بيئة | مجتمع

فلاحون يتنفسون الصعداء.. هل تُنقذ الأمطار الموسم الزراعي من خطر الجفاف؟

فلاحون يتنفسون الصعداء.. هل تُنقذ الأمطار الموسم الزراعي من خطر الجفاف؟

أنعشت التساقطات المطرية المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية التي تصدرت فيها الجديدة سلم المقاييس، آمال الفلاحين من جديد، الذين استبشروا خيرا بغيث السماء بعد أشهر طويلة من شح الأمطار، مؤكدين أن التساقطات الأخيرة من شأنها أن تسهم في تجويد الحالة الصحية للزراعات الربيعية.

شهدت معظم جهات المغرب تساقطات مطرية “قياسية” خلال الأسبوع الجاري بعد فترة طويلة طويلة غلب على معظمها “الجفاف”.وقد أنعشت هذه التساقطات “القياسية” في العديد من بوادي وحواضر المملكة آمال الفلاحين في موسم زراعي “مبشّر”، بخلاف ما شهدته السنوات الماضية.

الفلاحون الصغار بإقليم أزمور الذي يبعد شمالا عن مدينة الجديدة بـ15 كلم، عبروا  عن آمالهم التي أحيتها التساقطات المطرية، رغم تخوفهم من استمرار شح السماء الذي تسبب في ضياع العديد من المحاصيل الزراعية والخضروات التي تنتجها الضيعات الفلاحية بالإقليم.

في هذا السياق، يرى محمد ايت عامر من فلاحي منطقة أزَمُّور التي توجد على الضفة اليسرى لمصب نهر أم الربيع، أن الفلاحيين تضرروا من مواسم الجفاف المتتالية، مضيفا أن “غلاء الأعلاف والأسمدة سببا كسادا للقطاع الذي تعيش منه غالبية سكان الدواوير المجاورة للمنطقة”.

وأضاف في تصريح لجريدة “مدار 21″، أن التساقطات التي عرفتها المنطقة هذا الأسبوع، كانت مهمة رغم قلتها، مشيرا في نفس الوقت إلى أن سكان الدواوير التابعة لأزمور يعيشون ” واقعا مؤلما” بسبب جفاف مصب أم الربيع الذي كان يغطي جميع حاجياتهم المعيشية من خلال بيع المنتوجات الفلاحية التي تسقى من النهر.

وسجل أن الفلاحين لا يصلهم أي دعم من الدولة في الأعلاف، وأورد:”هاد العام الجفاف والناس غايموتوا ليهم البهايم”، و أن معظم الفلاحين الصغار بالدواوير تخلوا عن أبقارهم وأغنامهم من خلال بيعها بثمن زهيد، وذلك بسبب غلاء الأعلاف وعدم دعم الوزارة للفلاح الصغير.

ونبه المتحدث ذاته، إلى فقدان الحليب من الأبقار نتيجة كميات المزروعات والأعشاب القليلة المتواجدة بالمحاصيل التي لا تكفي قطيعا من المواشي، مردفا: أن ” الأرض أصبحت حمراء”.

من جانبه، قال المهندس الزراعي محمد آيت عطا، إن هذه التساقطات تبقى مهمة، رغم أنها لم تأت بشكل عام شمل مختلف ربوع المملكة، بل جاءت على شكل متفرق شمل بعض المناطق دون أخرى.

وأضاف آيت عطا في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، “نحتاج إلى متوسط 25 ملم من التساقطات في ما تبقى من أيام شهر يناير الجاري لرفع المخزون المائي، وإنقاذ المناطق الزراعية  التي تضررت من الشمس الحارقة التي شهدتها في منتصف الشهر الجاري”.

وحذر  المهندس الزراعي من أن المغرب يعيش “خطرا حقيقا” يهدد الموارد المائية التي استنزفت بطرق غير معقلنة، مما أدى إلى نفاذ المخزون الاستراتيجي، معتبرا أنه ” إذا استمرت هذه الانتكاسة المطرية سنعيش جفافا على مستوى الماء الشروب ولن يقتصر الأمر فقط  على سقي المزروعات والضيعات الفلاحية”.

