سياسة

إصلاح مجلس حقوق الإنسان.. المغرب يتبنّى مقاربة شاملة لتجاوز عثرات الماضي

إصلاح مجلس حقوق الإنسان.. المغرب يتبنّى مقاربة شاملة لتجاوز عثرات الماضي

لم تخف المملكة المغربية منذ أيام ولايتها الأولى على رأس مجلس حقوق الإنسان، حاجة هذه المؤسسة الأممية الموكول لها أمر رعاية حقوق الإنسان عبر العالم إلى الإصلاح.

كلمة وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر يوريطة، أمس الثلاثاء بجنيف، حملت في طياتها الكثير من النقد لمجلس يبدو أنه استنفذ ما في جعبته على امتداد 18 سنة، وصارت قراراته دون أثر يذكر على مستوى المشهد الحقوقي العالمي، بل وتحولت في كثير من الأحيان إلى منصة “لاستغلال بعض القضايا وتحريفها عن أهدافها، من أجل خدمة أجندات لا علاقة لها بحقوق الإنسان”، بحسب تعبير وزير الخارجية المغربي.

منظور المملكة المغربية للإصلاح، والذي سرده رئيس المجلس برسم العام 2024، السفير الممثل المغربي الدائم للملكة لدى مجلس حقوق الإنسان بجنيف، عمر زنيبر، يسعى لمعالجة الاختلالات التي تعرفها منظومة حقوق الإنسان باعتبارها كلية غير قابلة للتجزيء، ينقسم بحسب عائشة الدويهي، الناشطة المغربية ورئيسة المرصد الدولي للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان لجنيف (منظمة غير حكومية)، إلى شقين أساسيين، يرتبط أولهما “بالانكباب على القضايا الجوهرية والكبرى التي سيشتغل عليها المجلس، وهي قضايا تتعلق أساسا بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، فيما يرتبط الشق الثاني “بالجانب التنظيمي والإصلاحي والذي يهدف إلى تطوير والمساهمة في تحسين عمل المجلس”.

وإن كانت الرؤية الإصلاحية للمملكة التي تتولى رئاسة المجلس لأول مرة في تاريخها، تسعى “لضمان مساهمته كمنتدى محوري للحوار وتدارس قضايا حقوق الإنسان”، بحسب تعبير وزير الخارجية ناصر بوريطة، فإن ذلك يأتي في ظل سياق دولي معقد وغير مستقر، بحسب سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب (منظمة غير حكومية)، حيث تميزت الفترة التي تلت جائحة كوفيد 19، “بتراجع في مستوى احترام حقوق الإنسان بمجموعة من دول العالم، وسجل على إثرها الفاعلون المدنيون والمدافعون عن حقوق الإنسان، تراجعا كبيرا في الاهتمام بهذه الحقوق، وهذا كان له انعكاس على عمل آليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان، التي تعمل تحت إشراف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، هذا في ظل تسجيل تصاعد لخطابات الكراهية والعنصرية بسبب موجة صعود التيارات الشعبوية في عدة دول”، يضيف المودني الذي يحضر الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف.

وتقترح الرباط خطة عمل دقيقة لتجاوز عثرات الماضي، لمواجهة “تراجع المكتسبات التي حققها المنتظم الدولي في قضايا جوهرية، كالتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومكانة المرأة، وحقوق الطفل، ووضعية المهاجرين واللاجئين”، وأدت في المحصلة، بحسب وزير الخارجية المغربي، إلى “تصاعد خطاب الكراهية والإقصاء ورفض الآخر”.

وترى عائشة الدويهي، رئيسة مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان ومقره بجنيف. أن ناصر بوريطة “رسم معالم خطة الرباط التي أخذت بعين الاعتبار ذلك السياق الصعب والدقيق الذي يمر منه العالم في الظرفية الحالية، واضعا الأصبع على الإنجازات الإيجابية للمجلس”، منبها في الآن نفسه إلى أن “مجلس حقوق الإنسان هو الآن في مفترق الطرق، في ظل هيمنة استقطابات حادة تنسف كل فرص التفاوض”.

وأشاد الفاعل الحقوقي المغربي سامي المودني “بوجاهة المقترح المغربي الذي يستمد راهنيته من السياق الدولي الصعب، الذي يكرسه التوظيف السيء من طرف بعض الأطراف الدولية لملفات حقوق الإنسان”، والحال أن مجلس حقوق الإنسان يقوم على “فلسفة التعاون وتبادل التجارب للنهوض بهذه الحقوق والحزم ضد كل أشكال الانتهاكات الجسيمة مهما كانت الجهة التي تقف وراءها”، يضيف رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب.

وأكدت المملكة المغربية على لسان وزير الخارجية على “العمل على إطلاق مجموعة من المبادرات، تتمثل في الدعوة لعقد دورة استثنائية للمجلس حول موضوع تَوَافقي، بالإضافة إلى احتضان خلوة لتقييم فعالية المجلس، ورسم توصيات عملية كمساهمة في مسار مراجعة أساليب عمل مجلس حقوق الإنسان، المرتقب خلال سنة 2026. ومحاولة تدارك نواقص المنجس في الترافع حول قضايا النساء، بإطلاق مبادرة، مع مجموعة من الشركاء، حول المرأة في العمل الدبلوماسي، وبالخصوص في مجال حقوق الإنسان”.

ويرى سامي المودني، أن “الخطوات التي أعلن عنها وزير الشؤون الخارجية المغربي، تفتح الباب لإشراك المنظمات غير الحكومية النشيطة في مجال الآليات الأممية لحماية حقوق الإنسان، والانفتاح على مقترحاتها وتوصياتها، بما يساهم في وضع مراجعة أساليب عمل مجلس حقوق الإنسان، المرتقب خلال سنة 2026 بناء على مقاربة تشاركية”.

ومن خلال كلمتي رئيس مجلس حقوق الإنسان عمر زنيبر، ووزير الخارجية ناصر بوريطة، صارت معالم الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان، بحسب عائشة الدويهي، “واضحة المعالم بفضل هذه المبادرات، التي تطمح إلى تخليد بصمة المغرب، الذي عكس صورة من الحكمة والتبصر والحنكة، من أجل إصلاح المجلس”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News