افتتاحية

المغرب يُخرس ألسنة السوء بشرف حقوقي عالمي

المغرب يُخرس ألسنة السوء بشرف حقوقي عالمي

كاد انتخاب المغرب على رأس مجلس حقوق الإنسان ليمر عاديا لولا أن أعداء هذه البلاد ركبوا “هبلهم” وأرادوا الدخول في منافسة محمومة مع المغرب، لم يكن من نتائجها إلا أنها أسقطت ورقة توت إضافية عنهم، وهذه المرة حقوقيا.

وبالقدر الذي أبهج إعلان انتخاب المغرب رئيسا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قلوب المغاربة وأصدقائهم، فإنه نزل مثل قطعة ثلج على من اعتادوا المزايدة على المغرب بهذه الورقة من الأعداء والخصوم، في دلالة لا تخطئها العين على الاعتراف العالمي بمكانة المغرب حقوقيا وسياسيا، إذ يُخرس هذا التتويج الجديد ألسنة السوء ومن اعتادوا الصيد في المياه العكرة.

ولم يأت انتخاب المغرب رئيسا لمجلس حقوق الإنسان، الذي يعد أعلى هيئة تسهر على مراقبة التزام الدول بالحقوق على المستوى العالمي، نتاج للصدفة بل هو اعتراف، وإن جاء متأخرا، بما راكمته المملكة على الصعيد الحقوقي على أكثر من عقدين من الزمن، طوى خلالها المغرب صفحة ماضي الانتهاكات مباشرا صفحة الرقي بمجال الحقوق.

ولأن الإنجازات يجب أن تُرجع لأصحابها، فإن الملك محمد السادس أول من ينبغي الإشادة به في هذا الباب، خصوصا وأنه وضع المغرب على السكة الأصج منذ إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة وجبر ضرر ضحايا سنوات الجمر والرصاص، وصولا إلى مأسسة حقوق الإنسان عبر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ثم المجلس الوطني لحقوق الانسان، ثم دستور 2011 الطي ارتقى بحقوق الإنسان وأكد ضمن ديباجته تشبث المغرب بها.

إضافة إلى ما تقدم، أحرز المغرب تقدما على مستوى إقرار حقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقة، كما باشر أوراشا اجتماعية مهمة تعزز مختلف الحقوق الإنسانية، إضافة إلى عمله على أنسنة الأمن وأماكن الحرمان من الحرية، وتعامله بصرامة مع التجاوزات الحقوقية التي قد تحدث.

هذا الانتخاب من جانب آخر هو صفعة قوية لأعداء الوحدة الترابية المغربية، خاصة الجزائر وجنوب إفريقيا، البلدين الذين يمولان حملات ضد المغرب على حساب الارتقاء بأوضاع شعوبهما على مختلف الأصعدة، ولا سيما المستوى الحقوقي، الذي يصنفهما كتلميذين كسولين في مقاعد الحقوق والحريات.

ولعل الصفعة أمست أقوى عندما دخلت جنوب إفريقيا السباق لحرمان المغرب من هذا الشرف، غير أن الإجابة وصلتها صاعقة بعد تصويا 30 عضوا من مجموع الأعضاء الـ 47 بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لصالخ المغرب، مقابل حصول ترشيح بريتوريا على 17 صوتا فقط، والأمّر من ذلك أنه من أصل 13 بلدا إفريقيا شاركوا بالتصويت، صوت لصالح المغرب 10 بلدان، وهذه وحدها كافية لتفتح عيون المشككين على المكانة الحقيقية للرباط بالقارة السمراء.

شرف رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان يعكس أيضا مكانة المغرب الديبلوماسية التي لم تعد إنجازاته تفاجئ المغاربة، بعد تواليها على مختلف الأًصعدة، إذ بات المغرب متموقعا بشكل جيد على الساحة الدولية وله مكانته واحترامه الذي لا يبنيه على “ديبلوماسية الرشاوى”.

وبالرغم من هذا الشرف فإن المغرب لم يزايد على أحد ولم يدعي وصوله درجة الكمال في حقوق الإنسان، فهو واعي بشكل جيد لشرطه التاريخي ويعمل بجد ودون تسرع على التقدم في هذا المجال، ولا يضع نفسه بموقع إعطاء الدروس للآخرين، كما فعل البرلمان الأوروبي مع المملكة قبل أشهر، قبل أن يخيب مسعاه، ولعل اللحظة التاريخية حاليا فرصة معتبرة لمن كانوا خلف “مؤامرة الحقوق” لتصحيح أخطائهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News