اقتصاد

36 عاما من الاحتكار والمنافسة غير الشريفة.. هل تردع الغرامات اتصالات المغرب؟

36 عاما من الاحتكار والمنافسة غير الشريفة.. هل تردع الغرامات اتصالات المغرب؟

غرامات متتالية طالت شركة اتصالات المغرب تجعل من الاتهامات التي كانت تروج حول الشركة، التي أكملت عامها 36، والتي تدور رحاها حول “الاحتكار” و”المنافسة غير الشريفة” و”التعسف” على المنافسين، حقيقة لا مفر منها، تستلزم الوقوف عندها للتساؤل عما إذا كانت هذه القرارات، وخاصة القضائية منها، ستنظم فوضى القطاع، وتجعل أخطبوط الاتصالات يمتثل للقوانين.

آخر القررات في حق شركة اتصالات المغرب، التي تأسست في فبراير 1998، وبلغ رقم معاملاتها عند متم العام الفارط 6,8 مليار درهم، صدر من المحكمة التجارية في الرباط في الثلاثين من يناير الفارط، حيث تم الحكم ضدها بأداء ما مجموعه 6,368,731,743، وذلك كتعويض عن الضرر لصالح شركة منافسة هي إنوي بسبب المنافسة غير الشريفة في مجال الاتصالات، بعد الدعوى التي رفعتها الأخيرة في 2021.

وقبل سنة من هذا الحكم الذي تعتزم الشركة استئنافه، قررت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات تصفية غرامة جديدة فرضتها على شركة اتصالات المغرب، حددتها في 2.45 مليار درهم، وذلك باعتراف اتصالات المغرب نفسها التي أكدت في بلاغ لها توصلها بقرار لجنة تدبير الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، الذي يقضي بتصفية الغرامة.

الغرامة التي فرضها دركي الاتصالات على اتصالات المغرب في 2020 تهم تنفيذ عروض التقسيم من قبل اتصالات المغرب، مما دفعها لتكوين مؤونة بذلك المبلغ، جاءت بسبب الاستغلال التعسفي لوضعية مهيمنة، كما تم دعوة “اتصالات المغرب” إلى تسريع تقسيم الحلقة المحلية، حيث لوحت بفرض غرامة تصل إلى 4 ملايين درهم عن كل يوم تأخير في حال عدم احترام ذلك.

عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، أشار إلى أن المنافسة في المجال الاقتصادي والتجاري بصفة عامة مؤطرة بقانون المنافسة، وهو نفسه المحدد لأدوار المجلس في ما يتعلق بقضايا التركيز الاقتصادي على اعتبار أنها تؤثر بشكل كبير على المنافسة، والتي يحدد لها القانون إجراءات ومساطر وبناء عليها يتم منح الترخيصات وتكون فيها بطبيعة الحال شروط وعدد من المقتضيات التي يجب على الشركات أن تحترمها.

ولفت إلى أن التنافس ما بين اتصالات المغرب وانوي، بسبب أن المتعهد الأول استفاد في فترة معينة من احتكار الخدمة ومن البنية التحتية ولكن عقب دخول شركات أخرى للسوق، كان من الضروري أن يفتح لها المجال للمنافسة، على اعتبار أن القانون يفرض إعطاء الإمكانية لجميع الشركات التي تم الترخيص لها للاستفادة من البنية التحتية “وهذا الأمر ينظمه مجلس المنافسة من خلال إصداره قرارات في حالة عدم احترام المقتضيات القانونية والتي يمكن أن تكون غرامات يمكن أن تصل ل 4 مليون درهم”.

واعتبر في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن هذه الأحكام والقرارات، والتي هي بمثابة جزاء لكل متعهد لم يحترم القواعد المحددة، الهدف منها هو خلق منافسة عادلة ما بين مختلف المتعهدين وما بين مختلف الشركات التي تستثمر في مجال معين، مسجلا أنها وبدون شك (الغرامات) سيكون لها تأثير كبير في القرارات التي ستقدم عليها أي شركة بما فيها اتصالات المغرب.

بدوره، رفض نجيب أقصبي، الأستاذ الجامعي الخبير الاقتصادي، التعليق على إمكانية مساهمة تغريم اتصالات المغرب في تنظيم القطاع الذي يعرف تجاوزات كثيرة، معتبرا أن مجلس المنافسة بعد “سقوطه” في امتحان المصداقية فيما يتعلق بشركات المحروقات لا يمكن التعويل عليه، قائلا في تصريح للجريدة “الغرامات الأخيرة تعمق مشكل المصداقية بالنسبة لمؤسسات الضبط، وللأسف لسنا أمام المصداقية حتى حدها الأدنى لنحلل بصفة معقولة، وذلك بسبب تضارب المصالح والعلاقة غير شرعية بين المال والسياسة”.

