افتتاحية

“العناد” يُسقط المشروعية عن إضرابات التعليم

“العناد” يُسقط المشروعية عن إضرابات التعليم

لا حديث داخل الأسر المغربية وخارجها هذه الأيام إلا عن إضرابات الأساتذة التي شلّت المدراس العمومية وتركت التلاميذ عرضة للضياع، ذلك أن الإحباط واليأس تسرب لأهالي التلاميذ الذين أعياهم انتظار عودة الحياة إلى المدراس العمومية، وبات الجميع يخشى أن يتحول التلاميذ إلى حطبٍ في معركة شدّ الحبْل بين الحكومة والتنسيقيات، بعدما اتضح أن الأساتذة لن يعودوا في كل الأحوال إلى فصول الدراسة.

لا ننكر أن وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى الذي حملته رياح 8 شتنبر إلى فريق حكومة أخنوش، أوصل القطاع إلى الباب المسدود بسبب “قسوحية الراس” التي استعارها من زميله في الحكومة وزير العدل عبد اللطيف وهبي وهو يتوعد الأساتذة بأنهم لن يفلحوا في لي ذراع الدولة، لكن هذا ليس مبررا لفتح المدرسة العمومية المغربية على المجهول ووضع 8 ملايين تلميذ وتلميذة تحت رحمة الحلول التي قد ترضي وقد لا ترضي.

لقد نالت احتجاجات الأساتذة بكل أطيافهم تعاطفا شعبيا منقطع النظير، حتى من أولياء التلاميذ الذين خرجوا في مسيرات التحمت بنضالات هيئة التدريس الطامحة لرفع الحيف وتحقيق الإنصاف الذي طال انتظاره لعشرات السنين. كان يمكن لاستمرار إضرابات الأساتذة أن يكون لها ما يبررها لو أن الحكومة صمت آذانها وأغقلت باب الحوار، لكن في كل مرة تبدي فيها الحكومة تنازلا تجاه الموقف المتصلب للتنسيقيات مراعاة لمصلحة التلاميذ ورأفة بأولياء أمورهم الذين نفذ صبرهم، تقرر فيه التنسيقيات ركوب قطار الإضراب الذي يسير بسكة التعليم نحو الهاوية.

لابد من القول إن إصلاح المنظومة التعليمية ضرورة وليست اختيارا، والضرورة بطبيعتها تخلف بعض ردود الفعل التي قد تكون مفهومة ومشروعة أحيانا، لكن لا يجب أن ننسى أننا وصلنا إلى أزمة غير مسبوقة في تاريخ منظومة التعليم، بدأت بـ”تعنّت” بنموسى في تنزيل النظام الأساسي وأسفرت عن ركوب التنسيقيات حصان النضال الصدامي.

لا يُجادل أحد اليوم في مشروعية مطالب الأساتذة وفي حقهم رفض الحيف والظلم الذي طالهم لعقود، لكن بالمقابل الدفاع عن أي حق وتملّكه لا ينبغي أن يكون على حساب حقوق الآخرين، خصوصا إذا كان الآخر هو الحلقة الضعيفة التي تؤدي ثمن معركة كسر العظم بين التنسيقيات والحكومة كحال الوضع المريب الذي نعيشه اليوم.

وإذا كان نافل القول أن تعمل هيئة التدريس بمنطق يد تقاتل وآخرى تبني، فإنه بكل الصراحة الممكنة وبكل المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق الجميع حكومة وأساتذة ونقابات وتنسيقيات، لم يعد هناك من مبرر لاستمرار إضرابات الأساتذة التي تضع السنة الدراسية في كفّ عفريت.

الموضوعية تقتضي القول بأن اليد الممدودة للحكومة وبإشراف شخصي من رئيسها عزيز أخنوش، تجاه طي احتقان التعليم، تنتظر تعقّل الأساتذة وتحكيم ضمائرهم من أجل العودة إلى معانقة تلامذتهم، دون أن ينهي ذلك حقهم في مواصلة النضال من مواقع مختلفة لتحقيق المزيد من المكاسب.

