أمازيغية

فاعلون يُفكّكون واقع “تمازيغت” في الإعلام ومطالب برفع “القيود”

فاعلون يُفكّكون واقع “تمازيغت” في الإعلام ومطالب برفع “القيود”

أجمع فاعلون في الإعلام والثقافة الأمازيغية على أن “عراقيل” تحول دون تحقيق الإعلام الأمازيغي للأهداف التي تجعله “قناة للتواصل والإخبار” مع المواطنين الناطقين أو غير الناطقين باللغة الأمازيغية، مشيرين إلى استمرار بعض التحديات التي تحاول “تقزيم حضور الأمازيغية في الإعلام العمومي”.

وشغل الحديث عن طبيعة اللغة الأمازيغية الإعلامية الكفيلة بتحقيق غرض التواصل الإعلامي مع المواطن والتأثير عليه حيزا زمنيا كبيرا من الندوة التي نظمها المعرض الدولي للنشر والكتاب بعنوان “الإعلام الأمازيغي ورهانات التحديث”، اليوم الخميس.

“أي أمازيغية للإعلام؟”

وفي هذا الصدد، تساءل الفاعل الإعلامي الأمازيغي عمر إسرى عن “أي لغة أمازيغية نريد للإعلام؟” مشيرا إلى أن “هناك من يقدم مقترح استعمال اللغة الأمازيغية الفصحى لإغنائها وحمايتها، في حين ينتصر البعض إلى استعمال العاميات أو اللهجة التي يفهمها المتلقي لتحقيق وظيفة تشكيل الرأي العام والتأثير فيه، إلى الجانب الذين يدعون إلى المزج بين الهدفين، أي الوفاء إلى اللغة الفصحى بالموازاة مع الوفاء للوظيفة الأساسية التي هي تمرير الرسالة الإعلامية للمشاهد والمستمع باللغة التي يفهمها”.

وأضاف إسرى أنه “حينما نستعمل التعبيرات الأمازيغية الثلاثة في إعداد وإنجاز البرامج أو إنتاج النشرات الإخبارية فإننا نبقى وفيين للوظيفية الأساسية التي هي التواصل والإخبار” مستدركا “أننا لسنا في معهد للأبحاث العلمية أو دراسة أكاديمية”.

وعن الجانب السلبي لاستعمال اللهجات الأمازيغية في الإعلام، أبرز إسرى أن “توظيف هذه التعابير أو اللهجات المحلية يُضيع في المقابل جهود الدولة في اتجاه معيرة وتوحيد اللغة الأمازيغية خاصة بعد إقرار اللغة الأمازيغية لغة رسمية للدولة في دستور 2011”.

وأثناء عرضه للإشكاليات التي يطرحها استعمال التعابير الأمازيغية المحلية في الإعلام، أشار الإعلامي بقناة الأمازيغية إلى أنه “في بعض الأحيان نجد برنامجا أو نشرة إخبارية يقدمها مقدم يتحدث باللهجة السوسية في وقت يتحدث فيه الضيف بالريفية وتقدم الروبورتاجات المصاحبة لهذه البرامج ب(تشلحيت)”، مؤكدا أنه “لمواجهة هذه التحديات تقوم هيئات التحرير برصد المصطلحات المشتركة من مختلف التعابير وكذلك من أجل تقريب هذه التعابير”.

ومن ضمن الاقتراحات التي قدمها المتحدث ذاته لتجاوز هذه التحديات المرتبطة باللغة المستعملة في الإعلام الأمازيغي، لفت إلى “إمكانية إدراج الإذاعات الناطقة بالأمازيغية للدارجة أو العامية”، معتبرا أن “الدارجة ليست عربية ومصطلحاتها مختلطة بين ما هو عربي وما هو أمازيغي وحتى بين مصطلحات إسبانية وفرنسية”.

وانتقد الفاعل الإعلامي الأمازيغي “محدودية حضور اللغة الأمازيغية في القنوات التلفزية العمومية”، مستدعيا “دفاتر التحملات التي تتحدث عن نسبة 20 في المئة للغة الأمازيغية في هذه القنوات، وبالتالي نحث أولا على تفعيل هذه النسبة في أفق توسيعها إلى 30 أو 40 في المئة ولما لا إلى النصف”.

وتفاعل مدير القناة الثامنة (الأمازيغية)، عبد الله الطالب علي، ومسير الندوة، مع النقاش الذي تطرحه طبيعة اللغة الأمازيغية في الإعلام قائلا: “نحن بصدد تشكيل وصناعة لغة إعلامية أمازيغية للمستقبل بتوافق وتعاون وتشاور مع الأكادميين واللسانيين والباحثين”، مردفا “أتحدث هنا عن اللغة الخاصة، سواء بالإعلام السمعي البصري أولغة الإعلام المكتوب”.

