مسؤولون قضائيون يؤكدون أهمية المسطرة المدنية في رفع النجاعة القضائية

أكد مشاركون في ندوة علمية نظمتها محكمة الاستئناف بتازة، الخميس، على أهمية مشروع القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطرة المدنية في تطوير إجراءات التقاضي بالمملكة والرفع من النجاعة القضائية.

وأوضح مسؤولون قضائيون وأكاديميون وباحثون أن من شأن مشروع هذا القانون الذي صادق عليه المجلس الحكومي وأحيل على مجلس النواب قصد المناقشة والمصادقة عليه سيساهم في الرفع من جودة الأحكام والخدمات القضائية وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم وتسريع وتيرة معالجة الملفات.

وبالمناسبة، أكد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتازة محمد الصقلي الحسيني، مشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية من الأهمية بمكان، باعتباره يتضمن مجموعة من المستجدات الغاية منها تطوير إجراءات التقاضي بالمغرب وجعلها متلائمة مع المرجعية الوطنية المتمثلة في الخطب والتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تأسيس مفهوم جديد لإصلاح شامل وعميق لمنظومة العدالة، والأحكام الدستورية المتعلقة بحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة والمنظومة التشريعية الناظمة لحماية الحقوق وتنظيم العلاقة بين مختلف مكونات العادلة داخل محاكم، فضلا عن المرجعية الدولية.

وأضاف المسؤول القضائي أن الندوة مناسبة لمطالعة مستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية، باعتباره الشريعة العامة للتقاضي أمام مختلف المحاكم والوقوف من خلال ذلك على الدعائم المسطرية الأساسية التي تضمنها ولاسيما منها ما يرتبط بالعدالة الإجرائية والحلول التي أوردها لسد الفراغات وتنظيم الاختلالات التي أبانت عنها الممارسة القضائية في ظل القانون الحالي الساري النفاذ.

من جهته، أفاد محمد أقوير الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتازة أن قانون المسطرة المدنية يعتبر جوهر العدالة ببلادنا، لارتباطه بتنظيم إجراءات ممارسة الحق في التقاضي، الذي أصبح مؤسسا دستوريا بموجب المادة 118 من دستور المملكة.

وأكد أقوير أن مشروع قانون المسطرة المدنية الذي صادقت عليه الحكومة يستجيب لطموحات عموم الفاعلين بمنظومة العدالة ويهدف إلى إضفاء صبغة الحكامة على نصوصه لجعله مواكبا للتطلعات التشريعية التي تضمنتها الاتفاقيات الدولية، ومنسجما مع السياق الداخلي في شأن الطفرة النوعية التي عرفتها المملكة في المجال التشريعي.

وأكد أن هذا المشروع “لم يكن مجرد مشروع خيار تشريعي أملته ظرفية معينة، بل هو اقتناع استراتيجي راسخ لاستكمال البناء الحديث في مجال التشريع والقضاء”، على اعتبار أن مبدأ تقريب القضاء من المتقاضين يعد من اهم المبادئ التي جاء بها قانون التنظيم القضائي الجديد، حيث يبقى تحقيق أهدافه رهينا بتطبيق المساطر.

من جهته، أكد الأستاذ الطاهر كركري عن الكلية متعددة التخصصات بتازة على الأهمية التي يكتسيها مشروع قانون المسطرة المدنية الذي طالما انتظره الباحثون القانونيون والجهات المختصة بالتقاضي والمتقاضيين وغيرهم، على اعتبار أنه جاء بمجموعة من المستجدات الهامة المتمثلة بالخصوص في الرقمنة والتكنولوجيا الإلكترونية التي تهم على سبيل المثال التبليغات والتنفيذ القضائي، وترقيم الأحكام القضائية وتوجيه الاستدعاءات لجميع المتقاضين عبر منصة تديرها وزارة العدل، بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومحكمة النقض.

وأضاف أن المشروع تضمن أيضا مجموعة من المستجدات القانونية كإنشاء حسابات خاصة بالإدارات والمؤسسات العمومية وكذلك المهن القانونية الأخرى، وهو ما من شأنه أن يسهل المأمورية ويقلص زمن التقاضي.

من جانبه، اعتبر الأستاذ يونس زعراوي عن هيئة المحامين بتازة، في تصريح مماثل، أن المشروع يأتي في سياق حرص الحكومة على الشروع في تفعيل مشروع إصلاح القضاء، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تأسيس مفهوم جديد لإصلاح منظومة العدالة يقوم على قضاء خدمة المواطن قريب من المتقاضين ويلبي حاجياته بنجاعة وفعالية.

وتضمن برنامج هذه الندوة المنظمة بشراكة مع نقابة هيئة المحامين بتازة والكلية متعددة التخصصات بتازة جلستين علميتين تمحورتا حول “تأملات في أهم مستجدات مشروع القانون رقم 23.02 يتعلق بالمسطرة المدنية”، و”التقاضي الإلكتروني من خلال مشروع القانون رقم 23.02 يتعلق بالمسطرة المدنية”.

وتهدف الندوة إلى المساهمة في النقاش العلمي الدائر حول مشروع القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطر المدنية، سيما على مستوى الضمانات الأساسية التي يمنحها مشروع هذا القانون للمنظومة القضائية، ومدى تمكنه من إعادة تنظيم إجراءات التقاضي بمقتضيات جديدة من شانها إعطاء دفعة قوية لتجاوز الصعوبات والإشكالات التي أفرزتها الممارسة القضائية في إطار تطبيق نص قانون المسطرة المدنية الحالي.