق المعارضة و238 تعديلا لفرق الأغلبية والاتحاد الدستوري، ثم 39 تعديلا للنواب غير المنتسبين، مؤكدا تفاعل الحكومة إيجابا مع التعديلات وقبلت 256 تعديلا كليا و65 تعديلا جزئيا ولم تقبل.