سياسة

بُطء التحول الرقمي يستنزف مالية الدولة ويضع مزور بقفص الاتهام

بُطء التحول الرقمي يستنزف مالية الدولة ويضع مزور بقفص الاتهام

أكد المجلس الأعلى للحسابات أن إنجازات مخطط المغرب الرقمي 2020 كإطار استراتيجي وطني للتنمية الرقمية لم تحقق بعد النتائج المنتظرة، حيث بقيت دون الطموحات بسبب ضعف انخراط مختلف الأطراف المعنية، مما انعكس سلبا على تطور هذا المجال، لاسيما في القطاع العام، منبها إلى أن هناك تباينا في تبني استراتيجيات رقمية فعلية على مستوى القطاعات الوزارية.

وتم اعتماد الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة عن الفترة 2018-2021، حيث تضمنت محاور متعلقة بالتحول الرقمي، من بينها المخطط التوجيهي للإدارة العمومية، ومنصة التشغيل البين مشتركة بين الإدارات “Gateway gouvernemental”، ونظام المعلومات المتعلق بالموارد البشرية، وجاهزية الخدمات الإدارية للتحول الرقمي.

وسجل المجلس، وفق المعطيات التي قدمتها العدوي أمام البرلمان، أن غياب توجهات استراتيجية وطنية شاملة ومندمجة ينعكس سلبا على تنزيل وتنفيذ مشاريع التنمية الرقمية وفق منهجية منسجمة ومتناسقة ومعتمدة من جميع الأطراف، وتتجلى أوجه القصور أساسا في المجالات المتعلقة بتطوير الخدمات عبر الإنترنت وقابلية التشغيل البيني، وتطوير الاقتصاد الرقمي وترسيخ السيادة الوطنية الرقمية، وتجاوز الفجوة الرقمية.

ويعتمد تمويل المشاريع في هذا المجال أساسا على الاعتمادات المبرمجة في ميزانيات الوزارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، وذلك في غياب آليات تمويل ترتكز على التعاضد والتكامل بين مختلف المتدخلين من أجل ترشيد النفقات.

وقدم التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات مجموعة من المعطيات تكشف عن اختلالات كبيرة في تدبير ورش التحول الرقمي بالمغرب، والتي بسببها تُستنزف المالية العمومية استنزافا وتتأخر المشاريع عن مواعيدها المقررة، وكل ذلك يُنْتِج هدرا للزمن الإصلاحي لا أحد يتحمل تكلفته.

ومن النماذج التي تؤشر على ذلك ما ساقه التقرير عن الاختلالات التي اعترت إرساء مشروع التشغيل البيني بين الأنظمة المعلوماتية للإدارة العمومية، إذ يؤكد أنه “تم إدراج مشروع التشغيل البيني بين الأنظمة المعلوماتية على مستوى جميع الاستراتيجيات التي تبناها المغرب بما فيها استراتيجية المغرب الإلكتروني 2010 ومخططي المغرب الرقمي 2013 و2020”.

وسجل المجلس الأعلى للحسابات ضعف تعبئة التمويلات عن طريق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وكشف أنه رغم توفر صندوق الخدمة الأساسية للمواصلات على موارد إجمالية بلغت في سنة 2021 أكثر من 4.4 ملايير درهم، وهو نفس المبلغ برسم 2022، فإن إجمالي النفقات لم يتجاوز 142485 مليون درهم سنة 2021 و 676,03 مليون درهم خلال سنة 2022 أي ما يمثل على التوالي 9.6 بالمئة و15.3 بالمئة من الموارد الإجمالية.

وأشار الرئيس الأول لمجلس الحسابات إلى أن هذا الصندوق يساهم في تمويل مجموعة من المشاريع في القطاع العمومي لتطوير وتحديث شبكة الأنترنيت وتوسيع مجالاتها وكذا خارطة الطريق للتحول الرقمي التي تتولى الإشراف عليها وكالة التنمية الرقمية.

ويرى المجلس أن التوظيف الأمثل للموارد المتاحة لدى الصندوق رهين بتحديد الأولويات وبرمجة المشاريع القطاعية المعنية وأجال تنزيلها وكذا باعتماد آليات التتبع والتقييم الدوري.

