سياسة

هل تُعقد “المعارضة” من مهمة أخنوش لتشكيل الحكومة الجديدة؟

هل تُعقد “المعارضة” من مهمة أخنوش لتشكيل الحكومة الجديدة؟

رغم حُصوله على أغلبية مريحة ضمن عدة سيناريوهات ممكنة لتشكيل الحكومة المقبلة، حيث يتوقع بعض المراقبين أن تكون مهمة رئيس الحكومة المكلف عزيز أخنوش سلسلة ودون صعوبات، إلا أن رغبة أغلب الأحزاب التي حزات على المراتب الستة الأولى على المشاركة في الحكومة الجديدة وعدم تصريحها بشكل رسمي حتى الآن على التوقع في صفوف المعارضة، قد يعقد من مهمة رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار في تشكيل الأغلبية الحكومية.

وفيما عبر حزب التجمع الوطني للأحرار الفائز بنتائج الانتخابات عن استعداده للتعاون وطنيا ومحليا مع كل القوى السياسية الوطنية لتكوين تحالفات منسجمة وقوية قادرة على تدبير الشأن العام بنجاعة وفعالية خدمة للمواطنين، أبدت عدد من الأحزاب رغبتها -وإن بشكل ضمني- للدخول في حكومة أخنوش المرتقبة، في وقت أعلنت أحزاب أخرى اصطفافها في المعارضة، كما هو الشأن لحزب العدالة والتنيمة الذي خرج خاسرا من اقتراع شتنبر، والحزب الاشتراكي الموحد الذي يدخل البرلمان منفردا بعد فك ارتباطه مع أحزاب فدرالية اليسار.

شروط تحالف الأحرار

ويُرتقب أن يستقبل عزيز أخنوش رئيس الحكومة المعين في غضون الأسبوع المقبل، كل من الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، والأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، وذلك ضمن مشاروات تشكيل الحكومة التي كلفه بها الملك محمد السادس، عقب تصدر التجمع الوطني لنتائج اقتراع الثامن من شتنبر.

في غضون ذلك، أكد رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، أن الأحزاب التي سيتحالف معها، يتعين أن تجمعه بها رؤية موحدة وبرنامج حكومي طموح، من أجل “تكوين أغلبية رصينة”، معتبرا في تصريحات أدلى بها عقب فوز حزب “الحمامة” بالانتخابات البرلمانية، أن “برنامج حزبه سيشكل قاعدة تفاوضه مع الأحزاب الوطنية لبناء أغلبية قوية ومنسجمة، لإحداث “القطيعة مع الماضي”.

من جانه، أكد رشيد الطالبي العلمي، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار الفائز في الانتخابات التشريعية لاقتراع 8 شتنبر الجاري، أن المشاورات مع باقي الأحزاب السياسية الوطنية من أجل تشكيل الأغلبية الحكومية ستنطلق الأسبوع المقبل، مشدّدا على أن البرنامج الحكومي سينبني على الوعود المقدمة للمواطنين في الحملات الانتخابية.

وشدّد العلمي، ضمن لقاء صحفي عقده أمس السبت بمقر حزب الأحرار بالرباط، على أن البرنامج الحكومي سيكون انطلاقا من الوعود الانتخابية التي تم تقديمها في الدعاية الانتخابية، مؤكدا أن المغاربة “صوّتوا على التغيير ويبحثون عن التغيير، وينتظرون حكومة قوية وناجعة لمواجهة أزمة جائحة فيروس.”

تردد الأحزاب الفائزة

وبدا من خلال التصريحات الرسمية للأحزاب المرشحة للدخول للحكومة المقبلة، أن هناك “التباسا” في مواقفها بشأن امكانية التموقع ضمن صفوف المعارضة، بحيث لم يحسم أي من الأحزاب موقفه بهذا الشأن وظل “التردد” سيّد الموقف، وبهذا الخصوص قرر حزب الأصالة والمعاصرة عقد دورة استثنائية مستعجلة للمجلس الوطني للحزب للبت في موقفه من المشاركة في الحكومة.

