رأي

القمة العربية المقبلة.. التحديات والرهانات

القمة العربية المقبلة.. التحديات والرهانات

يتجه الاهتمام العربي والعالمي هذه الأيام نحو العاصمة البحرينية المنامة التي تستضيف القمة العربية الثالثة والثلاثين بعنوان «قمة البحرين». وينظر المواطنون العرب من المحيط إلى الخليج إلى «قمة البحرين» على أنها مهمة للغاية، على أمل أن تسفر عن نتائج عادلة وحاسمة تؤدي إلى تسوية نهائية للصراع العربي الإسرائيلي ومنح الشعب الفلسطيني الحق في دولته وهويته وكيانه بعد سبعين عاما من التشريد والظلم والقتل والحرمان. إن “قمة البحرين” قمة محورية وحاسمة وتشكل حجر زاوية لمستقبل المنطقة، وتطلعات شعوبها، في أن تنزع فتيل الأزمات بالمنطقة، ليسودها الأمن والأمان والاستقرار والتنمية، وبناء المستقبل الجديد.

إن القمة العربية العادية الثالثة والثلاثون تأتي في منعطف تاريخي دقيق وحاسم للأمة العربية، حيث تشهد العديد من التحديات والتهديدات والصراعات الإقليمية، سواء على الجبهات السياسية أو الأمنية أو الجيوسياسية. حيث تنعقد القمة في ظروف دقيقة نظرا لحجم التحديات والصعوبات التي تواجهها سواء على مستوى كل دولة عربية على حدة أو على مستوى منظومة العمل العربي المشترك. ومن أهمها الأوضاع في غزة، التي تتطلب من الجميع أن يجتمعوا ويتحدوا ويقفوا جنبا إلى جنب لتحقيق التضامن العربي المشترك لدعم القضية التاريخية والأهم للعرب والمسلمين.

وإدراكا للأهمية المحورية التي تمثلها المملكة المغربية في منظومة العمل العربي المشترك، وإيمانا بحجم الاهتمام الذي توليه المملكة لقضايا الأمة العربية، ودأبها على الانخراط الدائم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعم مسيرة العمل العربي المشترك تحت قيادة وتوجيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ستشارك المملكة المغربية بوفد هام رفيع المستوي بالقمة العربية.

ومما لا شك فيه أن ملف الحرب في غزة يكتسب أهمية كبيرة في هذه القمة وسيكون على رأس جدول أعمال القمة العربية، بالنظر إلى عدة جوانب حيث طالت مدة هذه الحرب، وكذلك حجم الخسائر البشرية والدمار الذي سببته، مما بجعل «قمة المنامة» ذات أهمية كبيرة، خاصة أنها تأتي خلال مرحلة التفاوض بين حماس وإسرائيل.

وفي هذا السياق؛ أكدت المملكة المغربية باستمرار وبشكل واضح موقفها من القضية الفلسطينية، واعتبارها قضية هوية وعروبة وتاريخ ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لحل الدولتين وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وانطلاقا من هذا الموقف الثابت؛ يحرص جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس في جميع المحافل والمناسبات على ضرورة الدعوة إلى تنفيذ قرارات الوقف الفوري التام لإطلاق النار في قطاع غزة وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة، والحاجة إلى مسار سياسي نحو سلام عادل ودائم في المنطقة على أساس حل الدولتين وقبول فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة، لينال الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه المشروعة، والتأكيد على نهج مملكة بقيادة جلالته الداعي إلى السلام كخيار استراتيجي للدفع بعملية التنمية المستدامة قدما على صعيد كافة المجالات الميدان.

وتهتم المملكة المغربية عبر سياستها الخارجية الرصينة، والعادلة، على أن يكون لها دور مؤثر عبر مختلف القمم العربية، في تكريس وحدة البيت العربي، وتوحيد مواقفه، وفي تفعيل دور جامعة الدول العربية بالمواقف الدولية والإقليمية، وتحقيق الأمن والسلام، ونبذ الصراعات والخلافات.

ومن المتوقع كذلك أن تحظى التطورات الخطيرة التي يمر بها جمهورية السودان باهتمام كبير من قبل القادة العرب، فضلا عن كافة الأزمات الأخرى التي تشهدها الدول العربية؛ كالأزمة اليمنية والليبية والسورية وتطورات الأوضاع في الصومال ولبنان وغيرها. ولا شك أن موضوع التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية يحظى باهتمام كبير لدى القادة العرب، لا سيما أن هذه التدخلات تعد السبب الرئيس لاستمرار الكثير من الأزمات والصراعات التي تشهدها منطقتنا العربية.

بالإضافة إلى تأثر الدول العربية بالأحداث العالمية الكبرى وانعكاساتها على الاقتصادات العربية، تنعقد القمة وسط ظروف اقتصادية استثنائية فرضتها حالة الاضطراب وعدم الاستقرار الأمني في منطقة الشرق الأوسط. وعلاوة على ذلك، هناك آثار سريعة لتغير المناخ على مختلف القضايا الاقتصادية والإنمائية. هذه كلها عوامل يتوقع معالجتها خلال قمة البحرين.

إن مواجهة هذه التحديات المذكورة لا يمكن أن تتم إلا في ظل مواقف عربية موحدة ومتماسكة، وبعيدا عن الانقسامات والخلافات التي تضعف الأمة العربية وتخلخل صفوفها، خصوصا وأن الشعوب العربية مازالت تعول على اجتماعات القمة العربية للنهوض بأوضاعها وتعزيز العلاقات والروابط الأخوية وتفعيل وتطوير آليات العمل العربي المشترك.

يعلق المراقبون والسياسيون والشارع العربي توقعات كبيرة على نتائج البيان الختامي المرتقب لقمة البحرين، نظرا لحجم وأهمية وحيوية الملفات والقضايا المطروحة أمام أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية، إذ تسعى المملكة المغربية من خلال مشاركتها في هذه القمة إلى ترسيخ التعاون مع الأشقاء العرب وجميع الدول الإقليمية المؤثرة في المنطقة، إلى بلورة مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك من خلال تكثيف المبادرات والمساعي الدبلوماسية وتغليب لغة الحوار وانتهاج طريق السلام العادل والشامل، والوصول إلى حلول مستدامة تجاه القضايا المشتركة القابلة للتطبيق على أرض الواقع والقائمة على مقاربة الآراء العربية تحقيقا لاستدامة الأمن والاستقرار الإقليمي، وبما يوفر الظروف والآليات الملائمة التي تسهم في تحقيق تطلعات وآمال الشعوب العربية والمصالح الحيوية لازدهار دول المنطقة كافة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News