افتتاحية

الأمن المواطن

الأمن المواطن

ثمة مؤشرات عدة تؤكد نجاعة أي فعل تواصلي للمؤسسات سواء الرسمية منها أو غير الرسمية، ومن ضمن هذه المؤشرات استجابة الفئات المستهدفة به وتفاعلها معه.

خلال الأسبوع الجاري، اختتم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني أبوابها المفتوحة التي تعد واحدة من آليات التواصل التي دأبت عليها المؤسسة الأمنية منذ خمس سنوات، حيث زار هذه التظاهرة أزيد من مليوني زائر وزائرة.

مؤسسة الأمن الوطني وفي حالة تواصلية فريدة أكدت أنها مرفق عمومي مواطن، من خلال تنظيم الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني لمدة 5 أيام فقط، والمُحصلة مليونان و120 ألف زائر، تلاميذ من 845 مؤسسات تعلمية و1242 جمعية مدينة و170 مؤسسة إعلامية، ومواطنين من كل الفئات والاعمار.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا؟ عن ماذا يبحث هؤلاء في هذه الأبواب المفتوحة لمؤسسة أمنية لا تُقدم لا ترفيه ولا رواج تجاري أو عروض فنية، ولا فُرجة رياضية؟

الجواب بكل بساطة، يكمن في تقدير المغاربة لمسار تحوُّل المؤسسة الأمنية الذي كان عنوانه العريض المفهوم الجديد للسلطة، الذي دَشن به الملك محمد السادس الاطروحة سياسية لمرحلة حكمه.

يومها ركز كل الباحثين والسياسيين والمُحللين والُمراقبين على الانتقال السياسي والديموقراطي والحقوقي مع حكومة التناوب.

لكن هناك، وفي هدوء تام، خلف الأبواب المُغلقة كان يقعُ انتقال أمنى، وانْسَنة ومَؤسسة وعقْلَنة لمؤسسة هي اليوم من أركان صلابة النموذج السياسي للدولة المغربية.

فعلى مدار 20 سنة ظلّت العينُ الملكية يَقظة تُواكب عملية دقيقة لتغيير جِلد المؤسسة الأمنية التي أكملت اليوم 68 سنة من تأسيسها، لكي تتحوّل من مُجرد بُعبع للبطش بالمخالفين وردع المجرمين، الى مؤسسة مُندمجة في نسقها ورافعة داعمة في رسم صورة على المغرب، كونه دولة ذات مصداقية ومُشرقة وموثُوق بها.

مؤسسة تخلّصت بحِكمة كبيرة من الأنماط التقليدية للتدبير الأمني لكي تُبدع مفاهيم جديدة من قبيل التدبير الأمني المُؤنسن والمشترك، ومفاهيم استيعاب الفضاء العام وإعمال القانون في التدخلات الأمنية.

مُؤسسة عصرية تتحرك بروح مهنية، وبمفاهيم معاصرة، ومنطق علمي، حتى صارت مصدر خِبرة لدول عريقة أمنيا واستخباراتيا، ومرجع لا محيد عنه في تأمين كل الاحداث الكونية، ككأس العالم والألعاب الأولمبية.

إن هذا بلا منازع، بصمة أخرى من بصمات نجاح عهد محمد السادس في رسم الصورة الجديدة للمملكة المغربية، وفي تجديد عناصر شرعيتها السياسية.

وانجاز ينضاف الى الطفرة التنمية والصناعية والدبلوماسية والمجهود المقدر في التنمية البشرية.

بل لن نجازف، إذا قُلنا إن الأمن المواطن تجاوز مفهوم الأمن الوطني، وتحول الى أساس متين للملك العادل، وأن الأمان النفسي والاقتصادي والروحي هو البنية التحتية الصلبة للتنمية المستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News