وبالنسبة للتحول الرقمي في القطاع العام، نبه المجلس الأعلى للحسابات إلى أن تنفيذ المشاريع في هذا المجال صعوبات على مستوى التخطيط والقيادة، بينما تتسم البنية التحتية تتسم بقدمها وعدم تجانسها، وتشكل الفجوة الرقمية تحديا حقيقيا لنجاح ورش التنمية الرقمية بالنظر لوجود ساكنة مهمة لا تتوفر على الإمكانيات والمعدات الضرورية لولوج العالم الرقمي، وكذا لضرورة توفير ضمانات كافية تحمي الحقوق والمعطيات الشخصية.

وفي هذا الصدد، شدد المجلس على ضرورة اعتماد استراتيجية وطنية مندمجة للتنمية الرقمية تأخذ بعين الاعتبار الحاجيات، مع تحديد أهداف واضحة وتوفير الوسائل اللازمة لتمويل المشاريع والآليات الكفيلة بتحسين الحكامة والتتبع والتقييم.

ودعا مجلس الحسابات إلى ضرورة تسريع مشروع قابلية التشغيل البيني بين نظم المعلومات، وكذا تعزيز حماية الأنظمة المعلوماتية من المخاطر التي تمس بسلامتها وبسرية البيانات وصدقيتها، مطالبا بتعزيز البنية التحتية للاتصالات بغية ضمان جودة الربط بالشبكة وملاءمة كلفته، وكذا تمكين مختلف الساكنة من الولوج للعالم الرقمي مع تعزيز الحماية من مخاطر الأنترنيت.

وبخصوص تقييم برامج واتفاقيات التنمية الترابية المندمجة، كشف المجلس أن المخرجات الأساسية لهذه المهمة الموضوعاتية، أسفرت اعتماد ما مجموعه 236 برنامجا واتفاقية تتعلق بالتنمية الترابية المندمجة، خصصت لها تمويلات عمومية تزيد عن 225 مليار درهم، وقد حظي منها 78 برنامجا واتفاقية إطار بالتوقيع عليها أمام أنظار الملك محمد السادس، بغلاف مالي إجمالي يفوق 180.5 مليار درهم.

ومن حيث التنفيذ المادي لهذه البرامج، أكد المجلس الأعلى للحسابات أن ما مجموعه 31 بالمئة منها عرفت الانتهاء التام من كافة أشغال مشاريعها، في حين أن 50 بالمئة من البرامج المندمجة لا تزال قيد التنفيذ، مشددا على ضرورة وضع كافة الآليات والإجراءات العملية لتجاوز هذه الاختلالات من أجل ضمان إنجاز هذا الصنف من البرامج داخل الآجال المحددة وبلوغ أهدافها الاجتماعية والاقتصادية.

ونبه المصدر ذاته إلى أن 19 بالمئة من هذه البرامج تعرف تأخرا في استكمال تنفيذ مجموع مشاريعها أو لم يتم الشروع فيها، وذلك لمبررات تتعلق بالتأخر في تعبئة أو الإفراج عن المساهمات المالية والعقارية للشركاء، وبإسناد التنفيذ المادي لمكونات البرنامج الواحد إلى أكثر من صاحب مشروع مع ضعف آليات التنسيق ووضع أجال غير واقعية في بعض الحالات.

ومن حيث استغلال المشاريع موضوع هذه البرامج، انتقد المجلس تأخر عمليات تسليم مجموعة من المرافق والمنشآت ويعزى ذلك في أغلب الحالات إلى غياب تصور قبلي حول طرق تدبير المشاريع مما يترتب عنه تأخير تسليمها إلى الجهة المكلفة بالاستغلال وتأجيل الشروع في العمليات التشغيلية وبالتالي استفادة الساكنة منها.

وبخصوص الإشراف على البرامج والاتفاقيات وتتبعها، سجل المجلس ضعفا على مستوى إدارتها نتيجة عدم تعيين مسؤولين عن البرامج، ونتيجة عدم وضع منظومة لرصد المخاطر وجمع المعلومات وغياب للوحات القيادة الكفيلة بتحديد وقياس مدى إنجاز الأهداف المسطرة وضعف آليات التتبع والمواكبة والافتحاص الداخلي المرتبطة بتنزيل البرامج والإشراف عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News