اقتصاد

معايير “جامدة” لمؤشر التنمية البشرية تسائل مصداقية ترتيب المغرب

معايير “جامدة” لمؤشر التنمية البشرية تسائل مصداقية ترتيب المغرب

أثير جدل واسع حول نتائج التقرير العالمي حول التنمية البشرية 2024/2023، الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة للتنمية في نيويورك، والذي ارتقى بموجبه المغرب في تصنيف مؤشر التنمية البشرية العالمي بثلاث رتب؛ من الرتبة 123 إلى الرتبة 120 عالمياً.

وفي حين ذهب خبراء إلى أن تقدم المغرب بثلاث رتب أمر إيجابي، يرى البعض الآخر أن نتائج التصنيف تسائل المعايير “الجامدة” المعتمدة والتي وضعت المغرب في مرتبة غير متناسبة مع حجم التقدم الحاصل، خاصة وأن عددا من الدول المتواضعة تجاوزت المغرب في هذا التصنيف في حين أنها لا تتوفر حتى على منظومة إحصائية.

معايير جامدة!

ويؤكد الخبير الاقتصادي مهدي فقير، في تصريح لـ”مدار21″، بخصوص نتائج مؤشر التنمية البشرية أنه سبق أن طلبت المندوبية السامية للتخطيط بإعادة النظر في معاييره لأنها جامدة، متسائلا “هل يعقل أن المغرب من ضمن 64 دولة في العالم لديها نظام إحصائي، ومع ذلك يتم تصنيفها أقل من دول لا تتوفر على هذا النظام الإحصائي”.

ولفت فقير “شخصيا لا أشكك، وأقول إنه مؤشر مهم، لكن أعتقد أنه إذا تم إخضاعه للمعايير العلمية الدقيقة والموضوعية أشك أنه سيتم الاحتفاظ بنفس هذه التراتبية الموجودة حاليا”، مشددا على أن مندوبية التخطيط طالبت بإعادة النظر في معايير المؤشر وتحيينها وأن المغرب من الدول القليلة التي تتوفر على نظام إحصائي دقيق ومع ذلك يصنف في المرتبة 120.

وتابع أنه بالرغم أوراش الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وإصلاح مدونة الأسرة وغيرها، ومع ذلك نتقدم ثلاثة مراتب فقط، فهذا يكشف انعدام التناسب، مع العلم أنه في بعض الدول تدهورت الأمور كثيرا، مما يتطلب توضيح المعايير المعتمدة.

ولفت فقير إلى أن ما يُعاب على هذا المؤشر أنه “يؤخذ من طرف البعض وسيلة لجلد الذات لاعتبارات سياسوية ضيقة”، مشيرا إلى أن “المؤشر لم يأخذ بعين الاعتبار عددا من المعطيات بالمغرب والتقدم الكمي والكيفي بالمملكة”، مضيفا “أرفض التعليق على المؤشر لأن المندوبية كانت لديها ملاحظات تقنية بشأن المعايير”.

ورفض الخبير الاقتصادي أن يكون المغرب من بين 64 دولة التي تتوفر على المنظومة والأرقام التي تسمح بتوضيح تموقعها، ومع ذلك يتم تصنيفه ضمن دول لا تتوفر على نظام إحصائي، “فمن أين تم المجيء بالإحصائيات؟”، مضيفا أنه “لا يعقل أن قطاعات الصحة أو التعليم أو غيرها بهذا السوء الذي يضعنا في هذه المراتب”.

وشدد على أن المغرب “عرف قفزات نوعية كما وكيفا ولا يعقل أن تتم ترجمتها بتقدم لثلاث مراتب فقط”، مشددا على أن وجود المغرب في المرتبة 120 والجزائر في المرتبة 93 فهذا يدل على أن هناك أمر ما ليس منطقيا، إذ لا يمكن للمغرب أن يكون متأخرا على الجزائر بـ27 مرتبة.

واسترسل أنه من الممكن القول إن هناك تحسنا إيجابيا عرفه المغرب في هذا المؤشر بالتقدم ثلاثة مراتب، ولكن موضوعيا وعلميا ومنهجيا فأنا أتشبث برأي مندوبية التخطيط التي قالت إن المؤشر معاييره جامدة وينبغي تحيينها.

المغرب تقدم ولكن..

الخبير الاقتصادي محمد الجدري يرى، في تصريح لجريدة “مدار21″، أنه في ما يتعلق بالمعايير المعتمدة في المؤشر “فإما أن يتم الأخذ بها بالمجمل أو تركها، ذلك أنه لا يمكن أن نأخذ بهذه المعايير عندما تكون لدينا أمور جيدة ويتم رفضها إذا لم تكن النتائج ليست في صالحنا”.

وأوضح محمد الجدري أن تقدم المغرب بثلاث مراتب في المؤشر مقارنة بالسنة الماضية “أمر إيجابي لكنه غير كاف، لأن المغرب يجب أن يكون على الأقل بين 70 أو 80 دولة على الصعيد العالمي”، مؤكدا أن “هذا التقدم جاء بعد الجهود في قطاعات الصحة والتعليم والدعم الاجتماعي المباشر، ومن الممكن أن تكون الآثار أكثر إيجابية بعد تنزيل ورش الحماية الاجتماعية في أفق سنة 2026”.

وشدد على أنه ما تزال لدينا مشاكل في الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليم ذو جودة وأيضا في القدرات الشرائية المتأثرة بشكل كبير، إضافة إلى النقص المسجل في المشاركة من طرف النساء، وأيضا التفاوتات المجالية، لكن الإيجابي هو أن نتقدم إلى الأمام ولا نعود إلى الوراء كما أننا اقتربنا من المعدل الدولي إذ لدينا اليوم 0.698 بينما المعدل الدولي هو 0.930 ما يعني أننا اقتربنا من معدل التنمية البشرية على المستوى العالمي.

وشدد على أن هذا المؤشر لم ببدأ البارحة فقط بل منذ سنوات طويلة، مشيرا إلى أنه ضمن هذا المؤشر فإن تسع بلدان من أصل 10 دول تراجعت إلى الخلف ولم تتقدم بسبب الحروب وما يقع، مشيرا إلى أن المغرب لا يمكن أن يقارن مثلا بدولة مثل ليبيا أو الجزائر التي تعتبر دولا بترولية ولديها دخل أحسن بالنسبة لمواطنيها مقارنة بالمغرب لأن لديهم خدمات صحية مجانية والتعليم مجاني وكذا الدعم المباشر منذ سنوات وغيرها.

وأردف بالمقابل أنه لا ينبغي إغفال أن المغرب بفضل المجهود الذي بذله طيلة العشرين سنة الأخيرة انتقل من مراتب متأخرة إذ كان يصنف في المرتبة 150 من قبل، واليوم نحن في الرتبة 120، وإذ واصلنا عملنا فمن الممكن أن نكون خلال الأربع سنوات القادمة ضمن البلدان الـ90 أو المئة الأولى في الترتيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News