مجتمع

جيل الفضائح.. هذه أسباب ارتفاع التشهير واستغلال الأطفال بمواقع التواصل

جيل الفضائح.. هذه أسباب ارتفاع التشهير واستغلال الأطفال بمواقع التواصل

أثار زوجان ينشطان على مواقع التواصل الاجتماعي، والمشهوران بـ”أصغر كوبل مغربي”، جدلا واسعا بسبب “تشهير” بعضهما وجعل حياتهما الخاصة عرضة للفرجة.

وتفجرت القضية حينما أقدم “يوتيوبر” يدعى أسامة على نشر صور زوجته في وضعية مخلة، وإفشاء أسرار بيت الزوجية، ضاربا عرض الحائط قدسية مؤسسة الزواج وحرمتها، بل تعدى ذلك إلى استفزاز المغاربة عقب عرضه مقطع فيديو يظهر ابنه الرضيع، الذي لا يتعدى عمره سنة واحدة، وهو يمنحه خرطوم “الشيشا”.

وفي هذا الصدد، قال محمد الطيب بوشيبة، المنسق الوطني لمنظمة “ماتقيسش ولدي”، إن هذا الأب الذي قدم مادة سامة لابنه، والتي تضر الكبار قبل الصغار، باعتبار “الشيشا” تعادل كميات كبيرة من السجائر، ليس أبا صالحا، لأن الأب مسؤولية أكثر من أنها علاقة بيولوجية، مشددا على أنه يجب أن يتم إحالته على المحكمة ويعاقب طبقا للقوانين الجاري بها العمل.

وأشار بوشيبة، في تصريح لجريدة “مدار21″، إلى أن هذه الأسرة غير مؤهلة للعيش مع الطفل، مؤكدا أنه بموجب قضائي يمكن سحبه منهما وإحالته على مركز الإيواء، وعلى كل من بلغ إلى علمه طالما بث على مواقع التواصل الاجتماعي تقديم شكاية في الموضوع، وكما على الجمعيات المحلية تحريك المسطرة القانونية في حقهما واعتقال الطرفين وفتح تحقيق في الموضوع.

وأوضح بوشيبة، بخصوص الجدل الذي أثير حول هذه القضية، أن الكثير من الأمهات والآباء يعتقدون أن لهم الحق الكامل في التصرف مع أطفالهم كيف يشاؤون في حين أن التشريعات القانونية المغربية والقوانين الدولية وكذا الدستور المغربي، لا تسمح لأي شخص، كيفما كانت صلة قرابته مع الطفل، أن يعتدي عليه جسديا، أو نفسيا، أو يستغله ويشغّله في أعمال لا تتناسب مع سنه، مؤكدا أن الطفل كائن مستقل له كامل الحقوق، والآباء ملزمون باحترامها، وفي حال عدم قدرتهم على تربيته يحيلونه على المراكز التي تتكفل بالأطفال في وضعية صعبة.

وأضاف المتحدث ذاته، أن المجتمع أصبح أمام معضلة حقيقية، بسبب المساس بمؤسسة الزواج وقدسيتها، وأكثر من ذلك هو التربية، لأن الطفل من حقه أن يتمتع بتربية صالحة وجو مناسب يخلو من المشاكل.

وبما أن القضية اندلعت شرارتها بعد تسريب المعني بالأمر لصور زوجته في وضعيات مخلة، والتشهير بها، تواصلنا مع محجوبة إدهوش، رئيسة جمعية أحضان للأمهات والأطفال في وضعية صعبة، التي أكدت أن القانون يعاقب على التشهير في حق أي إنسان، فبالأحرى الزوجة التي يربطها معه رباط مقدس، مضيفة أنه حتى وإن كان الطرفان مراهقين، فمن الواجب تأطيرهما من قبل العائلة، لأن هذا نتاج للأخلاق الفاسدة، حسب تعبيرها.

وأكدت محجوبة، في اتصال مع جريدة “مدار21″، أن هناك عدد مهول في صفوف الطالبات الجامعيات اللواتي يحملن خارج إطار الزواج، مشيرة إلى أن فضاء الدراسة أصبح مجالا لممارسة ما وصفته بـ”الدعارة”، وخاصة “الفئة التي تأتي من البوادي وتستقر في المدن من أجل الدراسة، فيجدن أنفسهن بدون مراقب أو تأطير”، مُرجعة المسؤولية في ذلك إلى القوانين وانعدام التربية الجنسية، حيث إن هناك بعض الأمهات العازبات اللواتي أنجبن خارج إطار الزواج أزيد من ستة أطفال في غفلة من الأهل، تضيف محجوبة.

وأشارت المتحدثة نفسها، إلى أن الأحياء الخاصة بالطالبات المكتريات للمنازل أضحت “أوكارا للدعارة”، مبرزة أنها تستقبل بشكل يومي عشرات الحالات المشابهة من مختلف الأعمار سواء أمهات عازبات أو زوجات، ومنهن من يتم التشهير بهن، والخوض في الأسرار الزوجية والحياة الجنسية، مضيفة أن الطلاق هو الحل وليس “التشهير”، الذي أصبح سلاحا للابتزاز والانتقام، مما يدل على انعدام الأخلاق والتوعية.

وبالعودة إلى رأي القانون في قضية التشهير واستغلال الأطفال، ربطنا الاتصال بالمحامي بهيئة الرباط، عبد العالي الصافي، الذي أكد أن الشاب الذي يعرض ابنه وهو طفل صغير ويناوله “الشيشا”، وكذلك الذين يستغلون الأطفال للربح من الأنترنيت، كلها أفعال إجرمية تنطوي على كل ما ضمن في المادة الـ19 من القانون الجنائي، فهو شكل من أشكال العنف، والاستغلال، وسوء المعاملة، والضرر والإساءة، و أن قانون الإنجاب قد سُنّ في الأصل، و ناضل عليه واضعوه للتصدي لمثل هذه الجرائم التي يتم فيها استغلال ضعف الضحية أو حاجته من أجل توظيفه بغرض الربح.