وحول ما إذا كان “الجرار” يرغب المشاركة في حكومة أخنوش المرتقبة، جدد أعضاء المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، “الدعوات المتكررة التي عبر عنها  الحزب منذ مؤتمره الرابع بإعلانه “القطع مع جميع الخطوط الحمراء” مؤكدين أن “الأهم بالنسبة لحزبنا هو احترام برنامجه الانتخابي، وتوجهاته الكبرى، ومبادئه الديمقراطية الحداثية التي لا تنازل عنها؛ لذلك سيظل حزبنا مستعدا لخدمة الصالح العام من جميع المواقع”.

وفي نفس السياق، دعا المجلس الوطني لحزب الاستقلال إلى عقد دورة استثنائية يوم السبت المقبل، من أجل الحسم في المشاركة في الائتلاف الحكومي الجديد، بعد احتلاله المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية للثامن من شتنبر الجاري.وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 81 من النظام الأساسي والمواد 117 و122 و134 و135 من النظام الداخلي للحزب.”

ويتمحور جدول أعمال هذه الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب ،وفق بلاغ لحزب الاستقلال حول “نقطة فريدة هي تقييم النتائج الانتخابية وآفاق التحالفات السياسية المستقبلية، مشيرا إلى أن هذه المحطة التنظيمية ستُعقد “على إثر النتائج المشرفة التي حققها حزب الاستقلال في الاستحقاقات الانتخابية التي أجريت ببلادنا يوم الأربعاء 08 شتنبر 2021، وتفعيلا لقرار اللجنة التنفيذية للحزب في اجتماعها المنعقد يوم الخميس الماضي.”

وفي وقت لم يبد فيه حزب التقدم والاشتراكية أي موقف من التحالفات المرتقبة بخصوص تشكيل الحكومة المقبلة، حيث اكدت البلاغ الصادر عن مكتبه السياسي بالإشارة إلى “اعتزازه بالنتائج التاريخية وغير المسبوقة التي حققها حزبُ التقدم والاشتراكية خلال هذه الاستحقاقات، أكد حزب الاتحاد الدستوري أنه” سيستمر في التعبئة الشاملة من أجل كسب مناصب المسؤولية في مختلف المؤسسات المنتخبة”، معتمدا “انفتاحه الدائم على جميع الهيئات السياسية، ومتشبثا بالثوابت المقدسة للبلاد وقيم المواطنة”.

وفيما يبحث عن أكثر من 100 مقعداً من أجل تشكيل حكومة مريحة، يذهب مراقبون إلى امكانية تشكل تحالف حكومي بين الأحزاب الثلاثة الأولى التجمع الوطني للأحرار (102 مقعد)، وحزب الأصالة والمعاصرة (86 مقعدا)، وحزب الاستقلال (81 مقعدا)، بأغلبية 269 مقعدا.

صعوبة توزيع الحقائب

وبهذا الخصوص، يرى اعتبر المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، منار اسليمي أن على حزب الأصالة والمعاصرة أن يتجه للمعارضة لأسباب ضمنها الحفاظ على تماسك الخط السياسي الذي تبناه البام بقيادة وهبي خاصة في علاقته مع الأحرار، وصعوبة توزيع الحقائب الوزارية في حكومة تضم البام والأحرار والاستقلال وتحقيق التوازن بين الأغلبية والمعارضة في البرلمان.

واعتبر اسليمي، أن دخول التجمع والبام وحزب الاستقلال في حكومة واحدة يجعل توزيع الحقائب الوزارية صعبا ،لانها أحزاب، وخاصة البام، ستطالب بقطاعات استراتيجية يريدها حزب رئيس الحكومة ،كما ان ثلاث أحزاب بهذا الشكل سيخلق صراعا على منصب رئاسة مجلس النواب،وهذه الصراعات تجعل التحالف الحكومي مهددا في اي وقت .

وسجل المحلل السياسي ذاته، لايوجد تقارب بين الأحرار والبام، من حيث البرامج وترتيب الأولويات ،بينما يبدو حزب الاستقلال مرنا وتزداد هذه المرونة والتقارب بوجود التجمع والاستقلال والاتحاد الاشتراكي ،حيث يصبح التجمع مدعوما بحزبيين تاريخيين من الكثلة الديمقراطية .

