حماة المستهلك يدخلون على خط فاجعة “الماحيا” ويؤكدون “ليس حادثا معزولا”

لم تتأخر جمعيات حماية المستهلك في الانخراط في جدل فاجعة “الماحيا” بمنطقة سيدي علال التازي التي راح ضحيتها 9 أشخاص من القتلى وما يفوق مئة ضحية في حالة حرجة، حيث تقاطعت الآراء في تحميل المستهلكين مسؤولية إقتناء هذه المشروبات السامة، في وقت اختلفت فيه اقتراحات حماة المستهلكين للحد من هذه الفواجع بين المقاربة الزجرية والتحسيسية.
وبلغة الأرقام، كشف رئيس جماعة سيدي علال التازي، حاتم برقية، أن عدد المتضررين الإجمالي من “الماحيا” الفاسدة، والذين حجوا إلى المركز الصحي في ساعات متأخرة من يوم الإثنين الفارط، تراوح بين 400 و500 شخص.
وأكد المسؤول في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن 114 حالة منهم دخلت للمستشفى لتلقي العلاجات اللازمة، توفي 9 منهم، فيما غادر بعضهم المستشفى صباح الأربعاء بعد تجاوزهم مرحلة الخطر.
وتعليقا على هذا الحادث الأليم، اعتبر وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك، أن “هذه الفاجعة ليست الأولى من نوعها وليست حدثا معزولا في المغرب وإنما نتذكر عددا من المدن التي اهتزت على وقع فواجع مشابهة بسبب مشكل الخمور الفاسدة، كتلك التي وقعت في مدينة وجدة أو في القصر الكبير أوفي مدن أخرى”.
وعن دوافع استمرار هذه الفظائع التي تقضي على أرواح العديد من الشباب على وجه الخصوص، يشير مديح، في تصريح جريدة “مدار21″، إلى “غياب الضمير الإنساني لدى المتاجرين بهذه الخمور القاتلة”، لافتا في الآن ذاته إلى “غياب المراقبة المشددة ومنع ترويج هذه المواد التي تهدد أرواح الناس”.
وسجل مديح مخاطبا الجهات الرسمية أنه “كان لزاما عليها أن تضع آليات وخطط للحد من هذه الفواجع بالنظر إلى الأحداث السابقة وسقوط ضحايا سابقين بسبب نفس المشكل”، مُلمِّحا إلى أن المقاربة الفعالة في هذا الجانب هي “المقاربة الزجرية القانونية مع كل من سولت له نفسه العبث بأرواح الناس”.
وحمل المتحدث ذاته مسؤولية وقوع مثل هذه الأحداث المؤسفة إلى “المتاجرين في الخمور المغشوشة الذين يستغلون ضعف إمكانيات وفقر هذه الشريحة من المواطنين لجني أرباح غير مشروعة على حساب أرواح وسلامة المستهلكين”، مواصلا أنه “حتى الإدارات تتحمل الجزء الكبير من المسؤولية، لأنه لو كانت تتعامل باستباقية لقطعنا مع هذه الجرائم منذ فترة طويلة”.
ولم يُبعِد الفاعل المدني المسؤولية عن المستهلك حينما قال إنه “رغم التماسنا العذر لهؤلاء الضحايا ولمستهلكي هذا النوع من الخمور المسمومة إلا أن مسؤوليتهم تبقى قائمة في استهلاك هذه المنتوجات المغشوشة”.
وتابع أن “السلطات المعنية يجب أن تحارب وجود أي منتوج لا يُعرف مصدره أو مُنتِجه ولا يباع في أماكن قانونية داخل الأسواق”، مشددا على أنه “حتى المستهلك يجب أن يتجنب اقتناء هذه المنتوجات مجهولة المصدر بدعوى ضعف الإمكانيات”.
من جهته، انتقد علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، “تفشي الصنع التقليدي ل(الماحيا) غير المعروف مصدرها وبيعها بدون ترخيص في مثل هذه المنطقة بشكل غير قانوني بعيدا عن أعين السلطات”، مسجلا “عدم احترام هذه المشروبات لأدنى المعايير الصحية والتي يضاف في إنتاجها (الدوليو) والكحول وغيرها من المواد المضرة والسامة بل والقاتلة”.
وتَوجَّه شتور، في تصريح لجريدة “مدار21″، في ترتيبه للمسؤوليات عقب هذه الفاجعة، إلى المستهلك، معتبرا أنه “يبقى هو المسؤول الوحيد عن حماية صحته واختياره الانغماس في هذا الوحل من الإدمان والمخاطر”.
وعكس ما ذهب إليه سابقه، لم يقتنع ذات المتحدث بالمقاربة الأمنية في محاربة ترويج “الخمر المسموم”، مركزا على دور “التنشئة الاجتماعية السليمة وحرص الوالدين على مراقبة وتوجيه الأبناء، خاصة أن من بين ضحايا هذه المشروبات الفاسدة بعض الأطفال الذين لا يتجاوز عمرهم 16 سنة”.
وواصل شتور متحدثا عن سبل الحد من هذه الممارسات القاتلة بالإشارة إلى “الجهات المسؤولة ودور الإعلام المكتوب والسمعي البصري والمجتمع المدني من خلال تقديم الحماية عبر التحسيس والتوعية وإبراز مخاطر المخدرات وآثارها المدمرة”.