وقال الصافي، في تصريحه لجريدة “مدار21″، إن في الدول المتقدمة، حينما يثبت سوء معاملة الأطفال من إعطاء القدوة السيئة أو استغلالهم بشكل يسيء لصحتهم البدنية أو العقلية أو هما معا، تتدخل مؤسسة المصالح الاجتماعية التي تقدم شكاية للنيابة العامة من أجل فصل هذا الطفل عن محيطه الفاسد وإيداعه بمركز رعاية الأطفال أو تبنيه من طرف أسرة ما، ثم تسجل متابعة ضد الجهة المعتدية وتحرك المسطرة في مواجهتها، لافتا إلى أن المغرب لا يتوفر على مثل هذه المصالح، في الوقت الذي من الضروري أن تشتغل الدولة في إطار الحماية الاجتماعية والنموذج التنموي الجديد من أجل صناعة أجيال سليمة وقادرة على الإنخراط في بناء وطن الغد.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن بعض الجمعيات تشتغل في هذا المجال وسط غياب الإمكانيات والدعم سواء المادي أو البشري أو اللوجيستيكي وتعقيد المساطر وعدم توحيدها واختلاف المتدخلين، لكن يبقى هذا الموضوع ضحية عدم اهتمام وإهمال كبيرين، مما تسبب في فراغ وخلف مآس اجتماعية من خلال وجود العديد من الأطفال الذين يعانون سوء المعاملة والاستغلال الذي يصل حد الاستغلال الجنسي من قبل الآباء أو الأولياء أو الأوصياء،

ودق الصافي ناقوس الخطر، إذ قال إن الرقم الأسود يبقى مهولا وصادما، لأن بعض هذه السلوكيات لا يصنفها القانون على أنها مجرّمة، و مادام أن الأصل هو الإباحة، فمن المستحيل تحريك المتابعة، وبالتالي يتعين على الإطار التشريعي التدخل، على اعتبار أن الطفل لا يملك الإمكانيات الفكرية لحماية نفسه والتشكي، مما يجعله عرضة لكل أشكال الاستغلال في منظومة تحالف فيها الاجتماعي بالمؤسسي والمتخيل بالضعف، ضعف الطفل وقصر ذات اليد.

وبخصوص تشهير المسمى أسامة بزوجته، أوضح الصافي أن التشهير بشكل عام، الذي عرفه القانون بأنه هو الاعتداء على الشرف أو الاعتبار الشخصي و إفشاء الأسرار، نظمه المشرع المغربي في الفرع الخامس من الباب السابع من الكتاب الثالث، وتحديدا من الفصل 442 إلى 448 من مجموعة القانون الجنائي، الذي ناقش فيه السب العلني، والظهير 1.58.378 المعتبر بمثابة قانون الصحافة، لتأتي المادتين 444.1 و444.2 المضيفتلن بمقتضى المادة 5 من القانون رقم 103.13 المتعلق بمكافحة العنف ضد النساء ليعاقب على السب أو القدف ضد المرأة بسبب جنسها بغرامات.

وتابع: “فيما يتعلق بالتشهير عبر مواقع التواصل، و هو أمر انتشر بشكل كبير لما أصبحت تؤديه هذه الوسائل من أدوار ووظائف في حياة المواطنين سلبا وإيجابا، ومعلوم أن الجرائم الإلكترونية زئبقية يصعب الإمساك بناصيتها بالنظر للإنفجار العلمي أو بالأحرى بتفوق ابنة العلم “التقنية” عن هذا الأخير، حتى أصبحت تتحكم فيه وتوجهه إلى حد بعيد، الشيء الذي يجعل المشرع يتدخل كل مرة، وقد أضيفت المواد من 447.10 إلى 447.3، والتي تطرق فيها لهذه الجرائم، حيث نصت المادة 447.1 على ما يلي :”يعاقب من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، كل من قام عمدا لالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص دون موافقة صاحبها”، وكذلك عاقب بالعقوبة نفسها من يثبت أو يسجل أو يبث أو يوزع صورة شخص أثناء وجوده في مكان خاص دون موافقته، لترتفع هذه العقوبة في حدها الأدنى إلى سنة وإلى خمس سنوات في حدها الأقصى، في حالة ارتكابها من طرف الزوج أو الخاطب أو أحد الفروع أو أحد الأصول أو الكافل أو شخص له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلف برعايتها أو ضد امرأة بسبب جنسها أو ضد قاصر، وبذلك يكون القانون قد وضع عدة ظروف مشددة العقوبة من بينها الخطوبة والعلاقة الزوجية والبنوة”.

وبالنسبة للأطفال، أوضح الصافي أن المواثيق الدولية وكذا دستور المملكة وفرا حماية خاصة للأطفال من بينها حماية حياتهم الخاصة، وأيضا كان للقانون الجنائي الكلمة الفاصلة حينما عاقب على إعطاء القدوة السيئة بمقتضى الفصل 482، مضيفا أنه وبالرجوع لاتفاقية حقوق الطفل التي اعتبرت أن الطفل بسبب عدم نضجه البدني والعقلي، يحتاج إلى إجراءات وقائية ورعاية خاصة بما في ذلك الحماية القانونية قبل الولادة وبعدها.

وأكد المتحدث عينه، في حديثه، أن المادة 19 من الاتفاقية ذاتها، تنص على أن الدول تأخد جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كل أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الإستغلال، و أنه ينبغي التبليغ على سوء المعاملة والتحقيق فيها والمتابعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News