ثقافة | مجتمع

مومو: الجداريات تعزز الهوية الثقافية للمغرب وتواجه الكثير من الصعوبات

مومو: الجداريات تعزز الهوية الثقافية للمغرب وتواجه الكثير من الصعوبات

لطالما استهوت هواية الرسم على الجدران كثير منا مذ كنا صغارا، فهي تجسيد حقيقي لمعنى الحرية والتعبير عن مكنونات الذات وما يختلجُها من شعور وعواطف وتجارب إنسانية، هكذا انتقل الرسام من التعبير عبر مساحة ضيقة إلى جدارية مفتوحة تسمح بفسحة أكبر من الحرية والانتشار كذلك فهي ليست حبيسة معرض يرتاده القليل من المهتمين وإنما  تنتصب في الفضاء العام تحت مرأى كل متذوق للفن والجمال.

ويشهد هذا الفن انتعاشا وانتشارا خلال السنوات القليلة الماضية، لكنه بالرغم من هذا الفضاء التعبيري الخصب ما فتىء يواجه الكثير من الصعوبات  وأحيانا التناقضات بين أنصار الحداثة وتشكيل هوية فنية مغربية بديلة يحكمها التعدد والانفتاح وبين ثقافة محافظة تدعو إلى الحفاظ على التراث وتنبذ ضخ دماء جديدة في روح التجدد والتغيير.

رئيس جمعية مجموعة تزوري محمد مومو اعتبر بهذا الصدد في تصريح لجريدة “مدار 21” أنه “لم يسبق في الجهة الشرقية أن جرى إزالة رسمة جدارية، بل نقابل بالترحيب، ولا أظن أن هناك من يتحامل على قيمة فنية وجمالية أو يبدي جانبا من الكره أو النفور “.

وتابع ” أظن قد ترجع أسباب الإزالة إلى  الترخيص فهناك من يرسم دون الحصول على ترخيص وفي هذه الحالة يتم إزالة العمل الفني، أو أن صاحب المبنى يؤجر الجدران لشركات تعنى  بالإٕعلانات قصد جني الأرباح.”

جمعية “تزوري” والتي تعني الفن والجمال باللغة الأمازيغية والتي أنشئت عام 2016 تشكلت أساسا من فنانين تشكيليين، وموسيقيين آثروا درب الجمال ونثروه عبر  أزقة مدنهم العتيقة التي تفوح من جدرانها عبق التاريخ ونفحات من القداسة تأرجت من حضارة وهوية تأبى النسيان.

لكنها بحسب رئيس الجمعية تواجه العديد من الصعوبات أبرزها  لجوء “مالكي المباني إلى تأجير الجدران لشركات إعلانات من أجل جني الأرباح، لكن قبل الاتفاق مع هذه الشركات يتم الاتفاق مع فنان من أجل رسم جدارية على إحدى واجهات البنايات وعندما يستعد في مباشرة عمله بعد أن يؤمن كل مستلزمات الرسم يفاجأ بأن الاتفاق ألغي ويتم إبلاغه حتى اللحظات الأخيرة”.

وواصل مومو أن الصعوبات ترتبط أيضا بالحصول على التراخيص التي “تستلزم الكثير من الوقت قد تستغرق أحيانا أكثر من عشرة أيام وهذا يعيق عملنا أحيانا،  وكذلك هناك مشكل لوجيستيكي خاصة إذا كانت العمارة مثلا على ارتفاع 40 أو 50 متر تستوجب إحضار رافعة وهي غير متوفرة في الجهة الشرقية”.

“وبالتالي الواجهات الكبرى لا نستطيع الوصول إليها، علاوة على  عدم توفر أدوات الرسم الجرافيكي في وجدة  وهي متواجدة في الدار البيضاء مما يحتم علينا تحمل أعباء مادية مضاعفة بسبب النقل”، يقول رسام الجداريات.

وأوضح المتحدث ذاته أن فكرة الجداريات تولدت من الخصاص الموجود من ناحية جمالية المدينة، فالجداريات أو فن الشارع دائما ما يترك أثرا جماليا وإبداعيًا يطبع معالم المدينة، وعلق قائلا” في جهة الشرق نجد الكثير من الواجهات تفقد الجانب الجمالي، وهذا ما دفعنا بوصفنا فنانين أن نؤسس الجمعية لإقامة مهرجان جداريات مساهمة منا في إبراز جمالية المدينة عبر الواجهات الكبرى.

وواصل حديثه بالقول” أما مشروع نخليو أثر، انبثق مبعثه من الأحياء المهمشة وترك لمسة جمالية على غرار الواجهات المرسومة وسط المدينة، فالمدينة القديمة مثلا لا تجلب السياح وهو ما ألهب حماسنا فتم تزيينها بثمان جداريات لكسر الصورة النمطية عنها، لكن دون المس بتراث المدينة وإنما فقط إضفاء صورة جمالية داخل الأحياء العتيقة”.

وفي السياق ذاته أردف مومو أن الرسومات الجدارية أغلبها  لصيقة بالتراث المادي واللامادي للثقافة المغربية من ألوان وزليج وآلات موسيقية وغيرها.”

ولتعريف الهوية المغربية في الخارج أكد رئيس “تزوري” أن الجمعية تعمل في إطار شراكة مع جمعية collectif renart بفرنسا ومجموعة من الفنانين الفرنسيين يأتون إلى المغرب ونقوم ببعض الرسومات في المدارس وغيرها بوجدة، وهناك شراكة ما بين بلدية ليل شمال فرنسا وبلدية وجدة يتم من خلالها إرسال بعثات من بينها الجمعيات الفنية، وقمنا بزيارتها “ليل” ورسم بعض الجداريات بها وكذلك بمؤسسة العالم العربي بفرنسا.

وأورد في السياق ذاته “قمنا بزيارة كذلك إلى نواكشوط بموريتانيا، للتعريف بالهوية المغربية وبالفنانين المغاربة بغية الانفتاح على العالم الخارجي كنوع من التبادل الثقافي ما بين الشعوب، فالفنان من خلال الشارع يستطيع أن يعبر عن هويته وأفكاره بمساحة أكبر، وذلك عبر احترام قيم وأصالة الشارع.”

وحول تلقي الجمعية تمويل أو دعم مادي علق المتحدث ذاته قائلا “نحاول أن ننوع من مصادر التمويل، وبرنامج خربشات الذي أطلقناه مازال يعاني من نقص الدعم، فالجدارية الواحدة تتطلب عشرة أيام لإنجازها ومجموع التكلفة تصل إلى 5 ملايين سنتيم، وفي هذه الحالة عندما لا نتلقى دعما ماديا نلجأ إلى اقتسام التكاليف فيما بيننا أو نلجأ لممولين”.

“لكن في جهتنا الشرقية نجد صعوبة في ذلك  لأن الممولين في المجالس المنتخبة لا في المجلس البلدي أو في مجلس الجهة لا يقدم تمويلات كما هو الشأن في جهة الرباط أو الدار البيضاء، لكن نتلقى دعما من وكالة جهة الشرق، والمعهد الفرنسي، وتمويلات من الاتحاد الأوروبي” من خلال مكتب الاتحاد الأوروبي في المغرب في إطار برنامج المشاركة المواطنة ومشروعنا “نخليو أثر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News