مطالب بمراقبة المنافسة في سوق الغاز وخبير: “حديث سابق لآوانه”

تزامنا مع رفع الحكومة تدريجيا للدعم الموجه لأسعار قنينات الغاز بمختلف أحجامها لخفض تكاليف صندوق المقاصة وتوفير هوامش مالية إضافية لتمويل أوراش برنامج الحماية الاجتماعية، تصاعدت أصوات تنادي بتحليل إسقاطات الزيادة في أسعار قنينات الغاز على حكامة المنافسة في سوق الغاز، في وقت اعتبر فيه خبراء أن الحديث عن المنافسة في السياق الحالي هو “حديث سابق لأوانه”.
وفي سؤال كتابي وجهه فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إلى وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، طالب فريق حزب “الكتاب” بالكشف عن “عدد الفاعلين الأساسيين في ميدان استيراد وتخزين وتعبئة وتوزيع غاز البوتان وشروط المنافسة الحرة والمشروعة في هذا القطاع بالإضافة إلى المبالغ التي تستفيد منها الشركات المعنية من صندوق المقاصة”.
وبلغة الأرقام، استعرض الفريق النيابي إحصائيات حول الغاز المستورد إلى السوق الوطني، معتبرا أن المغرب من بين “أكبر الأسواق العالمية استيرادا واستهلاكا لغاز البوتان”، مردفا أن “حجم استهلاكه تضاعف ثلاث مرات تقريباً منذ بداية الألفية الثالثة”.
وأضافت ذات الوثيقة أن “الواردات الوطنية من غاز البوتان بلغت 2 مليون و780 ألف طن سنة 2022، بكمية إضافية سنوية تقدر بنحو 100 ألف طن، أساسا من الولايات المتحدة الأمريكية ومن أوروبا”، مشيرة إلى أنه “خلال سنة 2022 تم استهلاك أزيد من 227 مليون قنينة من فئة 12 كلغ، بما يكافئ نحو 2.73 مليون طن سنويا”.
وبخصوص حصة دعم البوتان، أوضح الفريق البرلماني أنها “بلغت نحو 1.6 في المئة من الناتج الداخلي الخام في 2022 و5.8 في المئة من الميزانية، وبلغ متوسط دعم قنينة البوتان 68 درهما في 2023″، مشددا على أن هذه المعدلات “تجعل من إصلاح المقاصة ضروريا لكن بصيغةٍ تَقطع مع الريع ومع الاستفادة غير المستحقة، وبشكل عادل ومنصف يقوم على الاستهداف الحصري للفئات المحتاجة إلى الدعم”.
وفي السياق ذاته، التمس الفريق البرلماني الكشف عن حجم الكميات الحقيقية المستوردة من غاز البوتان، وواصلا متسائلا: “هل هي كميات متناسبة مع المبالغ المستخلصة من صندوق المقاصة؟ وما متوسط سعر استيراده؟ وكيف ينعكس انخفاض هذا السعر في السوق الدولية على أثمنة البيع في السوق الوطنية؟ وما هوامش الربح المتاحة للفاعلين في السوق الوطنية؟”.
وفي تفاعله مع موضوع المنافسة في سوق الغاز بعد قرار الرفع الجزئي لسعر قنينات الغاز، قال الكاتب العام للنقابة الوطنية لصناعات البترول والغاز الطبيعي، حسين اليمني، إنه “لم نصل بعد إلى مرحلة تحرير الأسعار وبالتالي الحديث عن وضعية المنافسة في سوق غاز البوتان سابق لأوانه”، مؤكدا أن “الحكومة تتحدث عن الرفع التدريجي للدعم الموجه إلى غاز البوتان وليس عن التحرير الكلي”.
واعتبر اليمني أن “السؤال عن وضعية المنافسة في السياق الحالي يبقى سؤالا احترازيا فقط، ومن يطرحه اليوم فهو يحاول أن يستبق الأمور”، مبرزا أنه “بما أن الدولة لا زالت تحدد ثمن قنينة الغاز فلا يمكن أن نتحدث عن منافسة في السوق”، مواصلا أن “الأجدر هو أن نطرح سؤالا حول توفر ضمانات وشروط التنافسية الحرة والنزيهة في سوق الغاز إذا ما قررت الدولة تحريره بشكل نهائي”.
وتفاعلا مع مطالب الكشف عن حجم الكميات الحقيقية المستوردة من غاز البوتان، أورد المسؤول النقابي أن “كل ما نستهلكه اليوم فهو مستورد إلى درجة أننا وصلنا إلى معدل سنوي يقدر بـ2 مليون و800 ألف طن من الغاز المستورد”، مشددا على أن “الفاعلين في قطاع غاز البوتان معروفون”.
وعبر اليمني عن مخاوفه من توجه الدولة إلى التحرير الكلي لسوق الغاز بالقول إن “رفع الدعم الكلي عن غاز البوتان إذا تزامن مع ارتفاع الأسعار سيكون له تأثير مباشر على العائلة المغربية”، مقدرا أن “هذا التأثير لن يقل عن 1000 درهم شهريا”.
وأوضح المتحدث ذاته أنه “إذا كان مخطط التقليص التدريجي للدعم الموجه إلى الغاز تمهيد للتحرير الشامل للسوق فسيكون لذلك آثار سلبية قياسا بما يحصل بسبب تحرير سوق المحروقات من طرف الحكومات السابقة”، مستدلا في ذلك بـ”نسبة الاحتكار العالية في سوق الغاز مقارنة مع سوق المحروقات”.