ووسط توالي سنوات الجفاف ورتاجع المحاصيل بفعل شح التساقطات، تجددت مطالب برلمانية لوزارة الفلاحية و الصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، لإقرار الدعم المادي المباشر للفلاحين المتضررين من الجفاف.ونبه نواب إلى  أن الظروف المقلقة التي يعيش في ظلها الفلاحون الصغار، في الآونة الأخيرة، على جميع المستويات، عمقت من فقرهم وأزمتهم بشكل قوي من حيث  أوضاعهم المعيشية، كما دفعتهم إلى الهجرة ومغادرة مناطقهم القروية.

وسجلت نادية التهامي، برلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية أن”الفلاحين الصغار، قاوموا بقوة أوضاعهم، وظل الكثير منهم متمسكاً بأرضه، رغم قلة التساقطات وتوالي سنوات الجفاف، مما أدى إلى خصاصٍ مائي مهول، أوصل هؤلاء الفلاحين الصغار إلى النفق المسدود”.

 ونبهت البرلمانية في سؤال كتابي موجه لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، حول الإجراءات التي تنوي الوزارة اتخاذها للنهوض بأوضاع الفلاحين الصغار، إلى غلاء مواد مدخلات الإنتاج الفلاحي، وإلى الدعم الحكومي غير الكافي لتجاوز محنتهم، إضافة إلى  نقائص الاستراتيجيات الفلاحية للحكومة، والتي أسهمت في تعميق أزمة المياه، مما جعل بلادنا تعيش حالة إجهاد مائي مع توالي سنوات الجفاف”.

وشددت عضو الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية، ضرورة نهج سياسة جديدة تدعم الفلاح الصغير وتحميه من جشع الظروف والمضاربين العقاريين الذين أصبحوا يستغلون الظروف المناخية وحالة الطقس، كأوراق رابحة، لاقتناء أراضي الفلاحين البسطاء، مما يؤدي إلى هجرتهم المتنامية نحو المدن، لينضافوا إلى الأعداد الهائلة من أحزمة البؤس بضواحي المدن الكبرى”.

في مقابل ذلك، أكد محمد صديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن المغرب يعيش “وضعا مناخيا استثنائيا عنيفا” منذ أكثر من 6 سنوات مقارنة مع مراحل الجفاف التي عرفتها، لا سيما خلال التسعينيات.

وفي معرض جوابه على أسئلة النواب حول ” تقدم الموسم الفلاحي الحالي”، نبه صديقي إلى  تراجع متوسط واردات المياه بالسدود من 18 مليار م3 في السنة خلال الفترة ما بين 1945 و 1980 إلى أقل من 14 مليار م 3 في السنة خلال الفترة ما بعد 1980، بينما انخفض إلى أقل من 5 مليار م 3 في السنة خلال الخمس سنوات الأخيرة أي تقلص بأكثر من الثلثين.

وأعلن وزير الفلاحة، أن معدل التساقطات  بلغ إلى حد الآن 77 ملم، أي بتراجع بلغ 54 في المئة مقارنة مع معدل 40 سنة (170) ملم) وبنسبة 44 في المئة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية (137) (ملم) ، والتي كانت جافة بدورها.وسجلت الواردات 600 مليون م3 أي بنقص 83 بالمئة مقارنة مع معدل الواردات، مع نسبة ملئ السدود  22 بالمئة مقابل 29 خلال الموسم الفارط في نفس الفترة.

وأوضح المسؤول الحكومي أنه في الدوائر السقي الكبير لا تتعدى المساحة الزراعات 40 ألف هكتار من أصل 75 ألف هكتار أي بانخفاض 44 بالمئة، لافتا إلى هذ الوضع على الحصة المائية للسقي بدوائر الري الكبير حيث لا تتعدى 680 مليون م3 مقارنة مع الحصة المخصصة في المخطط المائي (5376 مليون م3) ، أي بنقص 88 بالمئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News