من جانبه، أكد أستاذ علم السياسة بكلية الحقوق بالمحمدية عمر الشرقاوي، أنه في ظل استبعاد الرهان على حزب العدالة والتنمية  كقوة معارضة، بعد فشله في الانتخابات، فليس “لنا من حل سوى الاختيار بين حزبين قويين هما الاستقلال و الأصالة والمعاصرة، للعب دور المعارضة وحماية حقوق المجتمع ومحاسبة الحكومة ومنع تغولها.”

وأوضح  الشرقاوي، أن حزب الأصالة والمعاصرة يضع عينه على رئاسة مجلس النواب، ولن يتنازل عنها بسهولة ولن يتحقق له ذلك إلا بدخول الحكومة، لأنه  يعتقد أن الشعب الذي بوأه المرتبة الثانية، حمله بذلك مسؤولية تنزيل برنامجه، معتبرا في المقابل أن ” الوضع المقبل صعب بلا شك ويحتاج ضمن ما يحتاج لحكومة وبرلمان قويين واغلبية ومعارضة فاعلين، لكي لا تكون المؤسسات في مواجهة الشارع”.

وسجل المتحدث ذاته، أنه بالنظر إلى أن “حزب الاستقلال يتوفر على امتدادات مجتمعية وأذرع موازية من شأنها ان تشكل ذراعا واقيا للحكومة، فإنه الأولى بالمشاركة في الحكومة، ويبقى البام هو المرشح الأقوى لقيادة لسيناريو 2026 اذا ما قاوم قدر الفناء”، معتبرا في المقابل، أن  “سيناريو دخول الأحرار والبام والاستقلال للحكومة، يعد مغامرة غير محسوبة العواقب في ظل سياق اجتماعي  سيشرع في تسخيناته ابتداء من شهر اكتوبر المقبل”.

مخاطر ضعف المعارضة

من جهته، يؤكد المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط عبد الحفيظ ادمينو، أنه بالنظر لما أفرزته نتائج الاقتراع، فسنكون أمام احتمالين اثنين لتشكيل الحكومة المقبلة، ويتعلق الأول منها بالأحزاب الأربعة التي تكفي نتائجها لتشكيل أغلبية مريحة، معتبرا أن من “مخاطر هذا السيناريو أنه سيخلق معارضة برلمانية ضعيفة جدا، بحيث في حال دخول حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال للحكومة فسنكون أمام أحزاب لا تجربة لها في المعارض، خاصة تلك التي آلِفت الحكومة.

وحول الحزب الأقرب إلى عدم الدخول إلى الأغلبية الحكومية المقبلة، قال ادمينو، إن الأصالة والمعاصرة مرشح للعودة إلى صفوف المعارضة، “إذا ما أخذنا جملة من المعطيات، وفي مقدمتها أن البام من ضمن الأحزاب السياسية التي ركزت ضمن خطابها التواصلي خلال الحملة الانتخابية، أنها سترأس الحكومة وستتصدر نتائجها وهو ما يضع عبئا على الحزب من حيث طبيعة الخطاب الذي روجته قيادة الحزب”.

وبخصوص دخول حزب الاستقلال للحكومة المقبلة التي كلف رسميا عزيز أخنوش بتشكيلها، قال ادمينو إنه إذا لم يغير رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار موقفه من حزب “الميزان” الذي سبق له أن رفض دخوله إلى حكومة ابن كيران في نسختها الثانية، مشيرا في السياق ذاته إلى أن يبدو أن هذا المسار قد تغير بالنظر إلى أن مسار تحضير الانتخابات وخلال الأجواء التي سبقت اقتراع شتنبر لم نشهد أي مناوشات بين حزبي الاستقلال والأحرار.

وأوضح ادمينو، أن تشكيل الحكومة من الناحية السياسية، ينتظر أن يكون سلسا على خلاف ما وقع سنة 2016، غير أن تدبير عملية التفاوض بين الأحزاب الراغبة في الدخول إلى الحكومة، سيكون صعبا، لاسيما أن الحزب الفائز بالانتخابات اشترط عقب تصدره لنتائج الانتخابات، أن يكون برنامجه الانتخابي هو الأرضية التي على أساسها سيتم التفاوض بين الأحزاب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News