اقتصاد

المقاول الذاتي.. عنصر أساسي للاقتصاد المغربي لإدماج القطاع غير المهيكل

المقاول الذاتي.. عنصر أساسي للاقتصاد المغربي لإدماج القطاع غير المهيكل

في ظل التطور المستمر الذي يشهده سوق الشغل، تعد ريادة الأعمال الذاتية مجالا خصبا لإحداث فرص الشغل، وفتح آفاق لم تتم الاستفادة منها بعد، أمام فاعلين جدد، يحملون مشاريع تجمع بين الإبداع والتطور المهني.

فبالإضافة إلى تنشيط عجلة الاقتصاد في العديد من القطاعات، يساهم المقاولون الذاتيون ليس فقط في تعزيز منظومة ريادة الأعمال، بل كذلك في تثمين المهن وإمكانات التنمية التي تزخر بها الجهات.

ومن أجل إعطاء دفعة قوية لريادة الأعمال وللمبادرة الخاصة، باعتبارهما عاملين للنمو والابتكار وخلق فرص الشغل، تم إطلاق برامج مهمة مثل “فرصة” و”إنطلاقة” و”أوراش” بهدف توفير كافة الظروف المواتية للشباب لتنفيذ مشاريعهم على أفضل وجه في مختلف المجالات.

ووفقا لإحصائيات حديثة، بلغ عدد المقاولين الذاتيين بالمغرب 406 آلاف و301 سنة 2022، مقابل 363 ألفا و663 قبل ذلك بسنة.

وبحسب تقرير المديرية العامة للضرائب برسم سنة 2022، سجلت الانخراطات الجديدة في النظام انخفاضا بنسبة 34 في المئة، حيث انتقلت من 86 ألفا و023 انخراطا سنة 2021 إلى 56 ألفا و699 سنة 2022.

وكان وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، قد أكد في يوليوز الماضي، أمام مجلس المستشارين، ضرورة تطوير برنامج جديد موجه للمقاولين الذاتيين، والمقاولات الصغيرة جدا والوحدات الاقتصادية غير المهيكلة الراغبة في الاندماج في القطاع المهيكل.

وكدليل على الاهتمام المتزايد بريادة الأعمال الذاتية، أبرز الوزير الحاجة إلى جيل جديد من الخدمات المرتبطة بالتمويل والمواكبة والتكوين. وعلى الرغم من الإنجازات والتقدم الذي تم إحرازه، إلا أن العديد من المقاولين الذاتيين، المنشغلين بشكل أكبر بوضعهم القانوني، ينتظرون اتخاذ تدابير ملموسة تستجيب لتطلعاتهم، خاصة في ما يتعلق بالشق الضريبي.

وينطبق الأمر على ياسين، وهو نجار يعمل لحسابه الخاص، والذي يعتبر ريادة الأعمال الذاتية ميزة في سوق الشغل، ورافعة لتطوير المشاريع المهنية. وأبرز في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه “بفضل وضعي الحالي، تمكنت من تطوير عملي وخدماتي، لا سيما من خلال إعداد الفواتير وتوسيع شبكة المتعاونين معي”.

ومن جهتها، أبدت سهام، وهي صحفية تعمل في إحدى وسائل الإعلام السمعية والبصرية بموجب النظام نفسه، فعبرت عن ارتياحها للشروط والقواعد التي تحكم عملها. وتقول بهذا الخصوص: “بصفتي حاملة لصفة مقاولة ذاتية، أنا في طور بناء مسيرتي المهنية في المجال الذي اخترته، مع الاستفادة من الاستقرار المالي”.

وفي المقابل، توقفت عند مسألة التعامل مباشرة مع المديرية العامة للضرائب، حيث تقول بأسف “أشعر بأنني منفصلة بعض الشيء عن مشغلي من الجانب الضريبي، لأنني مسؤولة عن التصريح بالتزاماتي الضريبية والامتثال لها”.

أما صفاء، وهي مساعدة إدارية تعمل في شركة في القطاع السياحي، فتبدو متوجسة بشأن مستقبلها المهني، بعدما تم تعيينها في إطار هذا النظام. تقول صفاء إن “نظام المقاول الذاتي يستجيب بطريقة أو بأخرى لانتظارات الشباب، لكنني اخترته على مضض، لأن مشغلي اشترط هذا النظام من أجل تشغيلي”.

وبالنسبة للمحلل الاقتصادي محمد جادري، يعتبر نظام المقاول الذاتي عنصرا أساسيا بالنسبة للاقتصاد المغربي، خاصة في ما يتعلق بإدماج القطاع غير المهيكل.

وأوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المقاولين الذاتيين، الذين يستفيدون من التغطية الصحية والاجتماعية، لديهم إمكانية إصدار فواتير للزبناء بشكل قانوني، والتقدم للصفقات العمومية والخاصة.

وأضاف أن هذا النظام يسمح بممارسة مجموعة واسعة من الأنشطة (الاستشارات والتجارة والخدمات والصناعة وغيرها)، موضحا أنه “يمكن للسباك أو التاجر الصغير أو المستشار الذي يقدم خدمات، إصدار فواتير خارج نطاق الضريبة على القيمة المضافة، برقم معاملات لا يتجاوز 200 ألف درهم للخدمات، و 500 ألف درهم للصناعة والتجارة والصناعة التقليدية، ودفع 0.5 أو 1 بالمئة فقط كضريبة على الدخل (حسب خيار نظام المقاول الذاتي)”.

كما أشار إلى أن نظام المقاول الذاتي يتيح عدة مزايا لهؤلاء الأشخاص مقارنة بالمقاولات الصغيرة جدا، التي يتعين عليها أداء ما لا يقل عن 10 بالمئة أو 20 بالمئة من الضريبة على الدخل.

وأوضح أن المقاول الذاتي هو الذي يصرح بنفسه برقم معاملاته ويدفع ضرائبه، مضيفا أنه خلال سنتي 2022 و2023، على الخصوص، تم تسجيل تراجع في عدد التصريحات لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وأبرز أنه “بعبارة أخرى، قامت العديد من الشركات بتحويل مستخدميها (مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والضريبة على الدخل) إلى نظام العمل الحر (فري لانس)”.

وطبقا لقانون المالية لسنة 2023، يتم إخضاع جزء رقم الأعمال السنوي الذي يتجاوز 80 ألف درهم المحقق من طرف مقدمي الخدمات مع نفس الزبون لحجز الضريبة في المنبع بسعر إبرائي محدد في 30 في المائة بدلا من 1 بالمئة.

وبهدف تطوير هذا النظام بشكل إيجابي، مع الحد من الاحتيال وتشجيع المبادرات الشخصية، يؤكد السيد جادري أنه “حان الوقت لرفع الحد الأقصى لرقم المعاملات المحدد في 200 ألف أو 500 ألف درهم”، نظرا لأن المقاول الذاتي سيتجاوز هذا الرقم بكثير في حالة تقديم الخدمات لزبون واحد أو أكثر في السنة.

كما أوصى المحلل الاقتصادي بمحاربة التشغيل المقنع وتفعيل لجان المراقبة من أجل تجنيب العمال النزهاء العقوبات، مسجلا أن رقم المعاملات البالغ 80 ألف درهم يبقى غير كاف، وهو ما يفرض ضرورة تجاوز 100 ألف درهم المحققة مع نفس المورد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News