مجتمع

هل ينهي هدم البيوت بضريح “مول المجمر” حكاية المشعوذين؟

هل ينهي هدم البيوت بضريح “مول المجمر” حكاية المشعوذين؟

شرعت السلطات المحلية بمدينة الدار البيضاء، بأمر من والي الجهة محمد امهيدية في إشعار ساكنة منطقة سيدي عبد الرحمان بعين الذئاب من أجل الإخلاء الفوري للمنازل العشوائية وإفراغ المساكن الموجودة على مستوى الضريح والتي تستغل لممارسة طقوس معينة.

واختلفت آراء ساكنة مدينة الدار البيضاء بعد هذا  القرار، بين من يفضل هدم المكان كاملا وإعماره بمناطق سكنية، وبين من يفضل تغييره إلى وجهة سياحية تشمل فنادق ومقاهي وأماكن ترفيهية نظرا للإقبال السياح على المنطقة، مخلفا ذلك ارتياحا كبيرا في صفوف الساكنة نظرا لسمعة المكان الموسومة بممارسات الشعوذة وطقوس التكهن.

وتعليقا على الموضوع، قال علي الشعباني، أستاذ باحث في علم الاجتماع، أنه عندما تثار قضية تدبير بعض الأضرحة تطرح دائما تساؤلات عديدة حول مصدر هذه الأضرحة وتاريخها وعلى من هو مدفون بداخلها.

وأوضح في تصريحه لجريدة “مدار21” أن العديد من الحقائق أظهرت أن هذه الأضرحة المتفرقة بالمغرب، بعضها تُخفي الكنوز، وبعضها مجهول تاريخه.

وأضاف المتحدث نفسه، أن سكان المنطقة التي يوجد بداخلها الأضرحة، “يقومون باستغلالها ليسقطوا في شباكهم شريحة واسعة من بسيطي الفهم وضعيفي الإيمان أو السذج إن صح التعبير”، مضيفا أن “طلبات هؤلاء  الناس ومصالحهم الشخصية المستعصية التي يسعون إلى تحقيقها من أجل القضاء على الحاجة والفقر، أو الحصول على الأبناء بالنسبة للنساء العقيمات، إضافة  إلى رغبات الرجال والنساء اللواتي يعانين من العنوسة أو غيرها، كلها أمور تسهل من انتشار آفة الشعوذة، وتجعل الناس يلجؤون إلى هذه الأضرحة للتوسل إلى الدجالين  لقضاء حوائجهم”.

وتابع أن ”الطلب انتقل هنا من السماء إلى الأرض، أي من الرجاء من الله إلى التوسل للمدفونين بالأضرحة لقضاء المصالح“، حيث أصبحت هذه الأخيرة حسب الباحث في علم الاجتماع وسيطة بين الخالق والمخلوق.

وأضاف الباحث في علم الاجتماع أنه ‘‘إذا كانت سلطات الدار البيضاء ستعمل على هدم المنازل لتحرير هذه الأضرحة والأماكن المجاورة لها، فإن ذلك سيهدم معه ممارسات الدجالين والمشعوذين واللصوص الذين يتخذون من المكان ملاذا آمنا للسطو وممارسة أعمال السرقة’’.

وبخصوص ثقافة زيارة الأضرحة والتبرك بها، قال الشعباني، إن ثقافة زيارة الأضرحة ثقافة قديمة في المجتمع المغربي، في مختلف بنياته الثقافية وحيث أن انتشار الجهل والأمية جعل من هذه الثقافة تتوسع لتشمل ممارسات كثيرة من بينها البحث عن الأضرحة واستغلالها في ممارسات وطقوس الشعوذة وأعمال السحر والدجل التي لا تمت إلى العقل بصلة. موضحا أن زيارة الأضرحة بالمغرب قديما ارتبطت أساسا بهذه الأمور، مشيرا في الوقت ذاته إلى غياب الوعي والثقافة والتحليل الرزين، الذي تظهر في  غيابه كل أنواع هذه الطقوس.

وسجل الباحث في علم الاجتماع الانتشار الواسع الذي بات يعرفه المجتمع المغربي لأعداد الأضرحة والسادات، وقال ‘‘هناك بعض الأضرحة التي لا توحي بما توحي إليه”، مشيرا في ذلك إلى ضريح مولاي يعقوب الذي يحتوي على مياه معدنية يعتبر البعض أن لها آثار إيجابية على الآلام الجسدية والجروح والأمراض الجلدية، إضافة إلى ضريح سيدي حرازم الذي  يسقط الحصى عن أمراض الكلي، حيث هناك من يأتي بأتربة هذه الأضرحة أو مياه منابعها معتبرا أنها مقدسة ومباركة وتعالج الأمراض.

وأضاف المتحدث ذاته أن وجود أضرحة عديدة أصبحت عند البعض مؤسسات استشفائية متخصصة، مثل  ضريح بويا عمر الذي جرى إغلاقه سابقا، وضريح سيدي الشافي، الذي يأتي إليه العديد من الزوار من مختلف مناطق المغرب للتبرك وطلب الشفاء، مشيرا إلى أن كل هذه الأمور تشكل أسبابا لارتياد هذه الأضرحة التي أصبحت تنظم بشكل موسمي وسنوي لهؤلاء الناس،ر مضيفا: ”مادام هؤلاء متشبثين بهذه الثقافة فهي ستبقى شائعة ومتجذرة في المجتمع”.

ودعا الشعباني في الأخير إلى ضرورة تعميم مثل هذه القرارات  والممارسات الرامية إلى هدم المنازل التي تشجع على الشعوذة، لكي لا تستمر مشاكل استغلال المواطنين الذين يتم سلب أموالهم والتغرير والتواطؤ بهم بسبب جهلهم.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. الدولة هي من تساهم في هذه الثقافة .. ثقافة الخرافات والتدخين والتجهيل.. ثقافة ممنهجة.. لشعب لا ينهض إيذاء..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News