جالية

صعود اليمين بأوروبا يُهدّد وضعية المهاجرين المغاربة والمسلمين

صعود اليمين بأوروبا يُهدّد وضعية المهاجرين المغاربة والمسلمين

شهدت الانتخابات الأوروبية صعود تيار اليمين المتطرف في عدد من الدول في مقدمتها ألمانيا، محدثة زلزالا سياسيا بفرنسا، لكن من دون الإخلال بالتوازن السياسي ببروكسل. لكن رغم تقدم اليمين المتطرف سيكون تأثيره محدودا حسب مراقبين.

وتؤكد المعطيات الأولية لنتائج انتخابات البرلمان الأوروبي إحراز الأحزاب اليمينية القومية والمتطرفة مكاسب هامة، وانتكاسة مريرة لزعيمي القوتين الرئيسيتين في الاتحاد الأوروبي، المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعلن حلّ الجمعية الفرنسية ودعا لانتخابات تشريعية في 30 يونيو الجاري.

وجرت الانتخابات التي دُعي إليها أكثر من 360 مليون ناخب لاختيار 720 عضوا في البرلمان الأوروبي، منذ الخميس في مناخ مثقل بالوضع الاقتصادي القاتم والحرب في أوكرانيا، وفيما يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات استراتيجية من الصين والولايات المتحدة، وسط ترقب الجالية المغربية والعربية والمسلمة.

وأفاد الخبير في القانون الدولي للهجرة، صبري الحو، أن سرديات اليمين واليمين المتطرف كانت ولازالت مرتبطة بملف الهجرة والمهاجرين وبملف الإسلام والمسلمين وكذا الإرهاب والجريمة بأوروبا، مسجلا أن هذه الأحزاب لا تخفي محاولاتها إلصاق كل مشاكل المجتمعات الأوروبية بالوافدين إلى القارة العجوز، خاصة الجرائم، بغية زعزعة الاستقرار والمس بفرص العمل بالنسبة للمهاجرين.

ولفت إلى أن الأزمة المالية بعد جائحة كورونا والحرب الأوكرانية، إلى جانب الحرب الإسرائيلية على فلسطين، كلها عوامل أدت إلى تسريع وتيرة صعود الأحزاب اليمينية بألمانيا وفي فرنسا وفي إيطاليا وبلجيكا وإسبانيا، حيث إن نجمها بدأ يسطع بشكل كبير، بل تمكنت من أن تحقق فوزا تسبب بشكل مباشر في حل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبرلمان، واستقالة الوزير الأول البلجيكي.

واعتبر في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن هذه النتائج “تكون” مشهدا سياسيا أوروبيا جديدا، يستوجب طرح عدد من الأسئلة المشروعة المرتبطة بالمهاجرين، خاصة المغاربة الذين يشكلون النسبة الكبرى ويحتلون المراتب الأولى في عدد المهاجرين في مجموعة من الدول في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا.

وبهذا الصدد، تساءل الخبير في القانون الدولي للهجرة، “هل يمكن لصعود هذه الأحزاب أن يؤثر سلبا وبشكل مباشر على أوضاع هؤلاء المهاجرين المغاربة والعرب والمسلمين بصفة عامة؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون خطابا انتخابيا من أجل تدعيم المركز الانتخابي لليمين واليمين المتطرف؟”.

وسجل أن هذه الأحزاب تمكنت من استقطاب الناخب الأوروبي ليصوت لصالحها “لأنه يرى فيها المخلص الذي يمكن أن يجد الحلول للأزمة الاقتصادية ولغياب فرص العمل ولتزايد أعداد المهاجرين واستفحال ظاهرة الهجرة وتراكم الأعداد”.

ويرى صبري الحو أن التركيز على ملف الهجرة سيؤدي إلى بروز العنصرية، خاصة في حالة سيطرة الأحزاب اليمينية واليمينة المتطرفة على البرلمان الأوروبي، والذي يصدر توجيهات تتجاوب معها الدول وتجد مدخلا لها في التشريعات المحلية”.

وقال إن التحالف الذي من الممكن أن يقوم بين الحزب الشعبي والاشتراكيين في البرلمان الأوروبي، يمكن أن يحد من التأثير القوي والمباشر في القوانين الأوروبية، “لكن بلا شك سيشعل الصعود القوي للأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة الأجندة السياسية الداخلية لهذه الدول بدليل ما وقع في فرنسا (حل البرلمان) وفي بلجيكا (استقالة الوزير الأول)”.

واسترسل موضحا: “هناك تأثير وتخوف كبير أثر مباشرة على صناع القرار في فرنسا وبلجيكا، والأكيد أنه سيؤثر لا محالة على مجموعة من صناع القرار في دول أخرى، الذين يحاولون جاهدين تجنب الكارثة في الانتخابات المقبلة”.

وبحسب الخبير في القانون الدولي للهجرة، فإن هذه الأحزاب ونظرا لتركيزها في السابق على ملف الهجرة والمهاجرين، ستبادر بفتحه في حالة فوزها في الانتخابات وتكليفها بتدبير الشأن السياسي في الدول الأوروبية، وذلك عبر تشديد قوانين الهجرة، مستبعدا في المقابل أن يتم المساس بالوضعية الإدارية والحقوق المكتسبة للمهاجرين.

وبرر ذلك بمحاولة هذه الأحزاب للاستجابة لتطلعات مجموعة من المتطرفين في الدولة الأوروبية ودغدغة العواطف ومحاولة استقطاب مزيد من القاعدة لضمان الفوز، ولأول مرة، برئاسة هذه الدول الأوروبية والوصول لقمة دواليب أوروبا.

يشار إلى أنه في فرنسا، تصدر حزب التجمع الوطني بقيادة جوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31,5 بالمئة من الأصوات، متقدما بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس ماكرون (15,2 بالمئة)، بحسب تقديرات معاهد الاستطلاع. وبذلك سيحصل حزب الجبهة الوطنية على 31 من أصل 81 مقعدا فرنسيا في البرلمان الأوروبي.

وفي ألمانيا، رغم الفضائح الأخيرة التي طالت رئيس قائمته، احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16 إلى 16,5 بالمئة من الأصوات، خلف الاتحاد المسيحي المحافظ (29,5 إلى 30 بالمئة). لكنه تقدم بفارق كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديموقراطيين (14 بالمئة) والخضر (12 بالمئة).

في إيطاليا، تصدّر حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتطرف الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، النتائج بنسبة 25 إلى 31 بالمئة من الأصوات، وفق استطلاعات رأي مختلفة.

أيضا في النمسا، حصل “حزب الحرية” اليميني المتطرف على 27 بالمئة من الأصوات، وعزز الهولنديون الذين كانوا أول من أدلوا بأصواتهم الخميس، موقف حزب خِيرت فيلدرز اليميني المتطرف.

وفي إسبانيا، أظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الشعبي اليميني، التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على 22 مقعدا في البرلمان الأوروبي مقابل 20 للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وحقق حزب فوكس اليميني المتطرف تقدما بحصوله على 6 مقاعد.

أما في بولندا، فقد تقدم الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد توسك على حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي، لكن الأخير حافظ على قسم هام من الأصوات، كما أن اليمين المتطرف المتمثل في حزب كونفيديراجا لن يحصل على أقل من 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News