اقتصاد

بعد الموافقة على استيراد الهيدروكاربور…هل طوت الحكومة ملف “سامير” نهائيا؟

بعد الموافقة على استيراد الهيدروكاربور…هل طوت الحكومة ملف “سامير” نهائيا؟

بعدما عانى من الجمود مدة طويلة، وتسبب تأخر إخراجه بعد مرور أكثر ثماني سنوات على صدوره، في العديد من التبعيات الاقتصادية الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات، أماطت الحكومة المغربية يوم الخميس 1 فبراير الجاري، الستار عن  النصوص التطبيقية للقانون رقم 67.15.

المشروع الذي صادقت عليه يتعلق باستيراد مواد الهيدروكاربور وتصديرها وتكريرها والتكفل بتكريرها وتعبئتها وادخارها وتوزيعها، قدمته وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي.

ويهدف هذا المشروع إلى تحديد الوثائق التي يجب تقديمها لدعم طلبات الإذن بإحداث معامل لتكرير مواد الهيدروكاربور ومصانع لمعالجة وتعبئة مواد الهيدروكاربور المكررة ومراكز لتعبئة غازات البترول المسيلة أو التخلي عنها أو تحويلها أو توسعتها.

كما يسعى إلى البدء في استغلال هذه المنشآت، وتبسيط ورقمنة الإجراءات وكذا تقليص آجال معالجة ملف الاستثمار، إضافة إلى تحديد قائمة الوثائق التي يجب على سائق وسيلة النقل التوفر عليها من أجل نقل المواد البترولية السائلة أو غازات البترول المسيلة.

هذا المشروع بعد أن كان موضوع انتقادات عديدة من طرف نواب برلمانين، الذين عبروا في نونبر الماضي في جلسة بمجلس المستشارين، عن تذمرهم من تأخر تنزيل النصوص المذكورة، بات اليوم يطرح التساؤل عن شركة “لاسامير”، حول ما إذا كانت الدولة قد تخلت عن أدوار الشركة عبر طي ملفها نهائيا.

وتعليقا على الموضوع، قال الخبير في الطاقات المتجددة والتغيرات المناخية، عبد العالي الطاهري الإدريسي، إن مصادقة الحكومة على هذا المشروع، “يؤكد لنا أن ملف سامير الذي قطع أشواطا عديدة، أغلق اليوم بشكل لا رجعة فيه”.

وأضاف في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن العديد من الخبراء في المجال الطاقي، الذين أشرفوا على تدبير ملف لاسامير لسنوات، يعلمون بشأن الأدوار الكبيرة التي كانت تقوم بها الشركة والتبعيات الاقتصادية التي نتجت عن توقفها بعد تصفيتها.

وأوضح الإدريسي، أن هذه الشركة لعبت دورا أساسيا في تكرير البترول، على مستوى المنظومة الاقتصادية الوطنية من جهة، كما خففت عبئا كبيرا على الفاتورة الطاقية بالمغرب من جهة ثانية.

وطرح الخبير الطاقي أن إمكانية إعادة إحياء لاسامير، وتجديد جزء من بنيتها الصناعية، كان سيوفر على المغرب فاتورة طاقية كبيرة خاصة وأن المغرب منذ سنة 2009 يتبنى الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة والتنمية المستدامة.

وأكد  المتحدث ذاته، أن المغرب قفز قفزة نوعية في المجال الطاقي منذ اعتماده الطاقات البديلة التي مكنته من تخفيف التبعية الطاقية بالبلدان الأخرى، مشيرا في ذلك إلى أن المغرب يستورد أكثر من 98 في المائة من حاجياته الطاقية من الخارج.

وبخصوص التوجه الحكومي في تصفية لاسامير واستيراد الهيدروكاربور وتكريره، قال المتحدث ذاته أن “هذا التوجه الحكومي “غريب” بشكل كبير وسيكلف ميزانية الدولة مزيدا من المصاريف والأعباء المالية“.

واسترسل موضحا أن التنزيل الإجرائي والمصداقي للقانون المصادق عليه يمكن أن تكون له تبعيات وانعكاسات إيجابية على أسعار المحروقات بخصوص الأثمنة المحددة للمستهلك التي ستراعي القدرة الشرائية للمواطنين وتخفيف العبء عليهم.

وأشار في هذا السياق إلى تقرير مجلس المنافسة الأخير الذي عاين عدم احترام مجموعة من شركات المحروقات معايير ومبادئ المنافسة المعمول بها، ولا تساير مستجدات السوق الدولية للمحروقات من ناحية التسعير.

وخلص أن التغيير الكبير الذي لحق بقطاع المحروقات والذي تضرر بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وحالات التضخم التي عرفها العالم،  مشيرا في ذلك إلى وجود أمور وصفها بغير ” المقبولة” وغير ” المبررة” نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات التي تفوق حسبه طاقة المواطن، والتي تنعكس سلبا على أسعار المواد الأساسية والقدرة الشرائية اليومية.

من جهة ثانية، كشفت النقابة الوطنية لصناعات البترول والغاز في الأشهر الماضية، أن طريقة التدبير الحكومي لملف “سامير” كلف وما يزال يكلف المغرب الكثير من الخسارات، ومنها أساسا ضياع الثروة البشرية، وتهالك الأصول المادية، إضافة إلى تضييع فرصة تغطية الديون واسترجاع المال العام 82% من الديون، وتفويت فرصة اقتناص أرباح الاستغلال والتخزين  وتعطيل شروط التنافس في سوق المحروقات واشتعال الأسعار بعد تحريرها.

وأضافت أن شركة “سامير” ما زالت تمتلك كل المقومات الضرورية لمواصلة تكرير البترول واسترجاع المكاسب التي توفرها هذه الصناعة لفائدة الاقتصاد الوطني ولمصلحة كل الأطراف المعنية.

كما صدر بيانا عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في 30 نونبر الماضي، انتقدت فيه قرار مجلس المنافسة القاضي بتغريم 9 شركات عاملة في قطاع المحروقات في السوق الوطنية، بغرامة مالية قدرها 1.8 مليار درهم.

واعتبرت النقابة أن هذا القرار ينحاز لمصالح شركات التوزيع، ولا يبالي لحجم الخسائر التي كابدها المستهلكين والمهنيين والمواطنين، والتي يمكن تقدير قيمتها حسب النقابة في حوالي 60 مليار درهم منذ 2016.

ودعت النقابة إلى توفير الطاقة للمغاربة بالثمن الذي يناسب مدخولهم، وتوسيع القدرات الطاقية، ومعالجتها وفق مقاربة شمولية تهدف لتعزيز الأمن الطاقي الوطني، و التحكم وضبط أسعار المحروقات والمواد البترولية في المغرب، والقطع مع اقتصاد الريع.

وطالبت النقابة بالتشبع بالحس الوطني من أجل إلغاء تحرير أسعار المحروقات والعودة لتنظيمها وإحياء تكرير البترول بشركة سامير المتوقفة منذ 2015.

ويذكر أن شركة”سامير”، الشركة المغربية المجهولة الاسم لصناعة وتكرير النفط، توقف نشاطها منذ سنة 2015،  مما جعل الفعاليات الطاقية في المجال تطالب في العديد من المناسبات،  بإعادة العمل على تكرير البترول من خلال إحيائها من جديد.

ويذكر أن شركة “لاسامير” هي المصفاة الوحيدة في البلاد، حيث كانت تدير “سامير” مصفاة المحمدية تبلغ طاقة إنتاجها 125.000 برميل في اليوم، وتغطي حوالي 90% من حاجيات المغرب من المواد النفطية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News