وتستحوذ الشركة التي بلغ على عدد زبنائها نهاية 2023، بالمغرب 19.8 مليونا، وفي العالم ل76 مليونا، ورغم تحرير السوق منذ أكثر من عقد من الزمن، على 60 في المائة من قطاع الاتصالات بالمملكة، فيما يسمح قانون المنافسة ب 40 في المائة فقط من الاستحواذ، كما أن اتصالات المغرب تهيمن على 90 في المائة من البنية التحتية للقطاع الاتصالات وخدمة الهاتف الثابت والإنترنت فائق السرعة.

وبحسب المادة السابعة من قانون حرية الأسعار والمنافسة، يمنع قيام منشأة أو مجموعة منشآت بالاستغلال التعسفي لوضع مهيمن في السوق الداخلية أو جزء هام من هذه السوق، وهو ما تخالفه اتصالات المغرب، إضافة إلى مخالفة
قواعد المنافسة الحرة والتي تعني حرية الدخول إلى السوق وممارسة النشاط الاقتصادي المرغوب فيه دون أية عوائق أو قيود وذلك بهدف تحقيق الفعالية الاقتصادية.

ولا تتوقف اتهامات الاحتكار الموجهة لاتصالات المغرب عند البنيات التحتية، بل سبق لتقرير رسمي صادر عن المجلس الأعلى للحسابات في 2019، وحين كان يترأسه إدريس جطو، أن اعتبر أن “احتكار شركة اتصالات المغرب لخدمة ADSL يقف حجر عثرة أمام التطور السلس لقطاع الاتصالات”، مسجلا أن تطوير البنية التحتية لشبكة الهاتف الثابت محدود بالمغرب.

وشدد التقرير وقتها، على أن شبكة الـADSL هي أهم وسيلة لاستخدام الأنترنت في البلدان المتقدمة، خاصة شبكات النطاق العريض التي تمثل بشكل خاص الخدمة المفضلة للمؤسسات العامة والخاصة المتوسطة والكبيرة، مضيفا أن البلدان المتقدمة تواصل تحسين البنية التحتية للنطاق العريض الثابت من خلال تركيب شبكات الألياف البصرية.

وأشار مجلس جطو، إلى أنه بالرغم من رغبة الـANRT، التي عبرت عنها في ملاحظاتها توجيهاتها، لتطوير شبكات النطاق العريض ولاسيما تلك القائمة على الألياف الضوئية، إلا أنه لم يلاحظ أي تغير كبير في هذا المجال.

ونبه التقرير أن 94 بالمائة من المغاربة يستخدمون خدمة الإنترنيت عن طريق الهاتف المحمول، في حين أن خدمة ADSL التي تحتكرها شركة اتصالات المغرب بنسبة 99.98 بالمائة، لا يستفيد منها إلا 7 بالمائة فقط، وبحسب تقرير قضاة جطو، فهذه النتائج تظهر أن خدمة الهاتف والانترنت الثابت لا تستفيد من نفس مستوى التطور والمنافسة والترويج بسبب الاحتكار.

تعليقات الزوار ( 2 )

  1. السياسة الاحتكارية لاتصالات المغرب مسؤولة بدرجة كبيرة في إفشال العديد من الشركات الناشئة منذ بدايات الانترنيت في المغرب وبروز شركات وطنية في هذا القطاع، وبالتالي خلق فرص مناصب شغل واستثمار. وخسارات اقتصادية للبلد.

  2. ناهيك عن حالنا نحن متقاعدي وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية.
    مثال ،كنت موظف بهذه الوزارة منذ سنة 1982 من درجة مساعد ثقتي وبعدها ادرجونا تحت نظام المكتب الوطني للبريد والمواصلات وفي سنة 2004 أقحمونا تحت نظام الشركة دون مراعاة الإطار الإداري المنتمون اليه والمشكل الصندوق المغربي لا يتعامل مع الشركة وعليه ،لما وصلت سن التقاعد وتوصلت لأول واجب شهري من الصندوق ،لقيت نفسي من 2004 إلى 2019(سن تقاعدي) لم يحتسب الي ؟
    وعليه والحمد لله القانون حكم لصالحي لتسوية وضعيتي المعاشية ولكن أخطبوط الشركة يبقى فوق القانون وأمثالي كثيرون والأحكام كلها ضد هذا المدير وشركة الاتصالات ولكن ولللسف لا احد يتدخل لفك مشاكلنا ونحن شيوخ كهلة نقاوم ضد الأمراض ورزقنا لهفه هذا الانسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News