اقتصاد

خبير: عدم تطبيق تراجع أسعار المحروقات محليا يسائل تنافسية القطاع

خبير: عدم تطبيق تراجع أسعار المحروقات محليا يسائل تنافسية القطاع

عرّت المعطيات الأخيرة لمجلس المنافسة مرة أخرى عدم انعكاس تراجع أسعار الغازوال والبنزين عالميا على سوق المحروقات بالمغرب، الأمر الذي أعاد طرح الأسئلة بخصوص مدى احترام الفاعلين بالقطاع لقانون المنافسة، خاصة وأن عددا من الشركات المذكورة جنت أرباحا طائلة بسبب حفاظها على نفس هامش الربح بغض النظر عن تقلبات السعر عالميا.

وفي قراءة للخبير الاقتصادي محمد جدري لهذه الأرقام، أكد في تصريح لجريدة “مدار21” أن واردات المغرب من البنزين والغازوال خلال سنتي 2022 و2023 عرفت نقصا في ثمنها مع الحفاظ على نفس الكميات المستوردة، ذلك أن الفاتورة الإجمالية انتقلت من حوالي 66 مليار درهم إلى 52 مليار درهم، في حين أن العائدات الجبائية ظلت نفسها المقدرة بنحو 25 مليار درهم؛ 18 مليار درهم منها تعود للضريبة الداخلية على الاستهلاك و7 مليار درهم عن طريق الضريبة على القيمة المضافة.
وأوضح الجدري أنه للأسف فإن الشركات التسع للمحروقات، التي تتحكم في نحو 90 في المئة من حجم المبيعات في سوق الغازوال والبنزين، تناقصت تكلفة شرائها للمحروقات؛ بالنسبة للغازوال اقتنته سنة 2023 أقل من 2022 بما يناهز 1.47 درهم والبنزين تراجع بما يناهز 0.67 درهم.
وأكد الخبير الاقتصادي أنه بالنظر إلى ثمن البيع “يتضح أنه تراجع بالنسبة للغازوال بنحو 0.64 سنتيم، أما البنزين فقد ارتفع ثمنه ب20 سنتيم”، مفيدا أن “هذا الأمر غير مقبول، خاصة وأن الشراء على المستوى العالمي يتم بثمن منخفض بينما لا يتم تطبيق هذا الانخفاض محليا بالنسبة للغازوال والأكثر من ذلك يتم الرفع في ثمن البنزين”.

وتابع الخبير الاقتصادي أن هذا الأمر “يؤكد أن الشركات تحافظ على هامش ربحها سواء كان ثمن المحروقات منخفضا أو مرتفعا، إذ أنها تحافظ على هامش ربح يناهز 0.76 سنتيم بالنسبة للغازوال و1.38 درهم بالنسبة للبنزين”.

وأبرز الجدري أنه “عند مقارنة هذه المعطيات يتضح أن شركات المحروقات منذ سنة 2018 إلى سنة 2023 دائما تحافظ على نفس هامش الربح الذي يتجاوز أحيانا درهما في الغازوال وتحقق أرباحا مهمة في البنزين تتجاوز 1.38 درهم”.

واعتبر أن “المستفيد الأول من هذه الأمور هو شركات المحروقات لأنها لا تراعي انخفاض أو ارتفاع ثمن المحروقات على الصعيد العالمي وتحافظ على هامش ربح مهم جدا، وكذلك العائدات الضريبية لخزينة الدولة التي تحقق نحو 25 مليار درهم، في حين أن الحلقة الأضعف هي المستهلك الذي يقتني البنزين والغازوال بثمن مرتفع لا يتوافق مع ثمن السوق”.

وشدد على أن شركات المحروقات “تحقق أرباحا فوق المعتاد وفوق الربح الذي يجب أن يتم احترامه”، موضحا أن هذه الشركات “تطبق الارتفاع المسجل بالسوق العالمي على السوق الوطنية، لكن عندما يكون هناك انخفاض عالميا إما يتم تأجيله عكسه محليا أسابيع متعددة أو يتم التخفيض دون احترام النسبة الواجب تطبيقها”.

وانتهى الجدري إلى أن هذا الأمر يؤكد أن “التنافسية بين شركات المحروقات فيه كلام كبير يجب أخذه بعين الاعتبار حتى يتم الوصول خلال السنوات المقبلة إلى منافسة حقيقية بين الفاعلين في قطاع المحروقات بالمملكة المغربية”.

وكان مجلس المنافسة قد أكد أن مستوى العلاقة بين تباين أسعار البيع والأسعار العالمية وتكاليف الشراء المرجحة يتباين وفقا للمنتجات (الكازوال أو بنزين)، وبين الفترات المختلفة من السنة الواحدة.

وأوضح مجلس المنافسة، في تقرير حول تتبع الالتزامات المتعهد بها من قبل شركات التوزيع بالجملة للكازوال والبنزين، في إطار اتفاقيات المعاملات المبرمة مع المجلس، أنه بالنسبة للكازوال، ثمة علاقة موجبة عالية بين تباين الأسعار العالمية وتقلبات تكاليف الشراء وتقلبات المخزون، حيث بلغ معامل العلاقة حوالي 0,88، سواء بالنسبة للعلاقة بين سعر البيع/الأسعار العالمية، وكذا بالنسبة لسعر البيع/تكلفة الشراء.

أما بالنسبة للبنزين، فأشار المجلس إلى أن مستوى العلاقة يظل ضعيفا نسبيا، لقربه من 0.62 و0.78 على التوالي بالنسبة لسعر البيع/الأسعار العالمية، وسعر البيع/تكلفة الشراء، مبرزا أن مستوى العلاقة هذا يختلف بين الفترات المختلفة من نفس العام، نظرا لكون تأثير التغيرات في الأسعار العالمية وتكاليف الشراء المرجحة على أسعار المبيعات، على المستوى الوطني، لفترات معينة، يتم بوتيرة متباينة.

وبالفعل، فقد لوحظ خلال هذه الفترات فارق زمني في التأثير على هذه التغيرات، إما من خلال تخفيف انعكاس الزيادة في تكاليف الشراء المرجحة على سعر البيع على مدى عدة فترات، أو من خلال تأخير تطبيق التغيرات على سعر البيع في حالة انخفاض الأسعار وتكلفة الشراء.

وفي سياق ذي صلة، أفاد مجلس المنافسة بأن واردات الكازوال والبنزين عرفت خلال السنتين الأخيرتين انخفاضا كبيرا بلغ 21,5 في المئة، من حيث القيمة، منتقلا من 66,3 مليار درهم في سنة 2022 إلى حوالي 52,7 مليار درهم في 2023، مع تسجيل نفس المستوى تقريبا من الواردات على مستوى الحجم.

وأوضح مجلس المنافسة، أن هذا الانخفاض يعزى إلى تراجع أسعار المحروقات المكررة عالميا، وخصوصا أسعار الكازوال الذي يظل الوقود المهيمن على واردات المغرب بنسبة 90 في المئة تقريبا.

وأضاف المجلس أنه على صعيد إيرادات الضريبة الداخلية للاستهلاك، فقد حقق هذان النوعان من الوقود نحو 18,34 مليار درهم لفائدة ميزانية الدولة في سنة 2023، مقابل 18,42 مليار درهم في سنة 2022، بانخفاض طفيف بنسبة 0,4 في المئة (ناقص 78,6 مليون درهم).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News