أكاديمي: تصريحات وهبي عن “المرسبين” بمباريات وزارته غير معقولة
ماتزال“التنسيقية الوطنية لضحايا امتحان المحاماة” و”التنسيقية الوطنية لمرسّبي مباراة المنتدبين القضائيين” تواصل تضييق الخناق، وفضح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في رحلة فضح الفساد الذي شاب المباريات التي تشرف عليها وزارته، مطالبين بمحاسبة الوزير، وإخراج شكاياتهم من الحفظ.
وبعد ثلاث خطوات متتالية للاحتجاج أمام البرلمان ووزارة العدل، خلال الأيام القليلة الماضية آخرها يوم أمس، من أجل التنديد بتلاعبات المباريات، وانتقاد مضامين خرجاته الإعلامية، تستعد اللجان المذكورة تصعيد النضال مستقبلا عبر خوض المزيد من الوقفات الاحتجاجية مرفوقة باعتصامات.
وإلى جانب هذه النضالات، قامت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها قبل أشهر قليلة ماضية، اللجوء إلى حفظ الشكاية التي تقدم بها “ضحايا امتحان أهلية المحاماة’’ لدورة يوليوز 2023 الماضي، دون تعليل عن أسباب الرفض حسب عبد الناصر.
عبد الناصر أولاد عبد الله، رئيس “التنسيقية الوطنية لضحايا امتحان المحاماة”، وأحد المرسبين، أكد أن اللجنة ماتزال تناضل ضد خروقات وزارة العدل المستمرة خاصة في امتحان المحاماة ومباراة المنتدبين القضائيين.
وأوضح ضمن تصريح لجريدة “مدار 21” الإلكترونية، أن هذه الخروقات أضحت واضحة شكلا وموضوعا، بشكل يستدعي تدخل القضاء لفتح تحقيق حولها، خاصة من حيت “تنجيح” أشخاص لا تتوفر فيهم الشروط القانونية لخوض المباريات والوظائف العمومية.
وشدد أن هذه الخروقات “المفضوحة” لايمكن تجاوزها، مطالبا من النيابة العامة بضرورة التدخل لفتح تحقيق شفاف حول مصير هذه الخروقات، ومحاسبة المسؤولين عنها، منهم الوزير الوصي على القطاع.
ولفت المتحدث ذاته، بأن القرب والانتماء السياسين أصبحا يتحكمان في العديد من المباريات التي تعلن عنها الوزارة ذاتها، ليكون المحدد الرئيسي للنجاح حسب عبد الناصر يتجلى بالمحسوبية والزبونية عوض الكفاءة.
وطالب بتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، مشيرا إلى أنه في السابق ‘‘ربما كانت هناك تلاعبات واختلالات لكنها لم تتجاوز أن تخرق البنود الشكلية والقانونية التي تتحدد بها المباريات’’.
وجدد مطالبه للهيئات الحقوقية والسياسية والنقابية إلى جانب المؤسسات الدستورية، بتفعيل أدوارها لتفادي تكريس واقع “التراجعات” دون إمكانية الوقوف ضده، لأنه يضرب في دولة المؤسسات والقانون.
وعلى خلفية الضجة التي أثارتها مباراة المنتدبين القضائيين مؤخرا، أوضحت عائشة فروق، عضوة بالتنسيقية الوطنية لمرسبي مباراة المنتدبين القضائيين، أن النتائج “الفاسدة” حسبها التي تم إصدارها من طرف الوزارة الوصية تضرب في صلب كفاءة أبناء الشعب الذين لا يجدون فرصا أخرى للعمل والحصول على وظيفة.
وشددت ضمن تصريح لجريدة “مدار21” أنه من الواضح أن وزير العدل من خلال هذه المباريات لا يعترف بكفاءات طلبة شعبة القانون، وما يبرر ذلك تصريحاته مؤخرا التي برر فيها أن صاحب نقطة 2 في الرياضيات بإمكانه أن يصبح وزيرا.
وأكدت المتحدثة ذاتها، أن هذا التصريح أوضح أن وزارة وهبي تَعتدُّ بالمحاسبة والطرق غير المشروعة عوض الكفاءة، مشيرة إلى تهديد بعض الهيئات للمرسبين بالدخول في القائمة السوداء عند استمرارهم خوض النضالات القادمة.
تصريحات الوزير هاته ماتزال محط نقاش عمومي، بين من يعتبرها تبرر مواقف تعبر عن اللا مسؤولية، وبين من يعتبرها جريئة ومثيرة للجدل.
عبد النبي صبري، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، أوضح أن هناك إشكاليات حقيقة في تصريحات وهبي.
وشدد ضمن تصريح لجريدة “مدار 21” الإلكترونية، أنه سابقا وجه المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة دعوات لرئيس الحكومة يطالب فيها تكثيف التواصل الناجع مع المواطنين وتعميق التواصل الخارجي في إطار الحكومة المواطنة.
وتساءل صبري في هذا السياق، ‘‘هل وزير العدل من خلال تصريحاته المثيرة للجدل، يتواصل بشكل ناجع مع المواطنين وهل خرجاته الإعلامية تكون موفقة؟ وهل صحيح أن ما يصرح به يمينا وشمالا يكون محسوب بدقة وصادر من وزير يمثل الوزارة؟.
وجدد المتحدث حديثه مع الجريدة موضحا أنه:‘‘عندما تغيب الخلفية السياسية والتقنية للمدبر السياسي يطرح العديد من التساؤلات، خاصة عند معرفة أن التصريحات “الغريبة جدا” صادرة عن مسؤول سياسي حصل على الأغلبية عندما كان أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة والذي احتل حزبه سابقا المرتبة الثانية في الانتخابات’’.
وفي سؤال للمتحدث ذاته حول رأيه فيما حصل سابقا أثناء مباراة المحاماة، أكد صبري أن التصريح الذي أدلى به عبد اللطيف وهبي ذاك الوقت لم يكن موفقا بالمرة، متسائلا: ‘‘كيف لمسؤول حكومي يدبر قطاعا وزاريا مهما يؤكد أن ابنه ناجح في المحاماة ويتباهى أنه درس في الخارج، وفي كندا وحصل على شهادتين’’.
هذا السلوك الصادر من الوزير حسب المصدر ذاته، يؤثر سلبا على نفسيات الطلبة المغاربة الذين شمروا عن سواعدهم للحصول على الإجازة في القانون، بجد وكد ليصطدموا بتصريحات في غاية الاستفزاز، يضيف صبري.
وذكر الدكتور في القانون العام، أن ‘‘حسم وجزم الوزير في تصريحاته ينتج عنه إصدار معلومات تنعدم فيها الدقة العلمية و التقنية، ما يجعل الخطاب حسبه يدخل في إطار الهرطقة السياسية والإعلامية’’.
وخلص إلى أنه على الرغم من كون تواصل وهبي الخارجي يثير العديد من علامات الاستفهام إلا أنه قد حصل سنة 2023 على تتويجِِ بجائزة الحكومات الاجتماعية على منصات التواصل الاجتماعي، التي منحها له معهد الحكومات الاجتماعية بالقاهرة باعتباره أفضل شخصية عمومية من حيث التواصل.
وختم حديثه أن ‘‘المسؤول الحكومي عندما يدبر قطاعا معينا يجب أن يكون حذرا، وذكيا ومحتاطا في استعمال التعابير والألفاظ التي تتماشى والخطاب السياسي، وأن لا يتسرع ليقول ما يشاء وكيفما يشاء’’.