الحاجة إلى سوسيولوجيا إعلامية أمازيغية

من جانبه، تناول الأستاذ الباحث في الإعلام والاتصال، عبد الوهاب العلالين إشكالية اللغة في الإعلام الأمازيغي من الزاوية الأكاديمية بالإشارة إلى أنه “من بين الحلول الممكنة لتجاوز هذه العراقيل المرتبطة باللغة الإعلامية الأمازيغية التي سنخاطب بها المتلقي يكمن في توسيع الاهتمام بسوسيولوجيا الإعلام والثقافة الأمازيغية”.

وتابع العلالي أن “سوسيولوجيا الإعلام الأمازيغي ستمكننا من معرفة خصوصيات كل من المرسل والمرسل إليه المتلقي، بالإضافة إلى قدرتها على دراسة وتحليل المحتويات التي تنتجها هذه الوسائل الإعلامية الأمازيغية”، منتقدا “غياب الدراسات السوسيولوجية في هذا المجال”.

واستحضر الباحث الأكاديمي “مستوى التفاعل مع هذه المحتويات التي ينتجها الإعلام الأمازيغي”، متسائلا: “هل الإعلام الأمازيغي يشاهده الكثيرون أم أن أقلية هي التي تتابع هذه المحتويات؟”.

وأورد الباحث في قضايا الإعلام والاتصال، وكأنه يجيب نفسه، أن “بعض الإحصائيات الحديثة تؤكد أن بعض الإنتاجات الإعلامية باللغة الأمازيغية تتفوق على الإنتاجات باللغة العربية وبقية المنتجات باللغات الأجنبية”.

وشدد العلالي على أن “الحاجة إلى سوسيولوجيا الإعلام في تطوير وتحديث الإعلام الأمازيغي تنبع من قدرتها على مساندة مسؤولي القنوات والإذاعات الأمازيغية على إنتاج محتوى جيد يستوعبه الجميع وبدون معيقات لهجية أو لغوية”.

تحديات تحد “التحديث”

من جانبه، أجمل الباحث في الثقافة الأمازيغية، أحمد عصيد، التحديات التي تواجه الإعلام الأمازيغي في المغرب في أربع تحديات، إذ أشار إلى “التحدي الديمقراطي الذي يتمثل في تمكين اللغة الأمازيغية من لعب دور بناء الشخصية المغربية المتوازنة وإعادة التوازن للعقل المغربي وتعزيز الشعور بالانتماء إلى المغرب بكل ما فيه”.

واستطرد عصيد قائلا إن “التحدي الثاني هو تحدي معرفي”، مضيفا “أنه حينما صالحنا مدارسنا مع اللغة الأمازيغية سنة 2003 ورسمناها في 2011، فتحنا الباب أمام ثورة معرفية مكنت المواطنين المغرابة من إعادة اكتشاف ذواتهم التي غُيِّبت عنهم لعقود”.

ولم تسثن مداخلة عصيد الإشارة إلى ما اعتبره “تحديا تنمويا” أمام تطوير وتحديث الإعلام الأمازيغي، موردا في هذا الصدد أنه “لما بقيت الدولة تُكَلِّم المغاربة باللغة العربية الفصحى والفرنسية كانت نسبة الأمية في المغرب تصل 94 في المئة، وذلك لأنها كانت تخاطب نخبا قليلة، في حين أن خطابها لم يكن يصل إلى الذين يعيشون على هامش الدولة”.

وفكك الباحث في الثقافة الأمازيغية عوائد توسيع حضور اللغة الأمازيغية في الإعلام قائلا: “المعطى التنموي مهم جدا، لأنه يسمح للدولة عبر الإعلام بأن تجعل المواطن المغربي الذي يوجد في البوادي والجبال ينخرط في مشاريع الدولة”، مبرزا أنه “لابد لهذا المواطن أن يفهم، والأخطر من ذلك هو أن الكثيرين يعاكسون قرارات الدولة بسبب سوء فهم خطابها”.

“إقصاء غير مقبول”

وفيما يتصل بتكوين العنصر البشري الذي يشتغل في الإعلام الأمازيغية، انتقد عصيد “إقصاء مجموعة من الفاعلين الإعلاميين الأمازيغيين من بعض التكوينات وهو أمر لا يمكن قبوله” موردا في هذا السياق مثالا عن “غياب استدعاء الصحافيين الأمازيغيين لتغطية المهرجان الدولي للفيلم في وقت تستدعي فيه الجهات المنظمة قرابة 100 صحافي من العربيين والفرنسيين كما لو أنه لا يوجد هناك إعلام أمازيغي في البلد”.

وعاد الإعلامي، عمر إسرى، ليسجل بإلحاح “ضرورة إدماج اللغة الأمازيغية بشكل عاجل في المعهد العالي للإعلام والاتصال من أجل تكوين صحافيين متمكنين من الضوابط اللغوية الإعلامية وتقنيات التحرير التلفزي والإذاعي كغيرها من اللغات الأخرى”، مواصلا أنه “لا يمكن أن نطالب خريجي هذا المعهد، الذين لم يدرسوا الأمازيغية، ثم نطالبهم بالحديث الجيد في اللغة الأمازيغية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News