الموضوعية كذلك، تقتضي الاعتراف دون عُقد بأن الحكومة كانت أكثر سخاء من سابقاتها -وإن كان ذلك مستحقا لنساء ورجال التعليم الذين يحملون رسالة الأنبياء في تربية النشء- لإنصاف أسرة التعليم ورفع الحيف الذي طالهم لعقود، وهو ما كان يستدعي ردّ التحية بأحسن منها.

فإلى جانب الزيادة الصافية في أجور الأساتذة بـ1500 درهما، حصدت أسرة التدريس مكاسب جديدة ضمن آخر جولة للمفاوضات مع الحكومة، ومنها إضفاء صفة الموظف العمومي على كافة العاملين بقطاع التربية الوطنية، وتحديد مدة التدريس الأسبوعية لأطر التدريس، تخويل تعويض شهري قدره 1000 درهم للموظفين المرتبين في الدرجة الممتازة (خارج السلم)، ابتداء من الرتبة 3 بدلا من الرتبة 5، إضافة الزيادة في التعويضات التكميلية للأساتذة المبرزين بمبلغ شهري صافي قدره 500 درهم واحتسابها في المعاش.

لقد وقف جزء كبير من المغاربة موقف المتابع المنصف والموضوعي لحراك الأساتذة، ودعموا نضالاتهم دون قيد أو شرط. واليوم بنفس المنطق الذي حكم ويحكم تعاطينا مع قضايا الوطن والمواطنين، لا يمكننا إلا أن ننتصر لصوت الحكمة والتبصر، لمناشدة تنسيقيات التعليم ومن خلالها الأساتذة للعودة إلى جادة الصواب استحضارا لمصلحة التلاميذ بعيدا عن أي تأويل أو مزايدات.

تعليقات الزوار ( 5 )

  1. في أي مكان مبدئيا مبررات الإضراب تنتهي عند الشروع في المفاوضات. خاصة في هذه الحالة الملفات كثيرة تراكمت لسنوات. من المستحيل ماديا وليس فقط ماليا حل جميع المشاكل دفعة واحدة. الإستمرار في مقاطعة الأقسام بالتوازي مع المفاوضات لا مبرر له سوى الضغط على الحكومة لتقديم تنازلات بسرعة عبر حرمان التلاميذ من الدراسة و التهديد بسنة بيضاء . على الأساتذة ان يفهموا أن المكتسبات الحقيقية تأتي عبر مفاوضات طويلة الأمد قد تستمر لشهور و شهور . ثم عليهم إعادة النظر في ثمثيلهم النقابي .

  2. هؤلاء تجردوا من الضمير المهني ومن الحدس الوطني وضربوا الشرعية في عمقها برفضهم النقابات كممثل قانوني .يجب القساس منهم

  3. صامدون صامدون ختى تحقيق المطالب.
    بقات 15 اليوم على الاكثر و يتم تحقيق جميع المطالب .مزيدا من الصبر اخواني اخواتي.تحية نضالية.جميع الاساتذة في مؤسستي جاهوم اقتطاع و مصرون على مواصلة النضال حتى تحقيق المطالب.

  4. لم يتك تحديد ساعات العمل،ولم تتم زيادة 1500 درهم إنما 750 درهما هاته السنة و 750 درهم السنة المقبلة. فئة المتعاقدين لم يتم تناول ملفهم والنظام الأساسي خارج الوظيفة العمومية وتم منحهم الاسم فقط دون سند. النظام الاساسي سبب المشكل تم الالتفاف فيه على بعض المواد وتغيير الصياغة فقط. بالمقابل إذا قرأت المخرجات الأخيرة بموضوعية تجد أن من استفاد من التحفيزات وتحسين الوضع هيئات أخرى داخل القطاع وليس الأساتذة. وكفى تضليلا فللأساتذة أبناء داخل التعليم العمومي وهم أيضا يعانون.

  5. لم تحدد الحكومة ساعات العمل.لماذا تكذبون على القراء?اضرب الاساتذة من اجل تخفيظها لكن الوزارةتعترف بانها ساعات اضافية يصعب تخفيفها لانها ستكلفها٤٥ الف منصب وبالتاليستنظر في الملف المطلب لاحق لاحقا لاحقا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News