حوارات | سياسة

الغلوسي: “ريع الدراسات” فضيحة سياسية والأحزاب “خصها تحشم”

الغلوسي: “ريع الدراسات” فضيحة سياسية والأحزاب “خصها تحشم”

دعا محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، النيابة العامة للتفاعل مع الشكاية التي تقدم بها “حماة المال العام” على ضوء تقرير المجلس الأعلى للحسابات وخلاصاته المتعلقة بتدقيق مالية الأحزاب السياسية، وذلك من خلال أمر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإنجاز الأبحاث الضرورية بخصوص هذه القضية لمتابعة كل المتورطين في الاختلالات التي رصدها مجلس العدوي.

واعتبر رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام أن الأحزاب السياسية التي قامت بإنجاز هذه الدراسات والأبحاث “بغض النظر على مدى علميتها ومدى احترامها للشروط الأكاديمية، فإن المبالغ المرصودة لهذه الدراسات واستفادة ذوي القربى من الدعم، تؤكد أنها سقطت في تضارب للمصالح”، واصف ذلك بـ”الفضيحة الأخلاقية والسياسية”.

وقال الغلوسي، في حوار مع جريدة “مدار21” الإلكترونية، إن السياسة والعمل الحزبي يجب أن يمارسا بمرجعية أخلاقية، على اعتبار أن دور الأحزاب السياسية هو الدفاع عن النزاهة والشفافية والمساواة واحترام القواعد والمبادئ ذات طبيعة دستورية وقانونية.

ويرى المحامي ورئيس جمعية حماية المال العام، أن بعض الوقائع والمعطيات التي رصدها المجلس العلمي “تكتسي طبيعية جنائية، فالدعم العمومي الذي تتوصل به الأحزاب السياسية يتوجب عليها وتلقائيا أن تبعث بتقرير للمجلس وأن ترجع المبالغ المالية التي لم تستعملها وفي حوزتها، إلا أنه للأسف الشديد تبين أن البعض (الأحزاب) رغم توصلها بالإشعار من المجلس المذكور لم تبادر إلى حدود يومه إلى إرجاع تلك المبالغ، وهو ما يشكل من ناحية التكييف القانوني جريمة اختلاس أموال عمومية لأن سوء النية قد تحقق، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 241 من القانون الجنائي الذي يعاقب على هذه الجريمة”.

وأضاف أن هناك بعض الوقائع الأخرى تؤكد “سوء نية بعض الأحزاب”، وخاصة فيما يتعلق بعدم إرفاق تقريرها بالمستندات والوثائق والحجج التي تبين صرف المال العام، إذ إن الأخير يخضع لمساطير دقيقة ولقواعد صارمة وبالتالي فإن عملية الصرف يجب أن تعزز بالمستندات التي تتبث صرفه وفي ما رصد له.

وعن ردود أفعال بعض الأحزاب، لفت رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إلى أن الأحزاب التي “شنت هجوما على المجلس الأعلى للحسابات، وهي مؤسسة دستورية وفق المادة 147، مهمتها الرقابة على المال العمومي، يجب أن تخجل من نفسها”، مردفا: “هذه الأحزاب خاصهم يحشمو شوية، لأنها عوض أن تجيب عن سؤال أساسي هل ما ورد في تقرير المجلس صحيح أم أنه افتراء؟ اختارت أسلوب الهجوم على رئيسة المجلس”.

وعدّ الغلوسي هذا الهجوم “أسلوبا لا يليق بالأحزاب المفروض أنها تدبر الشأن العام ومؤتمنة على المال العمومي وعلى مصالح وحقوق المواطنين”، وهو ما يؤكد أيضا أن بعضها “متورط في الفساد والريع وأن بعض هذه الأحزاب تتناقض مع شعاراتها ومع برامجها، إذ تقول في خطابها بأنها تسعى لتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد والرشوة وبناء أسس دولة الحق والقانون والدفاع عن القيم المواطنة والنزاهة والشفافية، لكن ممارستها شيء آخر”.

وأشار إلى أن المجلس الأعلى للحسابات، عبر تقريره الأخير الذي أثار جدلا واسعا، كشف واقعا يعرفه المغاربة وهو أن “بعض الأحزاب تشكل جزء لا يتجزأ من بنية الفساد، وهو ما كان كفيلا بأن يجعل قياداتها تتقدم بنقد ذاتي وأن تدعو لعقد مؤتمرات استثنائية من أجل انتخاب قيادات جديدة لأن هذه القيادة الحالية متورطة في الريع والفساد والرشوة”، مجددا دعوته للنيابة العامة بأن تأمر بإجراء بحث قضائي معمق مع هذه القيادات “وأن تتابعها، كما تمت متابعة محمد زيان، من أجل تبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير”.

كما وجه رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، دعوته لقواعد “الأحزاب المتورطة”، مطالبا إياها بعدم السكوت عن مثل هذه “الممارسات المنافية للبرامج وشعارات الأحزاب”، لافتا إلى أن بعضها، رغم إشاراتها في بلاغات الرد على المجلس الأعلى للحسابات إلى أن هناك صفقات عمومية كبرى لم يسلط عليها المجلس المذكور الضوء واختار الحيط القصير، “إلا أنها لم تتقدم بأية شكايات ولم تفتح نقاشا عموميا بخصوصه ولم تحول البرلمان إلى أداة وآلية من أجل الدفع بالمؤسسة التشريعية لإخراج قوانين مكافحة الفساد وتجريم الإثراء غير المشروع والقطع مع الريع والإفلات من العقاب”.

وقال إن الجمعية التي يرأسها تطمح إلى أن تكون الأحزاب السياسية قوية مستقلة وديمقراطية ولها امتدادات في المجتمع ولها مشاريع وتؤطر الشباب والنساء، مسجلا أن “واقع العمل الحزبي يحتاج إلى نقاش عمومي صريح وواضح ويحتاج إلى إعادة النظر في أسلوب عمل الأحزاب ومساءلة قيادتها لأنها لم تقم بالأدوار المنوطة بها وانصرفت لخدمة مصالحها ومصالح زينائها الذين يحتاجون هم في المناسبات الانتخابية”.

كما أبرز الغلوسي في هذا الصدد أن منسوب الثقة في الفاعل السياسي والحزبي وصل إلى مستويات متدنية بحيث إن هناك حراكات اجتماعية اليوم في المغرب تنتقد هذه الأحزاب، كما أن هذه الأخيرة عوض أن تقوم بدور الوساطة بين المجتمع والدولة بمعناه الإيجابي، اليوم تخلت عن جميع أدوارها وتركت الشارع والمجتمع في مواجهة مباشرة مع الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News